رفض زعيم "المحاكم الإسلامية" أمس اتفاق التهدئة الذي وقعته الحكومة الموقتة ومعارضوها، معتبراً أنه"فخ لحرف الجهاد في الصومال عن مساره". وتعهد"مواصلة القتال حتى تحرير بلادنا من أعداء الله"، في إشارة إلى القوات الإثيوبية المنتشرة لحماية حلفائها في الحكومة الصومالية. وقال عويس المعروف بمواقفه المتطرفة في التيار الإسلامي الصومالي، في مقابلة مع إذاعة"شابيل"الصومالية الخاصة، إن الاتفاق الذي وقع أول من أمس في جيبوتي تحت إشراف الأممالمتحدة"لا يحدد جدولاً زمنياً لانسحاب القوات الإثيوبية... وهذا ليس واضحاً". ورأى أن"هدف الاجتماع كان إخراج الجهاد في البلاد عن سكته، لكنني أعتقد أن نتيجة المفاوضات سيكون لها تأثير على المقاومة في الصومال". وعويس أحد قادة"تحالف إعادة تحرير الصومال"، وهو ائتلاف معارض يهيمن عليه الإسلاميون، الذي وقع اتفاق الهدنة مع الحكومة الانتقالية. وتتهمه الولاياتالمتحدة بالارتباط بتنظيم"القاعدة"، وهو لم يشارك في المفاوضات التي أجراها من جانب المعارضة زعيم التحالف الشيخ شريف شيخ أحمد موقع الاتفاق مع رئيس الوزراء نور حسن حسين. وتولى شيخ أحمد وعويس قيادة"المحاكم الإسلامية"التي سيطرت قواتها لفترة قصيرة في العام 2006 على معظم جنوبالصومال، بما في ذلك مقديشو، قبل أن يطردها هجوم للجيش الإثيوبي وقوات الحكومة الانتقالية. وقال رئيس الوزراء الصومالي في مراسم التوقيع:"ظل الناس ينتظرون لفترة طويلة، لذلك فإننا نتحمل عبئاً يثقل كاهلنا". وصافح شيخ شريف أحمد في أول لقاء مباشر بين الوفدين خلال جولتين من المحادثات في جيبوتي. وقال الناطق باسم تحالف المعارضة:"هذا اتفاق تاريخي يعيد الأمل". وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته الأممالمتحدة، تتوقف الأعمال القتالية خلال الأيام الثلاثين التي تلي توقيع الاتفاق، والموافقة على ذلك لفترة أولى من تسعين يوماً قابلة للتمديد. ويطلب الاتفاق أيضاً من الأممالمتحدة أن"تجيز وتنشر قوة دولية لإرساء الاستقرار خلال 120 يوماً"تتألف من دول"صديقة"للصومال"باستثناء الدول المحاذية لها"، أي إثيوبيا. وخلال فترة ال120 يوماً، سيكون على الحكومة الانتقالية"أن تتحرك بما ينسجم مع القرار الذي اتخذته الحكومة الإثيوبية بسحب قواتها من الصومال إثر نشر عدد كاف من قوات الأممالمتحدة". أما التحالف المعارض، فينص الاتفاق على أن يدين علناً"كل أعمال العنف في الصومال وأن يتبرأ من أي مجموعة مسلحة أو أي فرد لا يلتزم هذا الاتفاق". ويشكل موقف عويس بداية متعثرة لاحترام اتفاق جيبوتي الذي تم تحت إشراف ممثل الأممالمتحدة الخاص في الصومال الموريتاني أحمد ولد عبدالله. لكن الشيخ حسن عبدالله هيرسي التركي الذي يوجد اسمه إلى جانب عويس في لائحتي الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة للمرتبطين بتنظيم"القاعدة"قال إن من وقعوا الاتفاق لا يمثلون من يقاتلون الحكومة وحلفاءها الإثيوبيين. وقال للصحافيين في مقديشو عبر الهاتف:"لن تكون هناك محادثات. سيكون هناك فقط رصاص وقذائف مورتر حتى نستعيد بلادنا بالقوة. سنستمر حتى نعيد فرض الشريعة الإسلامية". وتعهد عويس والتركي قتال أي قوات أجنبية، بما في ذلك جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة. وقال عويس:"لم تتمكن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من انتهاج خط محايد، ونحن نعتقد أنها تخدم الإدارة الأميركية". ولا يرى كثيرون أن اتفاق جيبوتي سيجلب السلام للصومال بعد 17 عاماً من الصراع الداخلي. وقال المحلل المختص في شؤون الصومال مارك شرودر إن الاتفاق"ولد ميتاً... وكم من هذه الاتفاقات رأينا من قبل. اتفاق السلام الصومالي هو حوار من أجل استهلاك المجتمع الدولي، ولا يمكن إهمال تأثير التمرد المسلح ما دام موجوداً على الأرض". ورأى أن إثيوبيا ليست في وضع يمكنها من الانسحاب وترك أمنها القومي معرض للخطر ما لم تنتشر قوات الأممالمتحدة. وفي القاهرة، رحبت الجامعة العربية باتفاق جيبوتي. وطالبت في بيان"بتنفيذ كل عناصره، بما في ذلك قيام الأممالمتحدة بالبدء في نشر قوات دولية من الدول الصديقة غير المجاورة للصومال خلال 120 يوماً، بالتزامن مع انسحاب القوات الإثيوبية من البلاد". ودعت"القيادات الصومالية إلى الاستفادة من الاتفاق لتحقيق المصالحة الوطنية وإعادة بناء مؤسسات الدولة". من جهة أخرى، حذرت ناطقة باسم الأممالمتحدة في جنيف من أن نصف سكان الصومال سيعتمدون على المساعدات الإنسانية بحلول نهاية السنة الحالية في حال لم تتراجع حدة أعمال العنف. وقالت إن"الوضع الإنساني آخذ في التدهور. وفي حال لم يتحسن، قد يحتاج 3.5 مليون شخص إلى مساعدة نهاية السنة الحالية". ويعتمد نحو 2.5 مليون صومالي على المساعدات الإنسانية، أي 35 في المئة من السكان.