استبقت إسرائيل زيارة مرتقبة لرئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان لإبلاغها بموافقة الفصائل الفلسطينية خلال اجتماعها في القاهرة على خطة التهدئة في قطاع غزة، بخفض التوقعات من الهدنة واحتمالات التوصل إليها. ونقلت إلى القاهرة تحفظات عن عدد من بنود مسودة الاتفاق، كما أبرزت وسائل الإعلام العبرية معارضة معظم أعضاء الحكومة الأمنية المصغرة قبول إسرائيل باتفاق التهدئة،"باعتباره يمنح الشرعية لحركة حماس لتقيم دولة إرهاب في القطاع". وهاجم وزير الأمن الداخلي أفي ديختر الحكومة بسبب"دحرجة عجلة الإرهاب إلى الوراء"وعجز الجيش عن توفير الردود الملائمة على"حرب الاستنزاف"المتواصلة وعلى تساقط القذائف الفلسطينية على جنوب إسرائيل , والتي ارتفعت في شكل هائل منذ بداية هذا العام. ودعا الحكومة الأمنية في اجتماعها أمس إلى التوصل إلى تهدئة في القطاع"من خلال الردع لا بالاتفاق، وليس من خلال التفاوض غير المباشر مع حماس". وأضاف:"في قطاع غزة تنشأ دولة إرهاب مع سمات إشكالية... يتم إنشاؤها على غرار حزب الله، يتم تهريب الأسلحة من مصر إلى القطاع بكميات ونوعيات مقلقة... ودولة الإرهاب هذه تحظى بالشرعية من مصر وربما بأكثر من ذلك". وهاجم ديختر مصر ل"عدم قيامها بفعل شيء"لوقف تهريب الوسائل القتالية من أراضيها إلى القطاع. ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن اجتماع الحكومة الأمنية المصغرة أن معظم أعضائها يعارض التوصل إلى تهدئة مع"حماس"بحجة أن الحركة ستستغل فترة الاتفاق للتسلح وإعادة تنظيم صفوفها والتخطيط لعمليات جديدة في إسرائيل. وحذر رئيس جهاز"الشاباك"يوفال ديسكين اجتماع الحكومة من تعاظم قوة"حماس"العسكرية ومن تخطيطها لتنفيذ عمليات"نوعية"لمناسبة احتفال إسرائيل بالذكرى السنوية الستين لإقامتها التي تصادف الخميس المقبل. وتجنب رئيس الحكومة إيهود أولمرت إعلان موقفه من التهدئة المتوقعة، متعللاً بأنه سيستمع أولاً إلى موقف وزير الدفاع إيهود باراك وأركان المؤسسة الأمنية. وكانت صحيفة"هآرتس"أفادت في عنوانها الرئيس أمس أن إسرائيل نقلت قبل أيام إلى مصر تحفظاتها عن عدد من بنود اتفاق التهدئة المتبلور، وأنها ترى أن من شأن الصيغة المقترحة أن تعزز قوة حركة"حماس"وتضعف مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وأضافت أن مسؤولين كباراً في مكتب رئيس الحكومة ووزارة الخارجية أبلغوا مبعوث وزير الخارجية المصري حسام زكي بهذه التحفظات لدى زيارته إسرائيل الأحد الماضي. وأضافت أن الإسرائيليين شددوا على مسامع المبعوث المصري على أن"حماس"تسعى إلى وقف إطلاق نار لكسب الوقت على خلفية الحصار الاقتصادي على القطاع والضغوط العسكرية الإسرائيلية على الحركة. واعتبروا أن"التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق نار من دون معالجة تعاظم قوة حماس فكرة ليست جيدة. وستكون النتيجة أن وقف إطلاق النار سيؤدي إلى تقوية حماس وإضعاف عباس". وتابعت"هآرتس"أن المبعوث المصري أبلغ مضيفيه قلق بلاده من احتمال اختراق معبر رفح مجدداً. وقال:"نحن لا نقبل أن يحدث أمر كهذا"، كما شدد على أن مصر تعتزم محاربة تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع بصورة جدية أكثر من الماضي،"فهذه مسألة مهمة بالنسبة إلينا ونحن نعتزم أن نعزز نشاطنا أكثر، وسيساعدنا الأميركيون في هذه المهمة بتزويدنا عتاداً تكنولوجياً، وسيتحسن الوضع". وأكد مصدر سياسي إسرائيلي تحدث إلى الصحيفة أن الدولة العبرية لا ترى أن اتفاقاً بين الفصائل قد ينجز قريباً بسبب الخلافات بين قيادة"حماس"في القطاع وقيادتها في دمشق، فضلاً عن الخلاف بين القيادة السياسية للحركة والقيادة العسكرية داخل القطاع، مؤكداً أن الأخيرة ليست متحمسة لاتفاق تهدئة في الوقت الراهن. ونقلت الصحيفة عن جهات أمنية إسرائيلية تقديراتها أن"اتفاق الفصائل على كف عفريت"وأن المستوى السياسي لحركة"حماس"لا يتحدث عن هدنة تهدئة طويلة الأمد إنما عن تهدئة لفترة قصيرة وان الدافع الأساسي للتهدئة، فضلاً عن رفع الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع هو"رغبة قادة الحركة في أن يحظوا، ولو موقتاً على الأقل، بحصانة من عمليات اغتيال إسرائيلية". لكن مصدراً سياسياً رفيعاً قال إنه على رغم تحفظات إسرائيل عن صيغة التهدئة، فإنها قد تواجه معضلة إذا ما واصلت تحفظها،"في حال نجحت مصر في التوصل إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية... لكن في المقابل، فإن الموافقة على ذلك ورفع الحصار سيشكلان انتصاراً لحماس".