تحول الاحتفال بعودة الأسير اللبناني المحرر سمير القنطار في عبيه أمس، مناسبة لتظهير روحية "الشراكة" و"المشاركة" السياسية بين خصوم الأمس، على مرأى ومسمع من جماهيرهم. فالاحتفال ضم رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ونجله تيمور جنباً الى جنب مع الوزير طلال ارسلان والوزير محمد فنيش ممثلاً"حزب الله". ووضع مناصرو"الحزب التقدمي الاشتراكي"أكثرية و"الحزب الديموقراطي اللبناني"و"السوري القومي الاجتماعي"معارضان، المتناحرون حتى الأمس القريب أمام اختبار"الشراكة"الذي ما لبث أن انفجر حرب هتافات بين الجمهورين. وعلى رغم هتافات"الله، لبنان، وليد وبس"، تقابلها:"بالروح بالدم نفديك يا طلال"،"الله ونصر الله والضاحية كلها"من"القوميين"وبعض صيحات الاستهجان عند ذكر المحكمة الدولية وغيرها، سار احتفال الأمس، بتناغم سياسي يلامس"الغزل"بين جنبلاط وفنيش وارسلان، وبروح ثورية مستقاة من عالم السبعينات في خطاب القنطار العائد من الأسر، وبپ"استفزاز"لم يتجاوز حد الهتافات بين الجمهورين المنقسمين في جانبي الساحة. جنبلاط ووجه جنبلاط كلمة عدد فيها قرى الجبل وبلداته، لافتاً الى انها"ممر المجاهدين والمقاومين". وقال:"باسم الجبل، جبل الأحرار والعروبة والعيش المشترك، جبل المصالحة التاريخية مع البطريرك نصر الله صفير، جبل كمال جنبلاط الذي حصدته رصاصات الغدر وما أدراكم، وما أدراك يا سمير ما اصعب الغدر وأمرّه وأحقره على الأحرار والمناضلين، ليت كمال جنبلاط نال نعمة الاستشهاد في ساحات الوغى والقتال، كالمئات والآلاف من المجاهدين والمقاومين والثوار، باسم بيروت المقاومة والأبية والعربية، بيروت جمال عبد الناصر، بيروت الحصار، بيروت الجريحة، بيروت العزة والانتصار، باسم شهداء الثورة الفلسطينية، والتلاحم اللبناني- الفلسطيني المشترك، حيث لا فارق بين دم ودم سوى دم المقاومة. وباسم القرار الفلسطيني المستقل والوطني والعربي، باسمك يا أبو عمار وأبو جهاد، يا أغلى الرجال، يا رفاق الكمال، باسم القرار الوطني اللبناني المستقل، باسم ثورة الاستقلال في 14 آذار، باسم عميد الشهداء، شهداء"ثورة الأرز"الرئيس رفيق الحريري، باسم كل لبناني أياً كانت مشاربه وانتماءاته من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، باسم العلاقة السياسية والتاريخية مع دار خلدة، مع الأمير مجيد ارسلان واليوم مع الأمير طلال، بغض النظر عن التوجه السياسي الذي يجمعنا أحيانا أو يفرقنا أحيانا في علاقة احترام وتفهم مشترك، ارحب كل ترحيب بعميد الأسرى اللبنانيين والعرب سمير القنطار ورفاقه. وأحيي قافلة الشهداء من لبنانيين وعرب". وجدد جنبلاط دعوته إلى أن"تكون القدس عاصمة دولة فلسطين، ويقر حق العودة من دون تردد أو مساومة تنفيذاً للمبادرة العربية في بيروت وقمة الرياض والقرارات الدولية"، مرحباً بپ"ممثل المقاومة الإسلامية، ممثل"حزب الله"في ارض بني معروف محمد فنيش، في سياق تأكيد التراث النضالي والمقاوم المشترك للجبل والضاحية والجنوب وبيروت وكل لبنان". وأكد جنبلاط أن"لا تناقض بين الحرية والمقاومة، بين الاستقلال والمقاومة وبين السيادة والمقاومة، بين الصمود والازدهار والمقاومة، بين التعدد والتنوع والعيش المشترك والمقاومة، بين صيغة لبنان وفكرته وكيانه والمقاومة، بين العدالة والمقاومة، بين المحكمة