كان البنطلون البنطال حكراً على الرجل حتى القرن التاسع عشر، قبل أن تعمد الفرنسيات إلى ارتداء ما عرف ب"السروال التحتي"، يرتدينه تحت تنانيرهن، متأثرات بزي النساء في تركيا وبلاد الشام. اقترن اعتماد البنطلون زياً نسائياً بسعي المرأة إلى التغيير والانتفاضة على وضعها الاجتماعي، ناظرة إلى الفستان أو التنورة الطويلة، كعائق يحول دون تحركها بحرية وعملية في سعيها اليومي، وبالتالي يحد من نشاطها خارج بيتها . ظهر البنطلون النسائي في منتصف القرن التاسع عشر، وتحديداً عام 1851، في نيويورك. وتحرر البنطلون من الاحتكار الذكوري، وغدا صرعة نسائية على يد الصحافية الأميركية أميليا جينكس بلومر، حين التقت الناشطة النسوية اليزابيث سميث ميلر، وانبهرت أميليا بالزي الذي كانت ترتديه اليزابيث آنذاك. وكانت الأخيرة ترتدي تنورة قصيرة تصل إلى تحت الركبة بقليل، وبنطلوناً منفوخاً كالبالون قماشه من قماش التنورة، ويضيق عند الكاحلين. واعتمدت أميليا هذا الزي لكونه مريحاً وعملياً. لكن سهام النقد كانت لها بالمرصاد، واتهمتها أوساط بأنها ترتدي ما هو غير محتشم، ويدفع على الفساد والانحراف و"فلتان"النساء. وشهد البنطلون النسائي ، مع مطلع القرن العشرين، تحولاً جوهرياً، حين أصبح جزءاً لا يتجزّأ من عالم الموضة. وأسهم في تعديل معايير الأناقة، حين اعتمدت مصممة الأزياء العالمية الأشهر، آنذاك، كوكو شانيل، البنطلون في تشكيلة أزيائها ليدخل خزانة المرأة رسمياً في عشرينات القرن الماضي. ولكن البنطلون ظلّ مثار جدال لم ينقطع، جدال كان يظهر على الواجهة الاعلامية، بين الفينة والفينة، على أيدي نجمات ومشاهير، كن أيقونات في زمانهن. ولعل أشهر من اقترن البنطلون بها، حتى أنها نادراً ما ظهرت بغيره، أسطورة هوليوود الراحلة كاترين هيبورن. وكانت تصرّ على ارتداء البنطلون خارج الاستديو، من دون أن تتراجع أمام نظرات الاستهجان التي كان الناس يمطرونها بها. ويروى عن هيبورن أنها حين نزلت في فندق"كلاريدج"، في العاصمة البريطانية، لندن، عام 1951، قيل لها إنه من غير المسموح الظهور بالبنطلون في بهو الفندق، فما كان من النجمة الأميركية إلاّ أن استخدمت المصعد المخصص للخدم طيلة إقامتها في الفندق.