اختلطت الأوراق السياسية في أنقرة امس، بعد إعلان رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان رفض حزبه قرار المحكمة الدستورية الذي منع دخول المحجبات الجامعة. لكن اردوغان لم يؤكد اصراره على تطبيق القانون الذي اقرته حكومته قبل أربعة اشهر والذي سمح بارتداء الحجاب في الجامعة قبل أن تلغيه المحكمة الدستورية، واكتفى رئيس الوزراء التركي بطلب تفسير قانوني ومعقول لقرار المحكمة التي اتهمها بتجاوز صلاحياتها. وفي هذا الإطار، اكد اردوغان رفضه السماح لأي مؤسسة بفرض وصايتها على البرلمان الذي"يمثل ارادة الشعب وسيادته". لكن موقفه هذا، جاء اقل من توقعات بعض نواب الحزب الذين طالبوا بتدابير عقابية ضد المحكمة من خلال نص تشريع جديد يلغي المحكمة الدستورية او يحد من صلاحياتها. وبدا اردوغان متردداً في اللجوء الى اسلوب المواجهة المباشرة بحجة ان ذلك سيضر بالتجربة الديموقراطية في تركيا وقد يؤدي الى تدخل قوى اخرى، في اشارة الى العسكر . لكنه اشار الى انه مستعد نفسياً و لوعلى مضض لقرار من المحكمة الدستورية يحكم بحظر حزبه نهاية الصيف الجاري. وقال مقربون من اردوغان ل"الحياة"أن الامل لديه بالنجاة من هذا القرار مازال موجوداً لكنه ضعيف، وقال نواب في الحزب الحاكم ان اردوغان اعد سيناريو لحزب جديد بديل وأنه يأخذ في الاعتبار صدور قرار يمنعه من العمل السياسي في شكل قاطع مدة خمس سنوات، لكنه لا يريد الدخول في تفاصيل اختيار خليفة موقتاً له، قبل ان يتأكد من حكم المحكمة. في المقابل حمل دنيز بايكال زعيم المعارضة البرلمانية وزعيم حزب الشعب الجمهوري اردوغان المسؤولية عن الأزمة السياسية الراهنة لإصراره على اقرار قانون الحجاب. وقال بايكال ان المحكمة الدستورية تصرفت بحكمة للدفاع عن النظام العلماني، معلناً رفضه دعوة رئيس البرلمان كوكسال توبتان للحوار بين القيادات السياسية من أجل تحديد صلاحيات المحكمة الدستورية والتأكد من عدم فرضها وصاية على قرارات البرلمان بحسب تعبيره. اما زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي فنصح اردوغان بتشكيل حزب بديل يستثني نفسه من عضويته والسبعين الآخرين المتهمين في قضية الحزب بالعمل ضد العلمانية، بهدف تأمين الاستقرار في تركيا. وطالب باهشلي اردوغان بترك الساحة السياسية والاعتكاف خمس سنوات من أجل خفض التوتر السياسي. وكان رئيس البرلمان اقترح تشكيل مجلس شيوخ من أجل تجاوز قرارات المحكمة الدستورية، لكن اقتراحه قوبل بالرفض من المعارضة والحكومة على حد سواء لدواع مختلفه، ففيما يصر اردوغان على ضرورة ان يتصدى البرلمان لقرارات المحكمة الجائرة على حد وصفه، فأن بايكال يرفض المساس بالمحكمة التي يعتبرها صمام الأمان الأخير للنظام العلماني في تركيا.