الطرق المتداعية في بغداد وأنابيب الصرف الصحي التي تفيض، والنقص المزمن في المياه لا تلقى اهتماما يذكر وسط المعارك اليومية، وانفجارات القنابل واراقة الدماء في العراق. ومع اقتراب الصيف تواجه المدينة نقصا حاداً في المياه، ويتوقع ان تصل الحرارة الى 50 درجة مئوية والطلب على هذه السلعة الثمينة سيفوق المعروض. وسكان الحي يتملكهم الخوف من عودة وباء الكوليرا. وقال مدير الخدمات المائية صادق الشمري خلال جولة في حي بغداد الجديدة، وهو من أفقر أحياء المدينة ان أمام السلطات مهمة ضخمة لاصلاح شبكة انابيب المياه المهملة منذ عشرات السنين وتمثل تحدياً في ضوء الاحوال الأمنية السيئة. وأضاف قبل ان يضطره انفجاران مدويان، هو وبعض الجنود الاميركيين، الى البحث عن ساتر داخل المبنى ان"انعدام الأمن مشكلة". وشوارع بغداد الجديدة المتربة التي تمتد الى أقصى الضفة الشرقية لنهر دجلة تكشف بوضوح مدى الفقر الذي يعانيه السكان. ويلعب الاطفال الذين يرتدون ملابس مهلهلة في هذه الشوارع قرب أكوام من القمامة وبرك المياه الراكدة السوداء. ويجلس رجل يرتدي الزي التقليدي على حجر خارج منزله وهو يستمع الى مذياع قديم يعمل بالبطارية وبجواره طفل يحاول البحث عن طريق يستخدمه بين حفرة ممتلئة بمياه الامطار الاسنة وجبل من الاكياس البلاستيكية وعلب الكوكاكولا الفارغة والزجاجات البلاستيكية وعلب السجائر. حتى الخدمات في حي مدينة الصدر وهو من الأحياء الفقيرة، التي تقع الى الشمال من حي بغداد الجديدة، ويعيش فيه مليونا نسمة، حيث تخوض قوات أميركية وعراقية معارك ضد ميليشيا شيعية موالية لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أفضل من الخدمات هنا. قالت أم سارة، وهي زوجة عمرها 54 عاما، غادرت متجراً وهي توازن زجاجة مياه فيها 23 ليتراً على كتفها انها تخاف مياه الصنابير بسبب الجراثيم. والأكثر فقراً، مثل سامي محمود، يستخدمون المضخات لسحب المياه الجوفية الى صهاريج تخزين عندما تسمح الكهرباء بذلك. لكن هذه المياه غير آمنة. فقد انتشر وباء الكوليرا في الماضي نتيجة لحفر آبار في مناطق غير نظيفة. وكل هذه الاحوال تخلق عملاً لأشخاص مثل حسين جواد الذي يعمل في السباكة. وقال ان عمله في الصيف، حين لا توجد مياه كافية لذلك يقوم بتركيب مضخات وصهاريج. مضيفا أنه يحقق مكاسب جيدة. وتقول سلطات بغداد إنها تعمل بجدية لبناء وحدات كبيرة لمعالجة المياه ذات قدرات كافية لتلبية مطالب المدينة كلها. لكن هذه الوحدات لن تعمل قبل اواخر عام 2009. وعرض مسؤولون أميركيون المساعدة في عمليات اصلاح قصيرة المدى. ويشمل مشروع يشرف عليه البريغادير جنرال مايك ميلانو إقامة منشآت تنقية في مركز امن اميركي عراقي مشترك ثم نقل المياه الى حاويات يتم توزيعها على الاحياء بالشاحنات. وقال ميلانو"ستكون هناك مشكلة تتعلق بمياه الشرب هذا الصيف في بغداد. البرامج المستمرة لعلاج النقص لن يتم الانتهاء منها في الموعد. اننا نبحث عن سبل لتوفير قدرات. هذه المشاريع جسر بين ما نحن فيه الآن واين سنكون". والخدمات في العراق مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء في حالة سيئة منذ الغزو عام 2003. وتسببت سنوات الحرب والتخريب والاهمال في اصابة منشآت البنية الأساسية بالعجز وعرقلت جهود اعادة الاعمار. وأصبح الفساد متوطنا وابتلع بلايين الدولارات من اموال المساعدات. وأصبح الدعم الأمريكي للاعمار في العراق مثار جدل في الداخل بدرجة متزايدة. وفي الأسبوع الماضي أقرت لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ قانوناً يحظر على وزارة الدفاع تمويل برامج تكلف أكثر من مليوني دولار. ويريد العديد من اعضاء الكونغرس ان تخفض الولاياتالمتحدة المثقلة بالعجز المساعدات للحكومة العراقية. لكن ميلانو يعتقد ان على الولاياتالمتحدة واجب الاعمار. وقال"مهمتنا الاساسية هي حماية السكان وضمان حصولهم على مياه كافية وكهرباء وصرف صحي ومستشفيات".