حققت صفقة تبادل الأسرى اللبنانيين الخمسة في السجون الإسرائيلية ورفات الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب مع جثتي الجنديين الإسرائيليين اللذين كانا في الأسر لدى"حزب الله"، قفزة جديدة في التقارب بين القوى السياسية اللبنانية المتخاصمة التي دأبت خلال الأيام الماضية على الانفتاح على بعضها بعضاً. وأطلق"حزب الله"ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط إشارات إيجابية كلٌ حيال الآخر في مهرجان تكريم عميد الأسرى سمير القنطار في مسقطه في بلدة عبيه في الجبل أمس حين أكد جنبلاط أن"لا تناقض بين الاستقلال والمقاومة وبين العيش المشترك والمقاومة وبين المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبين المقاومة"... فرد عليه وزير العمل فنيش بقوله:"يا أستاذ وليد بك جنبلاط لن ننسى أبداً تاريخنا المشترك وما فعلناه معاً...". واستمرت في لبنان أمس مراسم استقبال الرفات وجثامين الشهداء التي تخللتها احتفالات أثناء مرور قافلة الشاحنات التي نقلتهم من الناقورة، على الحدود اللبنانية ? الاسرائيلية، الى بيروت فاستوقفتها الحشود في محطات عدة أبرزها في صيدا. راجع 6 و7 و8 وفيما نثر المحتفون على قافلة الشاحنات التي حملت النعوش الارز والورد وبدأ عدد من أهالي الشهداء وخصوصاً الفلسطينيين عذاب التأكد من هوية أبنائهم، عاشت إسرائيل يوماً ثانياً من الحزن والإحباط حيث شيّع الجنديان اللذان سلمهما"حزب الله"جثتين في حضور وزير الدفاع إيهود باراك. وحضر رئيس الحكومة إيهود أولمرت للتعزية. وهدد مسؤول إسرائيلي كبير أ ف ب بتصفية الأسير المحرر القنطار وقال:"إذا كان ثمة احتمال أن تصفي إسرائيل حساباتها مع القنطار فلن تتردد في القيام بذلك"... وقال القنطار في الكلمة التي ألقاها في مهرجان تكريمه في عبيه إنه تلقى تهديدات باغتياله من العدو الإسرائيلي وقال:"بالأمس كنت بين أيديهم هناك، لكن في هذه اللحظة أنا أكثر شوقاً للقائهم وأسأل الله أن يكون ذلك قريباً جداً... وهذا العدو يعرفني جيداً". واعتبر القنطار"أن من يعتبر أنه يستطيع أن ينهي الصراع مع الإسرائيليين ديبلوماسياً فهو واهم"، مؤكداً أن"سلاح المقاومة هو من أجل تحرير مزارع شبعا وما بعد وما بعد مزارع شبعا...". وكان مصدر سياسي إسرائيلي يو بي آي قال إن إسرائيل لم تلتزم عدم المس بالأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله. وأدت حمى الشعور بالمهانة لدى الإسرائيليين من الاحتفال في لبنان بعودة القنطار والأسرى الى اختراق إسرائيلي للخطوط الهاتفية في بيروت وبعض المناطق اللبنانية حيث تلقى مواطنون اتصالات سمعوا فيها تسجيلاً صوتياً يهدد بأعمال انتقامية في حال قام"حزب الله"بأي عمل عسكري ضد إسرائيل... وتواصلت تصريحات المسؤولين والسياسيين اللبنانيين والقادة الروحيين بتثمين إتمام صفقة التبادل وسط أجواء الانفراج في العلاقات اللبنانية الداخلية. واتصل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان الدكتور عبدالعزيز خوجة أمس بالنائب عن"حزب الله"حسن فضل الله وطلب اليه نقل التهاني الى السيد حسن نصر الله بتحرير الأسرى وجثامين الشهداء، واعتبر خوجة ان"هذا الانتصار الجديد هو للبنان وجميع العرب...". وكان مهرجان تكريم القنطار شهد أمس حشداً سياسياً إضافة الى الحشد الشعبي، فجمع الى جنبلاط والوزير فنيش عدداً من قادة"حزب الله"والوزير طلال ارسلان والحزب السوري القومي الاجتماعي ونواب كتلة جنبلاط ووزراء الكتلة. ومما قاله جنبلاط إن لا تناقض بين علاقات صحية واحترام متبادل واعتراف بين لبنان وسورية، وبين المقاومة... مشيراً الى أهمية الاتفاق على إتمام الخطة الدفاعية في الحوار والى أن لا سلاح لحماية السلاح إلا سلاح الوحدة الوطنية. وأصدرت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي توضيحاً لخطاب جنبلاط جاء في ان الصحيح والمقصود هو قول جنبلاط:"أتمنى ألا يكون تناقض بين الحرية والمقاومة... والاستقلال والمقاومة والسيادة والمقاومة...". وشدد فنيش على الانفتاح الذي أكده نصر الله في كلمته أول من أمس أثناء استقبال الأسرى. ودعا الى خطاب سياسي يجمع ولا يفرق لأن المرحلة المقبلة مليئة بالأخطار والتحديات. وأكد أن ليس لدى المقاومة مشروع خاص فمشروع المقاومة هو مشروع الدولة. وقال القيادي في"حزب الله"غالب أبو زينب مساء:"اننا منفتحون على الجميع ونموذج عبيه كان واضحاً...".