إذا لم نكن نعي مشاكلنا فتلك مصيبة، أما إذا أدركناها وأردنا التعامي عنها فالمصيبة أعظم. جاءت تصريحات السادة المسؤولين في جميع لقاءاتهم التلفزيونية أو الصحافية التي كرست لشرح مسألة قسائم دعم المازوت، رافضة ومتجاهلة مسألة غاية في الأهمية، وهي حق المواطنة الأرملة أو المطلقة أو العازبة، ليس في قسائم دعم المازوت فحسب، فذلك جانب بسيط من جوانب المشكلة، ولكن حقها في أن تعامل كمواطنة كاملة الحقوق والواجبات، استناداً إلى المادة 25 من دستور الجمهورية العربية السورية والتي تقر أن الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم، سيادة القانون مبدأ أساسي في المجتمع والدولة، المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين. ولن يحل المشكلة التغاضي عن واقع قائم بأن هنالك عشرات وربما مئات الألاف من المواطنات المطلقات والأرامل أو العازبات، اللواتي يسكنّ وحدهن بحكم عدم زواجهن أصلاً، أو عدم انجابهن، أو لأن أولادهن كبروا واستقلوا، وبقين لوحدهن، إما لأنهن اخترن ذلك، أو لوفاة الوالدين، أو لأن سكن إحداهن مع أحد إخوتها الذكور المتزوجين لم يعد اصلاً مقبولاً اجتماعياً، وإن وجود أو عودة المرأة لخانة أهلها لا يلغي واقع سكنها في منزل مستقل. فهل من المنطق أن تعاقب هذه الشريحة من المجتمع بحرمانها من التدفئة، بغض النظر عن تعدادها وذلك مختلف عليه، لعدم وجود احصاءات دقيقة. المسألة أبعد بكثير من مسألة المازوت، هي مسألة أحقية المرأة في المواطنة حقوقاً وواجبات، وهذا ما كفله لها الدستور، وإن استند المشرعون إلى بعض المواد الجائرة في القانون والمخالفة للدستور، فلنعدل القانون بما يتناسب مع الدستور. المطالبة بحق المواطنات بقسائم الدعم يندرج ضمن إطار المطالبة بصحيفة مدنية مستقلة للمرأة، تطبيقاً لمواد الدستور باعتبارها مواطنا كامل الأهلية، وضمن مطالبتنا بتعديل مواد قانون الأحوال الشخصية المجحفة بحق المرأة والمتعارضة مع الدستور أيضاً. أما الدوران حول المشكلة بمهاجمة المدافعات عن حقوق المرأة ووصفهن بالانفعالية والتسرع والتشدق، وغير ذلك فلن يحل المشكلة، بل سيكرسها بتكريسه العقل الذكوري الذي يحكم ويفسر القوانين وينفذها. في الدولة المدنية الحديثة هناك عقد اجتماعي بين المواطن والدولة مبني على حقوق وواجبات، يحصل فيه كل مواطن على حقه ما دام مواطناً في هذه الدولة، دون وجود استثناءات قائمة على الجنس أو العرق أو الدين. مية الرحبي - بريد ألكتروني