تصاعد النقاش في الولاياتالمتحدة أخيراً، حول النظرية التطورية التي وضعها العالم الإنكليزي الشهير تشارلز روبرت داروين 1809-1882. وتميل أكثرية في المجتمع العلمي أميركياً الى تأييد الاتجاه العام عن التطوّر بحسب النظرية التي أبرزها داروين، مع نقد لكثير من جوانب تلك النظرية التي تتقادم باستمرار أمام التطور العلمي ومعطياته. وفي المقابل، فإن تلك الأكثرية تميل أيضاً لرفض فكرة عدم ملاحظة أن الكائنات الحيّة عرضة لعملية حيوية معقدّة من التطوّر، ولو أن أبعادها وتفاصيلها وآلياتها ما زالت بعيدة من الوضوح التام. ويمكن متابعة الكثير من تفاصيل هذا الخلاف الهائل على الموقع الرقمي لپ"الجمعية الأميركية لتقدم العلوم"وغيره. وطاولت يد ذلك النقاش الإنترنت. وانعكس ارتفاعاً حاداً في عدد زوار المواقع الشبكية التي تتصل بالنقاش حول التطور. ولعل أكثر المواقع تأثراً بهذا الأمر هو ذلك المخصّص لتشارلز داروين نفسه. ويفيد بأن داروين بدأ اهتمامه بالتاريخ الطبيعي أثناء دراسة الطب وعلم اللاهوت. وبرزت مواهبه كعالم في الطبيعة خلال رحلة علمية كُرّست لدراسة الكائنات الحيّة، توجها في عام 1838 بنظرية"الانتقاء الطبيعي". وفي عام 1859 صدر كتابه الشهير"أصل الأنواع"عن فكرة التطور والعلاقات التي تربط بين أنواع الكائنات الحيّة. جوبهت كتابات داروين بحملة عدائية شديدة من قبل الكنيسة حينذاك، كما تفعل راهناً، وخصوصاً في الولاياتالمتحدة. موقع لتاريخ نظرية داروين في ظل هذا النقاش الذي تصاعد في السنوات القليلة الماضية، بادرت جامعة كامبردج الى إنشاء موقع إلكتروني مُكرس لداروين، إذ اعتبرته من أبرز المشاهير في التاريخ العلمي البريطاني. وحمل الموقع عنوان darwin-online.org.uk. يتضمن كامل أرشيفه العلمي ووثائق بحوثه الأصلية التي تدور بمجملها حول نظرية التطور والنشوء والارتقاء. ويصف المسؤول عن هذا الموقع جون فان وايهي ما يقدمه على الإنترنت باعتباره"كنزاً ثميناً ومتحفاً علمياً مفتوحاً أمام الزائرين من شتى أصقاع الأرض، وخطوة ثورية أعادت الحياة لداروين في الفضاء الإلكتروني وألحقته بقافلة المشاهير في القرية الكونية... ويمكن الموقع من مطالعة اكثر من 43 ألف صفحة من الأبحاث و150 ألف صورة ما يتيح تتبع آثار داروين الكبيرة والصغيرة في مؤلف وثائقي إلكتروني موحد يغني الباحثين عناء التجوال بين المكتبات ودور العلم". يكشف الموقع عن بعض المؤلفات والوثائق والمدونات التي جمعها الباحثون بدأب. ويعرض كتاب"أصل الأنواع" Origine des Especes بصيغته التي صدرت في عام 1859 مع مقدمته المؤرخة في عام 1840. ويسمح بمتابعة ما دوّنه من ملاحظات أثناء سفره على متن السفينة"بيغل"، والتي جمعها في كتاب عنوانه"رحلة بيغل"Voyage du Beagle والتي استمرت بين عامي 1831 و1836 وتنقلت بين أستراليا وأميركا الجنوبية وجزر"غالاياجوس". وفي تلك المحطة الأخيرة، عاين داروين مجموعة كبيرة من العيّنات العضوية المتحجرة والحية، والتي أوحت له بفكرة"الانتقاء الطبيعي". والى ذلك يعرض الموقع أشرطة فيديو تعرض بعض خلاصات عن كتبه الأساسية، كما يسمح بالاطلاع على مذكراته الشخصية وبعض رسائله وصوره العائلية.