لم يصدق أبناء الفلوجة رواية روجها الأميركيون ورجال الشرطة في المدينة عن انفجار استهدف مقر السيماك المشترك الذي يُعد أكبر مجمع مشترك للقوات الأميركية والعراقية هناك، ولا سيما أن البيانات الصادرة عنها اتسمت بالغموض والتناقض. وكانت الرواية الأميركية للحادث أكدت أن السيارة المستخدمة في الانفجار كانت مركونة على حافة أحد الشوارع ليومين قبل أن يقودها أحد عناصر الشرطة الى داخل المقر للتأكد من أنها غير مفخخة. إلا أن هذه الرواية لم تكن مقنعة، خصوصاً أن عملية كشف السيارات المفخخة تجري غالباً خارج المعسكرات وفي أماكن اكتشافها، ولا تنقل الى المقر الرئيسي، كما أفادت القوات الأميركية. وعزز الغموض المحيط بالحادث، رواية مفادها أن الشرطي الذي كان يقود سيارته الحكومية فخخها قبل دخوله المقر واستطاع ادخالها وتفجيرها في الوقت المناسب بعد وصوله الى المعسكر. وأكدت روايات رجال الشرطة الذين كانوا في موقع الحادث، فرضية أن الشرطي فجر سيارته في نهاية رتل أميركي. وتتزايد مخاوف أهالي الفلوجة التي عانت مرارة المعارك الكبيرة، من عودة الانفلات الامني الى المدينة مع تواتر أنباء عن عمليات كبيرة تزايدت خلال الأسبوعين الماضيين. وتتعدد الأقطاب المتنفذة داخل مدينة الفلوجة وتوزعها بين"الحزب الاسلامي"و"مجالس الصحوة"وتنظيم"حماس العراق"وعدد من الفصائل المسلحة العراقية التي رفضت التفاوض مع الأميركيين أو الانضمام الى مجالس"الصحوة". إلا أن تلك الفصائل المناوئة للقوات الأميركية تبدو اكثر فاعلية من مجالس"الصحوة"و"الحزب الاسلامي". ويعود سبب قلق الأهالي الى وجود خروقات كبيرة في جهاز شرطة المدينة وانخراط عناصر تنظيمات، تلتقي مع تنظيم"القاعدة"على رفض الحوار مع القوات الأميركية وضرورة حمل السلاح لإخراجها، في قوات الأمن. ويبدو أن ضعف دور مجالس"الصحوة"في الفلوجة والخروقات التي تعاني منها أجهزة الأمن كانت سبباً رئيساً وراء وقوع التفجيرات الأخيرة ولا سيما تفجيري الأسبوع الماضي، واللذين استهدف أولهما مجمعاً للدوائر الحكومية ومركزاً للشرطة وأدى الى انهيار المركز بالكامل، فيما وقع الثاني في مقر السيماك ورافقه تكتم شديد من أجهزة الامن. يؤكد ل"الحياة"قائد شرطة الفلوجة فيصل الزوبعي وجود خروقات كبيرة في صفوف قوات الأمن، ويقول إن الفلوجة ظلت لوقت طويل ساحة للفصائل المسلحة، مشيراً الى أن مجالس"الصحوة"هناك لا تزال فتية، إذ شُكلت قبل شهرين ولم تستطع فرض وجودها على بقية مكونات المدينة. ويؤكد أن طول المسافة الفاصلة بين الرمادي مركز محافظة الأنبار والفلوجة جعلها بعيدة عن سيطرة مجالس الصحوة في الرمادي وبقائها نقطة نزاع بين أطراف مختلفة. ويعزو الشيخ عبدالجبار الدليمي عضو مجلس"صحوة الفلوجة"المشكلات الأمنية في المدينة الى عدم فاعلية مجالس"الصحوة". ويقول ل"الحياة"إن القوات الاميركية ركزت على تطهير محافظة الانبار وأهملت مدينة الفلوجة، ما تسبب في تأخير تشكيل مجالس"الصحوة"التي لم تستطع لعب الدور المطلوب منها وسط سيطرة بقية الاطراف السياسية والمسلحة عليها. وأكد أن مجلس"صحوة الفلوجة"في حاجة الى وقت طويل قبل أن يتمكن من ضبط الأوضاع الأمنية فيها، مطالباً الحكومة بمعالجة الخروقات التي تعاني منها أجهزة الأمن في المدينة واعتبرها أمراً أساسياً لمعالجة الوضع الأمني برمته. وكانت الفلوجة شهدت خلال الأيام الأخيرة توزيع منشورات لتنظيم"القاعدة"تحذر أفراد الشرطة والمجلس المحلي في المدينة ورجال الأعمال من مواصلة أعمالهم ووصفتهم بأنهم مرتدون. وكان منزل رئيس المجلس المحلي في الفلوجة الشيخ حميد هاشم العلواني تعرض إلى هجوم الجمعة حصل خلاله اشتباك مع أجهزة الأمن التي تحرس المنزل من دون وقوع خسائر بشرية، وفقاً لتقارير من المدينة.