يعشق العراقيون سمك"المسقوف"الذي يطهى على أعواد الحطب. لكن سنوات من الصراع والكوارث البيئية قلّلت من إمدادات الاسماك النهرية الشهية وهي المكوِّن المفضل لاعداد هذا الطبق. ويهدف مشروع تدعمه الولاياتالمتحدة في وسط العراق، الى اعادة احياء مزارع الاسماك الخربة، وتلبية الطلب الكبير على الاسماك الذي يرجح أن يزيد مع تراجع مستويات العنف. وقال الأميركي دوين ستون المتخصص في المزارع السمكية ومستشار المشروع، إن"الاسماك هي المنتج الوحيد الذي يتجاوز هامش ربحه 200 في المئة حالياً، بسبب نقص الكميات". وفي وقت ما كان يجرى اصطياد الاسماك من نهر دجلة الذي يجري عبر بغداد، لاستخدامها في اعداد"المسقوف". لكن التلوث قلل من أعداد الاسماك، كما أن الصراع الذي نشب عقب الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003 جعل عمل الصيادين في النهر خطيراً. وفي العام الماضي أحجم الناس عن تناول أسماك نهر دجلة، حين سرت اشاعات بأن الاسماك تأكل جثث ضحايا العنف التي تلقى في النهر. وأفادت منظمة الأغذية والزراعة انه في السنوات الاخيرة لحكم الرئيس السابق صدام حسين، أدى تجفيف المستنقعات الجنوبية للعراق واقامة السدود على نهري دجلة والفرات، الى تراجع حاد في كميات الاسماك التي يتم اصطيادها قبالة الساحل العراقي، فانخفض انتاج سمك المزارع، واضطرت معظم المطاعم الموجودة على امتداد واجهة نهر دجلة والتي كانت تكتظ بالزبائن لتناول السمك"المسقوف"، الى اغلاق أبوابها بسبب أعمال العنف التي أعقبت الغزو. لكن في ظل التراجع الكبير في أعمال العنف في العاصمة على مدار العام الماضي، تعيد بعض المطاعم فتح أبوابها، ما يزيد الطلب على الاسماك وهو ما يلبى جزئياً من خلال الواردات من إيران. ويأمل مسؤولون أميركيون بأن يساعد انتاج الملايين من السمكة الفضية في بحيرات شاسعة في مزرعة أسماك الفرات، على تلبية الاحتياجات وتعزيز اقتصاد وسط العراق. وتسدد الولاياتالمتحدة تكلفة الملايين من أسماك الشبوط التي يبلغ عمرها ثلاثة أشهر وسترسل من أكبر مفرخ في العراق الى قرابة الف مزرعة سمكية في محافظة بابل، وهي منطقة تقليدية لزراعة الاسماك الى الجنوب من بغداد. وهناك ستنمو هذه الاسماك لتصل الى حجمها الطبيعي قبل بيعها. وبدأت مزرعة أسماك الفرات كأحد مشاريع صدام اللافتة عام 1979 على مرأى من القصر المهيب الذي شيده الرئيس العراقي السابق على أنقاض مدينة بابل القديمة. لكن انتاج الاسماك الصغيرة المعروفة باسم الزريعة انخفض الى أقل من مليونين العام الماضي، بعدما وصل عددها الى 12 مليوناً في أوائل التسعينات. وفي العام الحالي قفز الانتاج الى 12 مليوناً مجدداً بفضل مساعدات أميركية بلغت 3.6 مليون دولار. وحين يكتمل نمو هذه الاسماك يمكن أن تبلغ قيمتها نحو 180 مليون دولار في الاسواق العراقية.