انتظرت دمشق حتى الذكرى 11 لرحيل الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس، لتحيي ذكراه للمرة الاولى في شكل رسمي، في اطار برنامج"متواضع"اقتصر على بعض النشاطات في حصين البحر، مسقط رأسه. وأوضحت ديمة ونوس ابنة الراحل، ان احياء ذكرى رحيل والدها"جرى لاربع سنوات بعد رحيله وكانت تنظمه أمي ارملة ونوس فايزة شاويش بجهد شخصي، فتقيم مجموعة من رجال المسرح والشعر والغناء". وكان من ضمن من غنوا في ذكرى ونوس اللبناني مارسيل خليفة والمصري محمد منير. وكان الاحتفال بذكرى ونوس توقف بعد ثلاث سنوات على رحيله. بداية الاحتفال جاءت عبر كلمات تستحضر ونوس ألقيت في مدرسة القرية. وحضر كثيرون من أهل حصين البحر، اضافة الى عدد قليل من المدعوين من قبل احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008، التي رعت الاحتفال. وألقت أمينة الاحتفالية حنان قصاب حسن كلمة مقتضبة، أكدت فيها انها فوجئت عندما علمت في اللحظات الاخيرة انها ستلقي كلمتها في المدرسة، وكانت تظن ان ذلك سيتم قرب ضريح ونوس. وأضافت بعد الاحتفال بينما كانت تشق طريقها الى الضريح بين الحضور، انها ارتبكت ولم تستطع قول ما تريده، مشيرة في شيء من الأسى الى ان حديثها كان سيخرج أكثر صدقاً قرب الضريح. واستذكرت اللقاءات التي جمعتها بالأديب الراحل في سنواته الاخيرة عندما كانت تعمل على كتابة"القاموس المسرحي". ولفت مدير المسارح والموسيقى عجاج سليم الى الأثر البالغ الذي تركه ونوس، مشيراً الى ان"المفهوم الونوسي للبشر سمح لبقايا النور في ارواحنا ان تشع من دون خوف". وحضرت الجملة الشهير لونّوس"اننا محكومون بالعمل وما يحدث لا يمكن ان يكون نهاية التاريخ"في أحاديث من استذكروه، ومنهم أرملته فايزة شاويش التي تساءلت ما اذا كان ونوس سيبقى مصراً على كلماته تلك ان قيضت له حياة أطول لأنه"حقيقي ومؤمن بانسانيتنا واعتقد بأنه كان سيبقى مصراً على كلماته". عبارة ونوس كانت محفورة على ضريحه الذي تعلوه صخرة، قال البعض انها تمثل قبعته التي لازمته في صوره، والى جانبها عبارة اخرى تقول:"رحلة في مجاهل موت عابر". وقبل ان يتناوب شعراء شبان على إلقاء قصائد قرب الضريح، ألقى الشاعر السوري عادل محمود قصيدته"هوية"التي بدت وكأنها مرثية لونوس. لكنه اكد انها ليست موجهة الى ونوس بل هي"رثاء ذاتي ولذلك قد تبدو انها منطبقة على ونوس". وعرضت للمناسبة مسرحيتان، واحدة لطلاب في المعهد العالي للفنون المسرحية بعنوان"العميان"يختلط فيها الممثلون في سيرهم المتعثر مع الجمهور. اما المسرحية الثانية فقدمتها فرقة"كون"المسرحية الشابة وهي بعنوان"جثة على الرصيف"، معدّة عن نص لسعد الله ونوس يحمل العنوان نفسه. "القرية احتلت حيزاً مهماً في مذكرات والدي التي لم تنشر"، تقول ديمة. وتضيف:"كان سعد الله ونوس يعتبر ان المسرح حالة اجماعية وكان سيفرح لرؤية عرض مسرحي يقدم في قريته، فما كان يعنيه اكثر هو تفاعل الجمهور مع الممثلين وتفاعل الجمهور بين بعضه البعض وكيف يفهمون ويرون عروض كهذه". لكن ديمة وصفت هذه الاحتفالية وفعالياتها بالفقيرة، إذ"لم يعلن عنها كما يجب كما لم يدع إليها الكثيرون"، موضحة ان"الحضور هذه المرة كان قليلاً جداً ويقتصر على أهل القرية، اما حضور الاحتفاليات الاولى فبلغ آلاف القادمين من دمشق والمدن المجاورة للقرية". وتعتبر ابنة الراحل انه لم يبذل جهد حقيقي لتقام الاحتفالية في شكل ناجح ولتكون باسم مبدع من مبدعي سورية في وقت تحتفل دمشق بكونها عاصمة للثقافة العربية". اما الشاعر السوري عادل محمود فاعتبر الاحتفالية"لفتة جيدة، لكنها ليست اكثر من ملء برنامج وليست من الفعاليات المؤسسة ضمن احتفالية دمشق الثقافية". وسعد الله ونوس 1941-1997 من ابرز المسرحيين العرب، لاقت اعماله اهتماماً استثنائياً. وقد توقف عن النشر والكتابة بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. وعاد ليكتب في اوائل التسعينات بينما كان يعاني من مرض السرطان وتوفي على اثره. من مسرحياته"طقوس الاشارات"، و"منمنمات تاريخية"، و"الايام المخمورة"التي نشرت في العام الذي توفي فيه.