قدّم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أوراقه التفاوضية الأخيرة مع القوى العلمانية، قبيل بدء قضاة المحكمة الدستورية العليا المداولة في قضية حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم، بتهم التحوّل الى بؤرة للانشطة المعادية للنظام العلماني. ويستعد القضاة الاحد عشر في المحكمة للمداولة في الحكم في حظر الحزب الحاكم غداً الاثنين. ومن المتوقع ان تستمر هذه المداولات من اسبوع الى عشرة ايام، وسط اجواء تفاؤلية في الحزب بنجاته من الحظر، وأن خمسة قضاة على الأقل سيصوتون لمصلحته. لكن القوى العلمانية تؤكد أن مصير هذه القضية لن يختلف عن قضايا الحظر السابقة التي انتهت غالبيتها بقرار الحظر بتصويت 9 قضاة ضد اثنين. واعترف أردوغان في حديث الى صحيفة"حرييت"بأنه ارتكب اخطاء، بعد حصول حزبه على نسبة 47 في المئة من اصوات الناخبين في انتخابات تموز يوليو الماضي. لكنه رفض الدخول في تفاصيل هذه الاخطاء، معتبرا أن المهم الآن هو وقف الاستقطاب السياسي الحالي واعادة اللحمة بين ابناء الشعب التركي بكل مؤسساته وتوجهاته. وقال إن استمرار الاستقطاب وتعمق الخلاف سيضر بالجميع، في اشارة فهم منها أنه يعتبر ان حكم المحكمة الدستورية سيعزز الانقسام والاستقطاب. وذكر رئيس تحرير"حرييت"ارطغرل اوزكوك الذي اجرى المقابلة سؤالين مهمّين أجاب عنهما اردوغان شرط تأجيل نشرهما بعد قرار المحكمة. وتطرق احد السؤالين عن كونه نادما لاختيار عبدالله غل رئيسا، والآخر الى قرار قانون الحجاب. وعلق اوزكوك على اجابة اردوغان على السؤالين بالقول إنه متأكد من أن رئيس الحكومة ابعد ما يكون الآن عن روح التحدي والعناد وأنه مستعد لإصلاحات وتغييرات كبيرة من أجل احتضان الطرف العلماني ومصالحته في حال اعطي الفرصة لذلك، و لم يحكم على حزبه بالحظر. وكانت اوساط سياسية اعتبرت ان اردوغان سعى الى المصالحة والتهدئة عقب تقديم الشكوى على حزبه، من خلال تأكيده اكثر من مرة أن استقرار تركيا ومنع الاستقطاب السياسي هو أولويته. وكان جميل شيشيك، احد وزراء حكومة اردوغان اقترح اجراء تعديل وزاري ووقف بعض التعديلات الدستورية والقوانين التي ازعجت الجانب العلماني كتسوية من أجل تبرئة الحزب ورفض الدعوى المقدمة ضده. ونفى شيشيك أن تكون الحكومة ضغطت على المدعي العام في قضية الانقلاب العسكري المعروفة ب"أرجينكون"، من أجل استجواب قيادات عسكرية، علما أن عريضة الادعاء التي كشفت عنها مساء الجمعة خلت من أي تهمة لمسؤول عسكري حالي، ونفت وجود علاقة بين التنظيم الذي اعتبرته ارهابيا وقيادة الجيش. وفسر مراقبون ان هذه الصيغة جاءت وفق اتفاق ضمني بين الحكومة والجيش، يشمل تبرئة الحكومة من تهمة العمل ضد النظام العلماني في المحكمة الدستورية، في مقابل تهدئة الاوضاع مع العسكر وتقديم الحكومة يد المصالحة. اما في حال حظر الحزب فإن دائرة التحقيق في المحاولة الانقلابية قد تتوسع مستقبلا لتشمل قيادات عسكرية كبيرة. وذلك رغم مطالبة كثيرين رئاسة الاركان بفتح تحقيق داخل المؤسسة العسكرية لمحاكمة المتورطين العسكريين في هذه القضية، خصوصا أن القانون التركي يمنع محاكمة العسكريين امام القضاء المدني، الا بإذن القيادة العسكرية.