يثير مشهد الشاحنات المحملة بالاثاث والافرشة البسيطة للعائلات المهجرة في ديالى مخاوف عائلات اخرى عادت حديثا الى المدينة بعد تلقي بعضها تهديدات جديدة بالقتل في وقت نفى تنظيم"كتائب ثورة العشرين"المسلح علاقته بتهجير الاهالي من المدينة. ودفعت الفوضى الامنية وطابور الشاحنات المحملة بمستلزمات العائلات النازحة يومياً مسؤولي الاجهزة الامنية الى مطالبة الحكومة والقوات الاميركية الاسراع في تنفيذ العملية الامنية المنتظرة في محافظة ديالى وحل الفصائل الشعبية المسلحة المنشقة عن تنظيم"القاعدة". عائلة الحاج محمد النجم واحدة من تلك العائلات التي تنتظر السماح لها بالمرور يومياً عبر السيطرة الرئيسية في المدينة، بسبب انذارها من قبل مسلحين بضرورة العودة الى مناطق نزوحها او اهدار دم افرادها اذا اصروا على البقاء. ومثل عائلة الحاج نجم، تنتظر، عائلة منشد الحسن، الذي يرتسم الرعب واضحاً على معالمه وهو يبحث عن رقم هاتف في نقاله الخاص، مؤكداً ان المسلحين امهلوا 10 عائلات اخرى بينها عائلة شقيقه يوماً واحداً لمغادرة الحي الذي يقطنونه واضطر الى ترك كل ما يملك، قبل ان تنفذ مهلة المسلحين. يقول:"اخشى ان يرتكب المسلحون مجزرة ضد عائلة شقيقي فؤاد الذي اصر على حمل حاجيات منزله كلها لغرض هجرة المدينة والعيش في مدينة اخرى". وكغيرهم من سكان المدينة يخشى سكان ناحية السعدية والمقدادية وبهرز وكنعان ان تكون العملية الامنية المنتظرة كسابقاتها من حيث النتائج، فالإبقاء على الكتائب المسلحة لا يحدث فرقا بما عليه ديالى اليوم. ويؤكد قائد شرطة المدينة اللواء غانم القريشي ل"الحياة"ان"التوقعات بنجاح العملية الامنية الجديدة مقرون بحل اللجان المسلحة، فهناك اقضية ومناطق لا تزال خاضعة لسيطرتها، وبقاء هذه الفصائل يعتبر سببا اولا في العنف وعدم الاستقرار وفي استمرار عناصرها بالاستيلاء على منازل المهجرين وتهديد العائلات العائدة بالموت". ويعتقد رئيس مجلس محافظة ديالى ابراهيم حسن باجلان ان العمليات الامنية السابقة على رغم انها حققت نتائج ملموسة الا انها ظلت محدودة بالنسبة إلى تنظيم"القاعدة"في بعض اجزاء المناطق بعد مرور عام على عمليات السهم الخارق 19 حزيران 2007"حيث ان تنظيم القاعدة لا يزال ناشطا في مناطق اخرى فعودة مئات العائلات المهجرة للنزوح مرة اخرى دلالة على فشل الجهات المعنية في كبح جماح تلك الجماعات المنتشرة في بعقوبة وسواها". كما ان وجهاء في خان بني سعد غرب بعقوبة اعتبروا تجاهل الحكومة لاتفاقاتها مع العشائر سبباً رئيساً في عودة العنف الى مناطق واقضية المدينة. ويؤكد الشيخ احمد ثامر الزركوشي على ان"تردي الاوضاع الامنية بعد الاستقرار النسبي الذي شهدته الناحية، افقد ثقة الاهالي بالعمليات الامنية". من جانبه يحذر نائب رئيس مجلس قوات صحوة عشائر منطقة الوجيهية الشيخ محمد موسى من عودة العنف الطائفي إذا لم تلتزم الحكومة باتفاقها مع العشائر بعد الانتهاء من العملية الامنية، مؤكدا"أن أعمال