ينتهز عدد من الشبان المكيين تعب المعتمرين و رغبتهم في التحلل من الإحرام سريعاً وبُعد محال «الحلاقة» نوعاً ما عن مكان الانتهاء من الشوط السابع من السعي أعلى جبل «المروة»، وذلك بوقوفهم في نهايته أو خارج الباب متسلحين بعتادهم من المقصات الصغيرة لحلق شعيرات صغيرة من رؤوس المعتمرين بمقابل مادي زهيد يحقق لهم ربحاً وفيراً في نهاية فترة عملهم. مقص حديدي صغير يسهل حمله وإخفاؤه في الجيوب ويلمع في أعين المعتمرين المنهكين بعد مضمار طويل من الطواف والسعي، ولا يتجاوز سعر هذا المعدن النفيس بالنسبة لمن أعياه المشي والركض ويستعجل إنهاء النسك ثلاثة ريالات فقط، تمسك به أنامل يانعة محترفة تتحدى صوالين الحلاقة المنتشرة حول الحرم المكي، والمجهزة بمختلف أحجام المقصات وآلات الحلاقة وغيرها من التجهيزات للظفر بانحناء رؤوس الطائفين بالبيت العتيق، بفارق في السعر والوقت بينهم، إذ تبلغ كلفة قص الرأس الواحد لدى الشبان المكيين قرابة خمسة ريالات للشخص الواحد، إضافة إلى أن عملية القص قد لا تستغرق نصف دقيقة مقارنة بالوقت الذي قد يقضيه المعتمر في الانتظار لدى الصالون ووقت الحلاقة أيضاً. ويمتهن فتيان مكة حرفة الحلاقة «موسمياً»، ويتمركزون في أعلى جبل المروة، وغالباً ما يأتون من أحياء قريبة من المسجد الحرام في فترات مختلفة من اليوم، يدفعهم إليه إغراء الربح وسهولة العمل. محمد الهذلي من هؤلاء وهو طالب في المرحلة الثانوية، يقول ل «الحياة»: «اعتدت على العمل يومياً في فترات المواسم في الحرم بقص الشعر للمعتمرين أنا وعدد من أصدقائي من نفس الحي، وتبدأ فترة عملنا غالباً من الساعة الخامسة عصراً وحتى قبيل أذان العشاء، ويبلغ إجمالي ما أحصل عليه في اليوم الواحد من 100 إلى 150 ريالاً». ولا يختلف ما يرويه أحمد عبدالله عما أورده الهذلي، إلا أن دخل أحمد اليومي يتأرجح صعوداً وهبوطاً حسب «الزحمة»، وكثرة الراغبين من المعتمرين في قص الشعر، ويقول: «هذه هي السنة الثالثة لي منذ أن بدأت في هذا العمل في الحرم، ويتراوح ما أجنيه يومياً بين 100 و150 ريالاً بحسب الزحام وإقبال المعتمرين على مقصي».