يفتتح مؤتمر الاتحاد من اجل المتوسط في حضور الرؤساء الأوروبيين وإسرائيل والدول العربية. والمؤتمر ثمرة مبادرة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي. فهو اقترح الفكرة بعد وقت قصير من انتخابه قبل عام، وأجرى في سبيله محادثات حثيثة مع الدول العربية الى ان استطاع، في النهاية إقناعها المشاركة في المشروع. وهدف ساركوزي هو تحسين علاقات دول الاتحاد الأوروبي بدول حوض المتوسط، من طريق تنفيذ مشاريع اقتصادية وعلمية مشتركة. وكان الهدف إشراك اسرائيل، جنباً الى جنب مع الدول العربية، تشجيعاً للسلام في المنطقة. وعلى رغم هذا، فليس قبول الدول العربية مثل هذه الشراكة، وهي معناها"تطبيع العلاقات مع العدو الغاشم"، مضموناً. واعترض ساركوزي اكثر من عقبة في الطريق الى عقد المؤتمر من اجل المتوسط. فعلاقات فرنسا بسورية تردت في أعقاب اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق، رفيق الحريري. وهو كان صديقاً شخصياً للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك المعروف بصداقته مع العرب، ولم يسعه تجاهل اغتيال الحريري، والاغتيالات الأخرى التي تولاها موالون لسورية في لبنان. ولم يتردد شيراك في تهمة سورية، وكان السبب في عزلتها الدولية. وبحسب ساركوزي ان عقد مؤتمر من اجل المتوسط، من غير مشاركة سورية، وهي تتمتع بمكانة مهمة في المنطقة، يضعف المؤتمر. وعلى هذا، تحول الأسد من منبوذ سياسي الى مرغوب. وقبل الرئيس السوري الدعوة. ويتوقع ان يلتقي بباريس الى رئيس الجمهورية المصري، غالبية الزعماء العرب الذين قاطعوا، قبل شهرين، القمة العربية الدورية بدمشق، وأعلنوا استياءهم من التدخل السوري السلبي في لبنان. وسورية هي الرابح الأول من عقد مؤتمر الاتحاد من اجل المتوسط. فهي لم تتنازل عن تحالفها مع ايران، ولم توقف تهريب السلاح الى"حزب الله"، ولم تغلق مكاتب المنظمات الفلسطينية المتطرفة في دمشق. وفي الأثناء تواصل دمشق سحق حقوق الإنسان، وعلى رغم هذا كله، يدعى رئيسها الى حوار سياسي مع فرنسا، ويعود الى حضن المجتمع الدولي. ويبدو ان سورية، عازمة على تخطي إنجازاتها هذه الى استعادة العلاقات بالولاياتالمتحدة. وإلى اليوم، يكون ساركوزي تولى عنها نصف الجهد المطلوب. فمؤتمر باريس، من غير شك، هو الصيغة الديبلوماسية الأبرز لخطة ساركوزي. وهو رمز عودة فرنسا الى سياسة شرق أوسطية نشطة، وتتويج لجهود الرئيس الفرنسي الذي لم يكف، طوال العام الماضي، عن زيارة عدد من الدول في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، تباعاً. ووقع معها اتفاقات تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية. ولا شك في مطامح ساركوزي. والسؤال عما اذا كانت مطامحه قادرة على الصمود في الاختبار الفعلي. فهل في مستطاع فرنسا حمل الدول العربية على حوار مثمر مع اسرائيل؟ وهل في مقدروها حماية المنطقة من التهديد الإيراني؟ وفي صيغة أخرى، هل يسع فرنسا الاضطلاع بدور الولاياتالمتحدة؟ ثمة شك كبير في الأمر. وهل يمهد الاتحاد المزمع الطريق الى تعاون بين فرنسا، ممثلة للاتحاد الأوروبي، وبين الولاياتالمتحدة؟ وهل مثل هذه الرابطة في مصلحة اسرائيل؟ فربما علينا ألا ننسى ان أوروبا تميل الى رأي العرب في النزاع العربي ? الإسرائيلي. والظن ان جهود ساركوزي في مشاركة زعماء ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا الذين يبدون بعض التفهم لمواقف اسرائيل، قرينة على تغير عميق في المواقف الأوروبية من النزاع، لا سند له. ولكن يحتمل ان يثير مشهد رئيس حكومة اسرائيل واقفاً الى جنب ساركوزي، على منصة الشرف في الشانزيليزيه، يوم الاحتفال، ولو بعيداً من زعماء الدول العربية الواقفين على بعض المسافة منهما، انطباعات ايجابية، ويحيي بعض التفاؤل. عن تسفي مزال، "هامركاز هيروشالمي لعنيني تسيبور" الإسرائيلي، 13/7/2008.