كادت أحداث مأسوية تطيح بأحلام العداء المغربي خالد سكاح في سباق ال10 آلاف متر خلال دورة برشلونة عام 1992، فإلى قرار حكم قضاة السباق المجحف قاوم سكاح مصيدة منافسيه الكينيين الذين سعوا الى تكرار تجربة بطولة العالم قبل عام في طوكيو، حيث تجاوزه كل من موزيس تانوي وريتشارد شيليمو. لكن الخطة لم تنجح هذه المرة على ما يبدو لوجود زميل لسكاح في السباق النهائي هو مواطنه حمو بوالطيب، الذي ساعده في مهمته الا انه كاد يكون السبب في خسارته الميدالية الذهبية. ففي السباق النهائي الذي ضمّ ثلاثة عدائين من كينيا وعدائين من كل من اثيوبيا والمكسيك والمغرب، وفي جو مشحون من الحذر والترقب، بدأ الكينيون في تنفيذ خطتهم، فأسرع كل من شيليمو وكويتش يتبعهما عداؤو المغرب وأثيوبيا والمكسيك. وبعد الكيلومتر الثالث للسباق تصدّرت السباق مجموعة مكونة من ثمانية عدائين. وعند منتصف السباق تأخر باريوس الكسيكي تلاه تراجع الكيني تانوي والاثيوبي باييسا، ثم بعد قليل لم يبق في المقدمة سوى شيليمو وسكاح. ومع بداية اللفة ال20 تقدّم سكاح الى الصدارة للمرة الأولى ولحقه شيليمو وحاول بلوغ مقدمة السباق، ولما إقترب من بوطيب، وجد نفسه محاصراً. وحاول شيليمو التقدّم لكن بوطيب لم يدعه يمر. وقام بوطيب بمناورات وحركات مفضوحة بغرض عرقلة تقدّم شيليمو، ما دعا رئيس اللجنة الفنية في الاتحاد الدولي كارل غوستاف الدخول الى المضمار لمحاولة إيقاف بوطيب وإخراجه من السباق، لكن الأخير لم يستجب له وتابع تقدمه وحركاته المفضوحة. وقبل النهاية بنحو 200 متر توقف بوطيب عن الجري وإنسحب من السباق، بينما أسرح السكاح و"خطف"المقدمة بسرعة وفاز بالسباق. تلاه شيليمو من قرب وبفارق نحو 7 أمتار، وسط استنكار كبير من الجماهير الاسبانية المحتشدة في المدرجات. وإزاء هذه الأحداث، اجتمعت لجنة الاحتكام المكونة من أعضاء الاتحاد الدولي لألعاب القوى، وقررت شطب نتيجة سكاح وإعلان فوز شيليمو بالذهبية. وأسرع إداريو المغرب وقدموا إحتجاجاً رسمياً الى لجنة الاحتكام. وبعد 14 ساعة على نهاية السباق، وبعد أخذ ورد ومشاهدة فيديو السباق مرات عدة وتحليل خطوات كل من شيليمو وبوطيب وسكاح ، تراجعت لجنة الحكام عن قرارها وثبّتت فوز سكاح بالذهبية. وعندما إعتلى سكاح منصة الفوز لاستلام ذهبيته تعالت أصوات الاستنكار والصفير من قبل الجماهير التي لم يرق لها على ما يبدو فوزه وتصرّف مواطنه بوطيب أثناء السباق. وتساءلت الصحف بعد ذلك، هل تصرّف بوطيب ذلك التصرف بحكم غيرته على مواطنه؟ أم كان تصرّفه متفق عليه وبينه وبين سكاح؟! وعلى رغم ذلك، وصف معلقون أداء سكاح بأنه كان الأفضل والأسرع في تلك الأمسية. وسكاح مواليد مدينة ميدلت المغربية عام 1967 متزوج من نروجية ويعيش في النروج خصوصاً في فصل الصيف، تميز في سباقات الضاحية وحصد بطولة العالم عامي 1990 و1991، وحلّ رابعاً عام 1992. ثلاثي عربي في الپ1500م وشهد سباق الپ1500م في برشلونة مشاركة ثلاثة عدائين عرب هم المغربي رشيد البصير والقطري محمد سليمان والجزائري نور الدين مورسلي. ففي التصفية الأولى لنصف النهائي فاز مورسلي بالمركز الأول، بينما فاز القطري سليمان في التصفية الثانية