والمقاومة، بين سياسة لبنانية رسمية في عدم الانحياز لا شرقاً ولا غرباً والمقاومة". وأضاف جنبلاط:"لا تناقص بين اتفاق الطائف والمقاومة، وبين علاقات صحية واحترام متبادل واعتراف بين لبنان وسورية والمقاومة، واخيراً لا تناقض بين الدولة والمقاومة بعد الاتفاق تدريجاً على إتمام الخطة الدفاعية في الحوار، واسمحوا لي فقط بملاحظة أخيرة ولا سلاح لحماية السلاح إلا سلاح الوحدة الوطنية". فنيش وخاطب فنيش النائب جنبلاط متجاوزاً"مرحلة الخلافات". وقال:"نحن يا أستاذ وليد بك جنبلاط لن ننسى أبداً تاريخنا المشترك ولن ننسى أبداً ما فعلناه معاً ونتطلع الى ان نصنع معاً مستقبل هذا الوطن لأننا لا نريد إلا ان نكون جنباً الى جنب في معركة استرداد الحق والكرامة، وجنباً الى جنب في إرساء مشروع دولة قوية قادرة عادلة يطمئن لها أبناء الجبل كما أبناء الجنوب والبقاع والشمال وبيروت". وأكد أن"ليس لدى المقاومة مشروع خاص، فمشروع المقاومة هو مشروع الدولة لكن المقاومة التي تعزز دور الدولة وحضورها توفر لها الدفاع عن الأرض". وأضاف فنيش:"معاً اذا عدنا الى تاريخنا والنهج المشترك مع طلال ارسلان ووليد بك جنبلاط ومع كل الشرفاء والأحرار في هذا البلد نستطيع ان نصنع معجزة جديدة. وكما كانت المقاومة احد إنجازات هذا الوطن وإعجازاته نستطيع معاً ان ندرأ الخطر عن هذا البلد والأخطار المقبلة، لا نستهين بها لأن العدو الإسرائيلي لا يزال على غطرسته وتوسعه ودوره". وقال فنيش:"جئنا باسم سيد المقاومة الأمين العام لپ"حزب الله"لنجدد التهنئة بتحرير الأسرى، ولنشارك أهلنا في الجبل فرحتهم باستعادة بطلهم". وخاطب أبناء الجبل بقوله:"كنتم من السباقين، يا بني معروف، في الانتماء الى خط المقاومة"، مشدداً على أن"لا بد من ان نكمل هذه الطريق لاسترداد ما تبقى من ارض محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مهما كان التباين والاجتهاد في الرأي السياسي"، مؤكداً أن"استكمال دور المقاومة ونهجها لا يتعارضان مع مشروع الدولة ودورها ومع الجهود الديبلوماسية". وقال فنيش:"نحن أمام مرحلة تتطلب منا جميعا بعدما تجاوزنا صفحة التباينات والخلافات، مرحلة الوفاق ومد الأيدي وانفتاح العقول والقلوب، مرحلة نحن في حاجة فيها للاستفادة من الوقت لانه يكفي هذا الوطن ما هدرناه من وقت في السجال والنكاف والمكايدة بعدما تجاوزنا خلافاتنا وأصبحنا شركاء في القرار في حكومة وحدة وطنية وبعدما أرسينا ونفذنا معظم ما تم إيراده في اتفاق الدوحة، علينا ان نكمل هذا الاتفاق ونحن نمد أيدينا بقلوب مفتوحة وعقول منفتحة من اجل ان نتعاون على طي صفحة الماضي، اما إذا برز تباين فالحوار هو الطريق ليكون لدينا قوة تحرير وقوة دفاع عن الأرض". وأكد فنيش أن"حزب الله ليست لديه أي عقدة تجاه أي رأي ولا نخشى الحوار لأننا أصحاب منطق وقضية ودعاة حق، ونريد ان نجتمع جميعاً حول مصلحة هذا الوطن وبالتالي نحن معنيون ان نعتمد خطاباً سياسياً موضوعياً بعيداً من التحريض والتوتير والتشنج. نحن بحاجة لخطاب سياسي يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يقسم لأن المرحلة المقبلة مليئة بالأخطار والتحديات". وقال:"كنا وسنبقى اوفياء لكل الذين شاركونا في هذا الخط ولمن صنع معنا تاريخ الانتصار على العدو وحولنا هذا البلد من موقع الانعزال الى موقع العروبة