شغل الحلاق ومحله حيزاً واسعاً في الأدب المكتوب والمرئي، والمسموع أيضاً. وفي السينما، ظهرت أفلام كثيرة تتناول موضوع الحلاقين وعلاقتهم بزبائنهم. وفيلم"سكّر بنات"للبنانية نادين لبكي 2007، يدور حول صالون حلاقة وتزيين نسائي. وفيلم"سويني تود: الحلاق الشرير في شارع فليت"، لتيم بروتون مع جوني ديب 2008، يروي قصة حلاق عاد لينتقم من أعدائه، بقتلهم وتحويلهم طعاماً شهياً. سبق ذلك للنجمين نفسيهما، فيلم"أدوارد ذو المقصّين"1990، ويتناول قصة شاب ولد بيدين مقصّين. وتبيّن أنه مرهف الحس، يداوي النساء بتجميل شعرهن، ويحوّل نباتات الحدائق أشكالاً فنية جميلة بضربات من يديه أو مقصّيه... ولكنّه يتسبب بالجروح أيضاً. وهذا ما جعل المجتمع ينبذه فبات أسطورة. وفي السنة نفسها، ظهر فيلم"زوج الحلاّقة"، للفرنسي باتريس لوكونت. وهو يروي قصة حلاّقة رجالية ونسائية تعمل، وزوجها لا يبرح الصالون، يغذّيها بحبّه المتلوّن الجم، حتى قررت إنهاء حياتها، ربما من حلاوة هذا الحب. والحلاق في الرسوم المتحركة، تعاقبت على أدواره شخصيات كرتونية، سبقت عصرها في تقليعة"البانك"، ببراعتها ومكرها. والحلاق في أفلام رعاة البقر، شكل محطة لتغيير مظاهر الشخصيات، الخيّرة كما الشريرة، واندفاعه إلى مزيد من المغامرات. في المسرح المتلفز،"المحارة واللؤلؤة"للأميركي ويليام سارويان 1953، عمل يتناول العلاقات التي نسجها حلاق يتحلى بالحكمة، استقرّ في قرية نائية. وفي الأوبرا، حلاق أشبيلية، لجيواشينو روسيني، مقتبسة عن ثلاثية"فيغارو"للفرنسي بيار دو بومارشيه، 1772، أعدّها كملهاة حول حلاق مربك. وشكّل الحلاقون وصالوناتهم مواضيع لروايات وقصص قصيرة، ولعبوا أدواراً أساسية في مجرياتها. وفي ما يلي مقتطفان: الأول من رواية ظهرت حديثاً، والثاني من قصة قصيرة تصف حلاقاً يتاجر بالعقارات. مقطع من رواية"استديو بيروت"دار الساقي، 2008، للكاتبة اللبنانية ومديرة التحرير في مجلة"لها"، هالة كوثراني: ... أتفرّج. حان دوري. لكنني أريد أن أتفرّج. لن أسمح لأولغا بأن تصفّف شعري الآن. سألتُ أولغا: هل حاولت الهروب من الصالون؟ الهروب من الحياة التي تعيشينها؟ سألتها كي أبرر لنفسي هروبي من الهروب من مواجهة ربيع... فكرتُ في أن أمضي نهاري الهارب هذا في دار للسينما، أن أتنقّل بين صالة وأخرى وأشاهد الأفلام المعروضة كلّها. لكنني أفضّل الآن أفلام الواقع في الصالون والذي كثيراً ما وجدته أكثر سينمائية من السينما نفسها... ثمة دفء يتسرّب من المَشاهد في الصالون إليّ. وتسمح لي أولغا بأن أتمشّى. وقت الغداء، وحين تخفّ زحمة الرؤوس التوّاقة إلى التجدد، أتمشى في المساحة التي تسمّى صالون"ميراج". أولغا فهمت أنني"غير طبيعية"اليوم. في أوكرانيا التي أتت منها، تحدث هذه الأمور دوماً. تقتحم الصالون امرأة بلا أفكار وتجلس في الكرسي نفسه خلال ساعات، منتظرة أن تعود إليها الأفكار...". "القطة المسرعة"، للفنانة عايدة صبرا 2003 بلغ من العادة أن آثار أحذيته، التي تنوعت مع مرور الزمن، محفورة على الطريق المؤدية إلى صالون الحلاقة. هذا المكان يعزّز من كبريائه، إذ يرى في نُتف شعره المتطايرة لحظة قصّه، إشعاعات من أفكاره، يعمد إلى بثّها لتصيب أحداً ما وتخرقه. هو بحاجة إلى هذه العملية، من وقت إلى آخر، كي يفرّغ شحنته، مختبراً بذلك تحليلاً ما. وها هو شعر رأسه يستحق أن يرعى فيه المقص. يومان كانا كافيين لتشويه آثار أحذيته على الطريق، من كثرة ما قصد المحل، ولم يجد صاحبه. لم يخطر في باله أن يسأل جيرانه عن سبب تغيّبه، إلا بعد أن خطر في باله. وذلك بعد أن سرّب شحنته من الشتائم إلى قدميه اللتين لم تعودا تقويان على المشي. لم يحصل على معلومة واضحة من الجيران عن سبب تغيّب الحلاق. ولكنّهم أكّدوا له أنه لا يزال يزاول مهنة الحلاقة، الساعة السابعة مساء، بعد عودته من سمسرة العقارات. في ذلك المساء بالذات، قرر أن يتربص بالحلاق. بقي واقفاً أمام باب المحل، حتى تحوّل رأسه مدخنة تنفث سخاماً أسود، ففي ذلك اليوم بالذات، تأخّر الحلاق في المجيء. وعند رؤيته من بعيد، تنفّس المعني الصعداء وارتخت أعصابه، على عكس شعره الذي نشب كالعادة في الهواء استعداداً للقص. سبقت الحلاق عبارات الاعتذار عن التأخير، لا بل تعثّر ببعض كلماتها وكاد يقع أرضاً لولا همّة المعني المتبقية الذي هبّ لنجدته، فوقعت من الأخير أشياؤه التي كان يحملها. بقيا مدة من الزمن يتعثران بالهواء، إلى أن مرت قطة مسرعة قذفتهما إلى داخل المحل. أجلس الحلاق المعني على"كرسي"الحلاقة، وأخذ يعدّ العدة ليطلق العنان ليديه. كلمات عتاب وأحاديث رافقت طقطقة المقص. من جانبه، سعى الحلاق إلى"بخّ"الشعر برذاذ الماء لتليينه... وترطيب الأجواء. ذلك المساء بالذات، شاهد الناس المعني يخرج مسرعاً من المحل ويعدو في الشارع كالمجنون، وعلى رأسه مبنى من ست طبقات بيع"على العظم".