بغية إقناع صغار الأبناء بالذهاب إلى صالونات الحلاقة، يستخدم بعض أولياء أمور الأطفال أساليب غالبيتها غير سليمة تصل في حالات عدة مرحلة «الرشوة»، على اعتبار أن كثيراً من الأطفال يتوجس من فكرة لمس شخص ما غير والديهم رؤوسهم، إذ يبدأون في البكاء و الصراخ بأصوات عالية، ما يؤدي في مرات عدة إلى جرح بعضهم. وفي هذا الإطار، يذهب الآباء في رسم مخطط يبددون به الخوف من أفئدة أبنائهم، ظاهره أخذ موافقتهم بيد أن باطنه الاحتيال واللعب على مخيلتهم وذلك بوعدهم بالذهاب إلى الملاهي أو شراء الألعاب لهم والحلويات، أو إقناع الطفل بأن منظره سيبدو كالفتاة إذا لم يقص شعره، أو إن ترك شعره طويلاً سيلحق بعينيه الضرر الكبير في حال تركه ينزل عليهما. محمد أحمد (أبٌ لطفل يبلغ من العمر ست سنوات)، قال ل«الحياة»: «أضطر في كل مرة، أود فيها إقناع ابني بالذهاب إلى «الحلاق» كي يقص شعره، إلى استخدام أسلوب الرشوة، كأن أعده بالذهاب إلى منزل أمي لتأخذه إلى مدينة الملاهي في حال موافقته على الذهاب سوياً إلى الحلاق، خصوصاً أنه لا يحب أن يلمسه أحد حتى عمّاته، بل لا يتقبل أن يلبسه شخص ثيابه سوى والدته، ولا يحب أن يمشط شعره إلا مع والدته، وأنه يجد صعوبة كبيرة في تحمل أي شخص يحاول التودد له، خصوصاً في حال ما إذا كان المتودد غريباً عنه، ووصل الأمر إلى حد «الحلاق» الذي يحلق له شعره، ولهذا أضطر لشراء الألعاب له أو أخذه لمنزل والدتي لتأخذه للملاهي حتى يستسلم لفكرة الذهاب إلى الحلاق شريطة أن أكون جواره في كرسي الحلاقة». وعلى النسق ذاته، يضطر فارس عثمان إلى التعامل مع ابنه (ذي الخمس سنوات) بأسلوب «تحايلي» كي يقنعه بحلق شعره، ويوضح: «أضطر لإشباعه بأفكار معينة عن الرجولة ووجوب قص شعره حتى لا يطول ويكون مثل الفتيات حتى يرضى بالذهاب إلى صالون الحلاقة، إذ إنه لا يحب الاختلاط بالغرباء، ويُتعب والدته كثيراً ويبدأ بالصراخ والبكاء حالما يقترب من محل الحلاقة، لذا أضطر لمحاولة إقناعه بشتى الطرق، خصوصاً أن شعره ناعم ويطول بسرعة ما يجعله ينزل على عينيه ويبدأ بمضايقته ويؤلم عينيه، فهو عنيد للغاية ويرفض أن يلمسه أي شخص، لذلك أتحدث إليه كثيراً وأكثر ما أذكِّره به هو أنه يجب أن يقص شعره حتى لا يصبح شبيهاً بالفتيات». من جانبها، اعترفت رانيا مراد بوجود صعوبة بالغة لديها من طفليها (فتاة تبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف وولد عمره ثماني سنوات) في إقناعهما بضرورة الذهاب للحلاق وقص شعرهما، وزادت: «خصوصاً ابنتي الصغرى، إذ من الصعب السيطرة عليها، أو محاولة إقناعها بأي طريقة، لأنها يصيبها الرعب حين يقترب منها أي شخص غريب، وتخاف كثيراً من المقص، وتزداد حركتها كثيراً في كرسي الحلاق، ما أدى في إحدى المرات إلى جرحها، لذلك أضطر للوقوف بجانبها طول الوقت الذي تستغرقه الحلاقة والإمساك بها لمساعدة الحلاقة في قص شعرها حتى أهدئ من روعها، إذ تبدأ بالصراخ في شكل غير طبيعي، بل تدخل في نوبة من البكاء المتواصل حتى بعد الانتهاء من عملية القص، ولكي أذهب عنها هذا الإيذاء أضطر لشراء جميع أنواع الحلويات والمغريات لها حتى تصمت وتتقبل فكرة القص أو تهدأ من البكاء بعده».