واضح الهوية والانتماء". ارسلان والقنطار وخاطب ارسلان القنطار قائلاً:"انها يا سمير، مهمتنا التاريخية نحن بني معروف، ان نكون المحافظين والداعمين للمقاومة ولمستواها الفكري والثقافي والعسكري والتوحيدي". وأضاف أرسلان:"لم يكن صدفة وجود وليد بك جنبلاط بالتنسيق مع طلال ارسلان ومع جميع الأحزاب والقوى الوطنية في هذا الجبل في حفظ هوية الجبل والمقاومة في لبنان. ليس من قبيل الصدفة ان نقف اليوم الى جانب المقاومة اللبنانية الإسلامية. هذه المقاومة، ان شاء البعض أو أبى، فرضت على العالم اجمع حقيقة وجودها رأس حربة في وجه الظالمين العنصريين، وفرضت الحقيقة اللبنانية بديلاً مشرفاً من الواقع العربي المنحل". وأشار إلى أن"الجبل، جبل كمال جنبلاط ومجيد ارسلان سيظل ظهراً للمقاومة الإسلامية اللبنانية وسنداً لها ولن يفك صلته الوثيقة بصاحب الوعد الصادق سيد المقاومة وقدوة المجاهدين حجة الاسلام والمسلمين سماحة السيد حسن نصرالله. ان حقيقة المقاومة هي الضمانة الفعلية لحماية لبنان من أخطار اسرائيل ومَن يقف خلفها، وفرضت وجودها على التاريخ والسياسة والثقافة في لبنان وعلى امتداد العالمين الإسلامي والعربي". وبعد كلمة لنائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي محمود عبد الخالق، رد القنطار على تهديدات إسرائيلية باغتياله، فقال:"كرامتنا من الله شهادة، بالأمس وفي مثل هذه الساعة كنت بين أيديهم هناك، لكن في هذه اللحظة أنا اكثر شوقاً للقائهم، وامل ان يكون ذلك قريباً جداً". ورأى القنطار أن"مَن يستطيع ان ينهي الصراع مع الإسرائيليين ديبلوماسياً فهو واهن، ان سلاح المقاومة هو من اجل شبعا وما بعدها ولا نخدع أنفسنا وأمامنا تجربة فلسطين، حيث بعد فترة قصيرة اغتالوا كل الذين كانوا يتفاوضون معهم، في أول فرصة، ولنا بشهادة الرئيس ياسر عرفات خير دليل". وحيا"شهداء الثورة الفلسطينية وجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية. ولا ننسى صاحب الوعد الصادق الذي له الفضل بهذا النصر". وتحدث عن"الشهيد القائد كمال جنبلاط الذي عندما أسس الحزب التقدمي الاشتراكي، طبع عنواناً للحزب: من تمتد يده لسلاح المقاومة الحزب التقدمي يجب ان يقطعها"، معتبراً أن"استشهاد الشهداء في معركة الجبل، لم يكن لقطع الطرق أو حرباً أهلية، بل كان دفاعاً عن الكرامة والعزة"، ومشدداً على"أهمية مقاومة كمال جنبلاط مع أهمية الحفاظ على تراثه". وأشار الى أنه"لولا سورية في فترة معينة لكان سقط الجبل"، ناقلاً تحيات"الموحدين الدروز في الجولان وفلسطين". احتفال للوحدة الوطنية وكانت الإعلام الحزبية غابت عن ساحات عبيه وطرقها، التزاماً بقرار اتخذه رئيس بلديتها نزيه حمزة بالتنسيق مع القيادات السياسية، تفادياً لما قال إنه"الحساسيات التي طرأت على البيت الدرزي بعد أحداث أيار الأخيرة". وحضر الاحتفال الوزير غازي العريضي والنواب: مروان حمادة، وائل ابو فاعور، فؤاد السعد، هنري حلو، اكرم شهيب، وعضو المكتب السياسي ل"حزب الله"محمود قماطي ووفد من"حزب الله"، وشخصيات سياسية وحزبية. وكان القنطار زار صباحاً ضريح القيادي في"حزب الله"عماد مغنية في الضاحية الجنوبية وشارك في المؤتمر الدائم للمقاومة. وتلقى القنطار اتصالاً من رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية هنأه فيه بالإفراج عنه.