مونودراما "نهوض وإشراق"، للممثلة والمؤلفة الإيطالية فرانكا رام، كتبتها ومجموعة مونولوغات أخرى مع زوجها المسرحي الإيطالي داريو فو، أواخر ستينات القرن الماضي ومطلع السبعينات. واتّسمت تلك الحقبة بالنشاط السياسي والراديكالية والإرهاب والقمع. وفي تلك الحقبة أيضاً شنّت حركة النساء الإيطاليات حملات لانتزاع حقوق المرأة في الإجهاض والطلاق، والمساواة مع الرجل في العمل والمنزل. وأدّت فرانكا رام مجموعة المونولوغات في ميلانو، في 1977، قبل أن تنطلق بها في كل أنحاء إيطاليا، لمصلحة مجموعات نسوية. وكان ريع العروض يعود إلى الحركة، والإضرابات في المصانع، وإقامة مراكز رعاية واستشارات. وقدّمت أكثر من 3 آلاف عرض في إيطاليا، ودول أوروبية أخرى، وفي الأميركتين. وتروي"نهوض وإشراق"، قصة امرأة عاملة، مستغَلّة في البيت كخادمة، وفي العمل. والمرأة العاملة شخصية مهمة في المجتمع، لم تغفل فرانكا رام عن إبرازها في أعمالها. وهنا مقتطفات من مونودراما"نهوض وإشراق"، التي تدور أحداثها داخل منزل مؤلّف من غرفة فيها كل الأثاث، والزوجة أدا وزوجها ستيف وطفلهما والأخيران دميتان: أدا وهي تغيّر لطفلها:"... كم الساعة؟ سأتأخر عن عملي... أوه، أنظري إلى هذا يا أدا... لا أفهم كيف مؤخّرة صغيرة تستطيع إنتاج فضلات بهذه الضخامة!! بينما تغسل الطفل، تبدأ الحديث من زوجها ستيف. العائلة، هذه البقرة المقدسة التي نسميها العائلة، اختُرعت خصيصاً لكي ينعم الحمقى من أمثالك بالعمل كالعبيد في المصنع طوال النهار، ويعودوا ليلاً إلى زوجاتهم المتعددات الوظائف. إننا أكياس ملاكمة تروّحون عن أنفسكم فينا! تنتهي من غسل الطفل. تنشّفه وتلبسه مجدداً. ثم نساعدكم على القيام مجدداً، وهذه خدمة مجانية! وكل ذلك لتستعدوا في اليوم التالي، آكلين شاربين ممشطين، جاهزين لخدمة الست"شركة عالمية"، التي تنتعش ثم تفلس ثم تتضخّم ثم تنفّس... متلاعبة بقوى السوق. ويبدأ ستيف بالضحك، متعجّباً من هوسي بمساواتي له، ومتسائلاً إذا كنت أذهب إلى جلسات جماعية لرفع المعنويات؟ اسمع يا صاحب الرأس المفلطح، لست في حاجة إلى معاشرة مهووسات بالمساواة لأعرف أن حياتنا أشبه بكومة فضلات. كلانا يعمل كالعبيد. ولا وقت لدينا لنتحدّث معاً، ولا وقت ليختلي كل منا بنفسه قليلاً. أنت لا تسألني: هل أنت تعبانة؟ هل تريدين مساعدة؟ ومن يطبخ الطعام؟ أنا. ومن يجلي الصحون؟ أنا. ومن يتسوّق؟ أنا. ومن يساوم بشراسة ويعصر النفقات لكي يبقى مال حتى آخر الشهر؟ أنا، أنا، أنا. لدي وظيفة خارج المنزل أنا أيضاً. ومن يغسل جواربك الوسخة؟ أنا. كم مرة غسلتَ أنت جواربي؟ فهل هذا هو ما يسمّونه زواجاً؟ أريد أن يكون في إمكاني التحدّث إليك. أريد أن أعيش معك، لا مشاطرتك سقفاً واحداً. هل مرّ في ذهنك الغليظ أنني أعاني مشاكل أيضاً؟ مشاكلك هي مشاكلي، ولا أتذمّر من ذلك، ولكنني أودّ لو يكون شأني هو شأنك أيضاً، وليس شأنك شأني وشأني هو شأني وحدي... أرغب في التحدث إليك... ولكنّك، عندما تعود من العمل، تغمى على السرير. كل مساء: تلفزيون!! كل يوم أحد:"المباراة الكبرى! تتسمّر أمام 22 صعلوكاً يرتدون سراويل داخلية، ويلهثون خلف كرة بلهاء، ويركل بعضهم بعضاً على وجوههم، وثمة صعلوك يدوخ بينهم، مرتدياً سروالاً داخلياً، ولكنه يحمل صفّارة!.. يا ستيف، أنت لا تفقه شيئاً في الرياضة... ثم رحت أصرخ في وجهه وهو يصرخ وتعالى صراخنا وتبادلنا كل كلام نابٍ وجارح... وفي النهاية، قلت له:"حسناً، إذا كان هذا هو الزواج، أظن أنني ارتكبت خطأ جسيماً. ثم لمَمْتُ غلطتي تحمل أدا طفلها وتتوجّه نحو الباب. وهممتُ بالخروج، متحسّسةً المفتاح في يدي..." ألا تذكّركم هذه المقتطفات من حوار الست آدا مع نفسها بإحداهن في لبنان أو الأردن أو المغرب، أو في الهند أو هونولولو أو جزر القمر أو غوادالوب أو ناميبيا...؟!