بعد شهور من مفاوضات الوساطة المصرية، سيستيقظ قاطنو قطاع غزة غداً على تهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية تتوقف بموجبها الأعمال العسكرية، على أن يُفتح معبران، ليس بينهما معبر رفح، خلال ثلاثة أيام. وفي وقت تعهدت حركة"حماس"التزام الاتفاق، سرّعت إسرائيل وتيرة ضرباتها في القطاع قبل سريان التهدئة، وقتلت ستة فلسطينيين، بينهم خمسة ناشطين من"جيش الإسلام"أحدهم قيادي. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة"إن مسؤولين أمنيين مصريين أبلغوا قيادات الفصائل الفلسطينية أمس بموعد ساعة الصفر للتهدئة التي ستبدأ صباح غد. وأكدت مصادر أخرى أن"حماس"أبلغت عدداً من الفصائل الفلسطينية تفاصيل اتفاق التهدئة وموعد سريانها، فضلاً عن ضرورة التزامها وعدم عرقلتها، خصوصاً أن بعض الفصائل تحفظ عن مبدأ التهدئة. وأشارت إلى أن الحركة أبلغت كوادرها وقواعدها باتفاق التهدئة وضرورة التزامه، وعدم تنفيذ أي عمليات أو هجمات ضد أهداف إسرائيلية. وقال الناطق باسم"حماس"سامي أبو زهري أمس إن الحركة ستلتزم ساعة الصفر التي أعلنتها مصر، لكنه شدد على أن"من حقنا أن نرد على أي اعتداءات من العدوان الإسرائيلي حتى بداية إطلاق التهدئة". وبموجب الاتفاق، ستوقف الفصائل المسلحة الفلسطينية هجماتها الصاروخية وأي عمليات أخرى ضد المواقع العسكرية أو المدن والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، فيما ستعمل إسرائيل على إعادة فتح معبري المنطار"كارني"في شرق مدينة غزة و"صوفاه"في شمال شرقي مدينة رفح التجاريين بعد ثلاثة أيام من بدء سريان التهدئة. ومن المتوقع فتح المعبرين الأحد المقبل. وتعهدت إسرائيل أيضاً السماح بإدخال كل البضائع والسلع الضرورية للقطاع، بما فيها الوقود، بعد أسبوع من بدء سريان التهدئة. وبذلت مصر جهوداً مضنية خلال الأشهر الأخيرة لجسر الهوة بين المطالب والثمن الاسرائيلي للتهدئة، وكذلك المطالب الفلسطينية. وكشفت مصادر فلسطينية ل"الحياة"أن مصر ستستضيف خلال أسابيع مفاوضات غير مباشرة بين"حماس"والدولة العبرية للتوصل إلى اتفاق لعقد صفقة تسليم الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليت. وقالت إن القاهرة ستستضيف وفداً من الحركة وآخر من إسرائيل سيقيمان في فندقين متجاورين، بعدما رفضت"حماس"أن يقيم وفدها في الفندق نفسه الذي سينزل فيه الوفد الإسرائيلي. وتوقعت مصادر أخرى التوصل إلى اتفاق في شأن شاليت، بعدما لينت حركة"حماس"موقفها وتراجعت عن تصميمها على إطلاق 450 أسيراً من المحكومين بسنوات طويلة إلى نحو 300 إلى 350 أسيراً، وافقت اسرائيل على كثير منهم، باستثناء عدد قليل ترفض إطلاقه بإصرار. ولقي اتفاق التهدئة ارتياحاً شعبياً لافتاً في الشارع الغزي. وبدا واضحاً مدى ارتياح المواطنين الغزيين للتهدئة بعد طول انتظار. ولفتت مصادر إلى أن التهدئة تحظى بإجماع غير مسبوق، حتى لدى فصائل المقاومة، بما فيها حركة"الجهاد الإسلامي"التي تحفظت عنها وأعلنت احتفاظها بحق الرد على أي عمليات تستهدف ناشطيها في الضفة الغربيةوغزة. واستبقت قوات الاحتلال بدء التهدئة بتكثيف غاراتها على القطاع، فشن الطيران الحربي الإسرائيلي ثلاث غارات جوية أودت بحياة ستة فلسطينيين في اقل من ساعة واحدة. واستهدفت الغارة الأولى سيارة قرب بلدة القرارة في شمال مدينة خان يونس جنوب القطاع، وأسفرت عن مقتل خمسة ناشطين من"جيش الإسلام"، بينهم قيادي في التنظيم العقائدي الصغير الذي ظهر للمرة الأولى في غزة قبل نحو عامين عندما شارك مع"حماس"و"لجان المقاومة الشعبية"في أسر شاليت. أما الغارة الثانية، فاستهدفت سيارة على الطريق الساحلية، وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخر بجروح خطيرة، فيما استهدفت الثالثة سيارة في منطقة البركة جنوب غربي مدينة دير البلح وسط القطاع، وأسفرت عن جرح ثلاثة فلسطينيين، أحدهم في حال الخطر الشديد.