بزمن لم يسجله أحد في الأدوار الأولية في تاريخ السباق، ومقداره 3.34.77د. كما تمكّن البصير من التأهل للنهائي. السباق النهائي الذي وصفه النقاد بأنه الأضعف"زمنياً"منذ عام 1956، كان عادياً حتى الأمتار ال125 الأخيرة، حين تقدم العداء الإسباني فيرمين كاشو وسط هتافات جمهوره وصياحه، الى المقدمة ولحقه بسرعة البصير الذي كان يحتل المركز الثامن، بينما بذل سليمان جهداً كبيراً في اللحظات الحاسمة كي يؤمّن لبلاده ميدالية أولمبية غالية. وتمكن كاشو من اجتياز خط النهاية أول بزمن ضعيف 3.40.12د، ليفوز بالذهبية متقدماً على البصير بفارق بسيط لم يتجاوز 50جزءاً من الثانية. وحلّ سليمان ثالثاً بفارق 7 أجزاء من المئة، قاطفاً أول ميدالية أولمبية لبلده. في حين"تآمر"الكينيون الثلاثة المشاركون في السباق على مورسلي وحاصروه، فلم يستطيع الإفلات منهم في الوقت المناسب وإكتفى بالمركز السابع. وتميّز البصير مواليد 1968 في المسافات المتوسطة، وأفضل أرقامه 1.46.53د في الپ800م، و3.34.40د في الپ1500م. وكانت أبرز إنجازات القطري سليمان مواليد 1969 حلوله ثالثاً في سباق ال1500م في دورة الألعاب الآسيوية لعام 1986 في سيول، وأول في النسخة التالية عام 1990 في بكين. وحطّم سليمان الرقم الآسيوي للسباق 8 مرات ورقم الميل 5 مرات في عقد التسعينات، علماً أن"إحتكار"الأرقام القياسية القطرية من ال1500م الى 5 آلاف م، وأفضل أرقامه في ال1500م مقداره3.32.10د ، وفي الپ5 آلاف م 13.25.15د. كسر الأطواق في المقابل، تفلّت مورسلي من"الأطواق"بعد أربعة أعوام، وفاز بسباق ال1500م في دورة أتلانتا. وهي ذهبيته الأولمبية الوحيدة في مقابل 3 ذهبيات في بطولات العالم أعوام 1991 طوكيو و1993 شتوتغارت، و1995 غوتنبورغ. سجل مورسلي رقمه العالمي الأول في سباق 1500م عام 1992 3.28.86د، وعززه مسجلاً 3.27.37د عام 1995. في دورة أتلانتا، واجه مورسلي أكثر من منافس قوي نذكر منهم المغربي هشام الكروج والإسباني كاشو والكينيون روتيش وتانوي وكيبكوري. فاز مورسلي في نصف النهائي بزمن جيد 3.32.88د، بينما حقق الكروج في المجموعة الثانية 3.35.29د. وتأهل معهما القطري سليمان والتونسي علي حكيمي. وفي السباق النهائي وبعد نحو 900م، وجد مورسلي نفسه محاصراً من عدائي كينيا والمغرب وإسبانيا، على غرار ما واجهه قبل أربعة أعوام، لكنه إستطاع هذه المرة الإفلات بعيداً منهم وتصدّر السباق، واستمر بالتقدم ولحقه من قرب الكروج وكاشو. وقبل النهاية بنحو 400م، حاول الكروج الاقتراب من مورسلي لتخطيه فتعرقل بعد أن إصطدم بكعب العداء الجزائري وسقط أرضا،ً وقفز العداؤون من فوقه. وكاد مورسلي أن يسقط أرضاً لكنه تمالك نفسه وتابع خطواته السريعة متقدماً على الآخرين بما يقارب 10 أمتار، وتمكّن من الفوز بالسباق وبالذهبية مسجلاً 3.35.87د. وحلّ كاشو ثانياً والكيني كيبكورير ثالثاً. لقب مراقبون مورسلي مواليد مدينة تينيس الجزائرية عام 1970 بپ"ملك سباقات ال1500م والميل. وهو حقق 45 انتصاراً متتالياً بين 1992 و1996، وخسر سباقاً واحداً من أصل 15 خاضها عام 1991. وكان يشرف على تدريبه شقيقه الأكبر عبد الرحمن الذي كان بدوره أحد أبطال المسافة.