العنف التي تضرب المحافظة في تصاعد بسبب إهمال الحكومة لاتفاقاتها وعهودها السالفة فضلا عن تقديم الدعم لمجالس الاسناد بغرض تحقيق الاستتباب الامني في ديالى". مصدر استخباراتي يؤكد ان الحملة الامنية ضد"القاعدة"لن تكون سهلة"مع الاعلان عن تجنيد 25 انتحارية للقيام بهجمات ضد القوات العراقية والاميركية فضلاً عن تفخيخ منازل كما تفضي اليه المعلومات". ويرى ايضاً ان"العناصر المتسللة بين صفوف الشرطة والجيش ستمكنها من الافلات والمباغتة علاوة على وجود تأييد لها في بعض المناطق". لكن يونس عبدالله الجبوري، وهو ضابط كبير في الجيش العراقي السابق، يؤكد ان"القضاء على القاعدة او التنظيمات المسلحة الاخرى في ديالى لا يتم عبر العمليات العسكرية الواسعة بل من خلال العمل الاستخباري والمعلوماتي لمباغتة معاقل المسلحين". ويصر مسؤولون حكوميون وامنيون على ان"العنف الطائفي ووجود القاعدة اصبحا مرهونين بتطهير المدينة من التشكيلات المسلحة غير الحكومية"ويعتقد عضو قائمة التحالف الشيعي غزاي درع الطائي ان"المسلحين الذين ينتمون الى التنظيمات التي اعلنت انشقاقها عن القاعدة 4 آلاف مسلح منذ عامين وبينها كتائب ثورة العشرين كانوا سببا في الازمة الامنية الحالية ولا يمكن الاعتقاد بنجاح العمليات الامنية من دون حل هذه الفصائل، خصوصاً مع تهديدها المباشر لعودة العائلات المهجرة فضلا عن وجود صلات سرية بينها وبين القاعدة ودولة العراق الاسلامية". لكن تنظيم كتائب ثورة العشرين ينفي علاقته بعمليات التهجير الجديدة التي تطاول الاهالي في ديالى ويفيد بيان تلقت"الحياة"نسخة منه ووقع باسم"جبهة الجهاد والتغيير"، التي تضم فصائل مسلحة مختلفة ان"برلمانيي العملية السياسية الموهومة يؤدون أدواراً أريدت منهم ، فهذا يدعو قوات الاحتلال الأميركية لتقوم بعملية شاملة لاجتثاث محافظاتنا وذاك يزعم بأن أحد فصائل جبهتنا كتائب ثورة العشرين قامت بالاشتراك في عملية السهم الخارق على محافظة ديالى مع قوات الاحتلال والقوات الحكومية، وهم الآن يمنعون المهجرين من الرجوع إلى مدنهم ومنازلهم". ويضيف البيان ان"جبهتنا وبفصائلها كافة لم تشترك يوماً في عملية عسكرية أو سياسية مع قوات الاحتلال، بل إنها حذرت من الوقوع في شراك الأعداء بحجة حماية مدننا والدفاع عنها والدخول فيما يسمى الصحوات أو اللجان الشعبية أو مجالس الإنقاذ وما إلى ذلك من دعاوى كاذبة يراد بها الإيقاع بالفصائل وتحريف وجهتها عن هدفها الأول وهو إخراج المحتل". ويزيد ان"رؤية جميع فصائل الجبهة ضد تهجير أي عراقي بريء، ولم نقف في يوم من الأيام ضد أي عملية لإرجاع المهجرين أو لإعادة حقوق الناس، لأننا نحن من يطالب بحق الشعب العراقي وبقضيته وفي رفع الحيف عنه وإرجاع ظلم الظالمين في نحورهم". ويختم"ان الانتخابات المقبلة لا تعنينا بأي شكل من الأشكال لأننا نعدها تؤسس للفيديرالية وتقسيم العراق وهو ما يريده أعداء الأمة، وهي جزء لا يتجزأ من مشروع الاحتلال السياسي ضد العراق".