عاشت مدينة خريبكة المغربية خلال الأسبوعين الفائتين فعاليات مهرجانها السينمائي المتخصص في تقديم السينما الإفريقية، والاهتمام بها عبر المسابقة الرسمية، وعبر الحوارات المقامة حولها في الفترات الصباحية التي يساهم في تقديمها مجموعة من النقاد السينمائيين. هكذا التقى عشاق هذه السينما وعموم الجمهور مع أفلام سينمائية مختلفة تجمع بين سينما المؤلف وسينما الجمهور، وان كانت في عمومها سينما تهتم بطرح القضايا الاجتماعية المرتبطة بهموم هذه القارة سواء في بعدها الذاتي المرتبط ببعض التقاليد التي تعوق طموحها في تحقيق التقدم والخروج من شرنقة المشاكل التي تعترض سبيل تقدمها هذا، أو من حيث علاقاتها مع العالم الأوروبي والأميركي والرغبة في إقامة الحوار في بعده الإنساني المبني على التسامح والتكامل. إضافة إلى هذا، حرصت اللجنة المنظمة للمهرجان على الاحتفاء ببعض رواد هذه السينما، من طريق تقديم فيلم"پمولادي"للمخرج الإفريقي الراحل أوصمان سامبين في يوم الافتتاح، كما أُطلق اسمه على الجائزة الكبرى للمهرجان. أما الأفلام المقدمة في هذه الدورة التي خاضت غمار التباري على الجائزة الكبرى للمهرجان وعلى باقي جوائزه الأخرى فمن ابرزها"فارو، ملكة المياه"للمخرج سليف تراوور من مالي، وپ"دجانتا"للمخرج تهيرو من بوركينا فاسو، وپ"ستمطر فوق كوناكري"من غينيا، وپ"فين ماشي يا موشي"للمخرج حسن بنجلون، من المغرب، و"نداء الحلبات"للمخرج شيخ ندياي من السينغال، وپ"أفريقيا الجنة"للمخرج سيلفيستر أموسو، من بنين، روما وپ"ولا أنتوما"للمخرج طارق تغيلا من الجزائر، وپ"آخر فيلم"للمخرج نوري بوزيد من تونس، وپ"باماكو"للمخرج عبد الرحمان سيساكو، وپ"هي فوضى"للراحل يوسف شاهين وخالد يوسف من مصر، وپ"طباخ الريس"للمخرج سعيد حامد، وهو من مصر أيضاً، وپ"في انتظار بازوليني"للمخرج داود أولاد السيد من المغرب. وتطرح هذه الأفلام الإفريقية المشاركة في المسابقة مواضيع هامة تتعلق بالمشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية، وهي في أغلبها أفلام ذات قضايا عامة تدافع عنها، لكنها وهي تدافع عن ذلك تعالج المسألة بطريقة فنية، تراعي خصوصية الفن السينمائي وتتحكم في أدواتها تحكماً كبيراً، جعل من أغلبها أفلاماً سينمائية تحظى بجوائز مهمة في المهرجانات التي قدمت فيها، وهو أمر ضاعف من مسؤولية الاختيار بالنسبة لأعضاء اللجنة الرسمية للمهرجان ولجنة السينيفيليا المغربية. وقد كرمت هذه الدورة أيضاً إلى جانب المخرج الإفريقي الراحل أوصمان سامبين، صاحب الرائعة السينمائية"مولادي"، المخرج المغربي مومن السميحي الذي قدم للسينما المغربية وبالتالي للسينما الإفريقية مجموعة من الأفلام المهمة، نذكر منها على سبيل المثال شرائطه المطولة:"الشركي"1976 وپ"أسطورة الليل"1981 وپ"قفطان الحب المنقط بالهوى"1987 وپ"سيدة القاهرة"1991، وپ"وقائع مغربية"1993 وپ"العايل"2005، كما كرمت الدورة كذلك المخرج المصري الراحل عاطف الطيب، صاحب الأفلام المتميزة. أما نتائج المهرجان فقد جاءت على الشكل التالي: - الجائزة الكبرى للمهرجان منحت لفيلم"ستمطر في كوناكري"، وجائزة التحكيم لفيلم"مدينة تارتينا"وجائزة السيناريو للفيلم"في انتظار بازوليني"الذي حاز أيضا على جائزة السينيفيليا المغربية، وجائزة المونتاج لفيلم"آخر فيلم"وجائزة أحسن دور نسائي للممثلة ساندرا سوبيكا عن دورها في فيلم"دجانتا"وجائزة أحسن دور رجالي للممثل خالد زكي عن دوره في فيلم"طباخ الريس"وجائزة التصوير لفيلم"فين ماشي يا موشي؟"، في حين مُنحت جوائز شرفية لكل من الأفلام الثلاثة:"هي فوضى"وپ"تسوتسي"وفيلم"باماكو"وهي أفلام سينمائية قوية سواء على مستوى الطرح الفكري أو المعالجة الفنية. يبقى أن نشير إلى أن مهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة وهو يعيش دورته السينمائية الحادية عشرة، يساهم في شكل فعال في التعريف بالسينما الإفريقية بمختلف مدارسها السينمائية وتعبيرها الفني المتعدد الألوان والأشكال ويشكل محطة أساساً ضمن باقي المهرجانات السينمائية المغربية.