سارعت إسرائيل أمس إلى التقليل من أهمية الأخبار التي تتحدث عن قرب توصلها وحركة"حماس"إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة. واعتبرت مصادر سياسية رفيعة التقارير الصحافية في هذا الصدد"مبالغاً فيها"وتنم عن الضائقة التي تعيشها الحركة، فيما نقلت وسائل الإعلام العبرية عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة إيهود أولمرت تأكيدها أن إسرائيل لم تغيّر سياستها تجاه"حماس"وأن الحركة"كانت وما زالت منظمة إرهابية"وبالتالي فلا نية لدى إسرائيل ولا مجال للحديث عن إمكان التوصل إلى اتفاق أو إجراء مفاوضات معها، مباشرة أو غير مباشرة. وفي حين يقضي أقطاب الدولة العبرية إجازات الفصح اليهودي حتى نهاية الأسبوع ولا يعقبون رسمياً على الأنباء عن تقدم في المفاوضات بين مصر و"حماس"لإنجاز اتفاق تهدئة، أخذت"مصادر سياسية"على نفسها مهمة التعقيب، ونقلت لوسائل الإعلام العبرية موقفاً إسرائيلياً يرى أن الأفكار التي طرحها رئيس المكتب السياسي في"حماس"خالد مشعل خلال لقائه الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر"تعكس الضائقة التي تعيشها الحركة"بفعل الحصار العسكري والاقتصادي الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة ما يحول دون تمكن الحركة من تصريف شؤون سكان القطاع وبالتالي يعرّض حكمها إلى الخطر. واعتبرت المصادر أن"لا حاجة إلى اتفاق لوقف النار، وكل ما ينبغي على حماس فعله هو وقف إطلاق النار ووقف القصف الصاروخي على جنوب إسرائيل". وقالت إنه في حال التزمت الحركة ذلك فإن"إسرائيل من جانبها ستوقف على الفور نشاطاتها العسكري في القطاع". وأضافت أن"حماس"تريد من خلال"اختلاق أخبار"عن هدنة تحسين مكانتها السياسية والعسكرية والمدنية داخل القطاع. وأشارت إلى أن الاجتماع بين مشعل وكارتر حسّن مكانة الحركة دولياً،"إذ تعتقد أن فوز المرشح الرئاسي الأميركي باراك أوباما الذي يدعمه كارتر سيقود إلى تغيير واشنطن سياستها تجاه حماس". ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن مصدر قريب من رئيس الحكومة قوله إنه يجدر التقليل من شأن الأنباء عن تهدئة محتملة. وأضاف أن رئيس الحكومة أصدر تعليماته للجيش بعدم تخفيف عملياته العسكرية ضد"حماس". ونفى أن تكون مصر قدمت لإسرائيل مسودة اتفاق للتهدئة. ورفض الوزير مئير شيتريت في حديث للإذاعة ذاتها فكرة التوصل إلى تهدئة مع"حماس". وقال إنه لا ينبغي على إسرائيل وقف النار"لأن حماس ستستغل ذلك لمصلحتها لتعزيز قدراتها العسكرية". وأضاف:"لا ينبغي أبداً إظهار أي تردد في الحرب على حماس لأن الأخيرة تعتبر ذلك نقطة ضعف إسرائيلية، بل تجب مواصلة الحرب على الحركة بلا توقف ولا تردد". واعتبر رئيس جهاز الموساد السابق النائب العمالي داني ياتوم الأخبار عن التهدئة بالون اختبار تطلقه"حماس"لفحص الموقف الإسرائيلي. ورأى أن ثمة مصلحة لكل من إسرائيل و"حماس"للتوصل إلى"تهدئة"، لكن يجب على إسرائيل أن تحرص على الفصل بين غزة والضفة في أي اتفاق تهدئة وأن تضمن في اتفاق كهذا وقف تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع. إلى ذلك، شككت أوساط أمنية في مدى نفوذ مشعل على قياديي الجناح العسكري للحركة في غزة، ورأت أن"ثمة شكوكاً كبيرة في أن يأتمر قادة هذا الجناح بأوامر مشعل". ونقلت صحيفة"هآرتس"عن هذه الأوساط قولها إن"حماس الداخل"لن تقبل بتهدئة من دون مقابل حقيقي من إسرائيل مثل فتح المعابر، وتحديداً معبر رفح"لتكون قادرة على تسويق مثل هذا الاتفاق لعناصرها ولسائر الفصائل الفلسطينية المتطرفة التي تشارك في الحرب ضد إسرائيل". وتوقع المعلق في الصحيفة افي يسخاروف أن يمهّد تنازل"حماس"عن شرطها ربط أي اتفاق بتنفيذه في الضفة الغربية أيضاً الطريق لاختراق في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل. وزاد أن رفض الدولة العبرية مثل هذا الاقتراح سيدفع الحركة إلى تصعيد عملياتها العسكرية على إسرائيل من جديد"منطلقة من الافتراض بأن تكبيد إسرائيل خسائر في الأرواح سيضطر الأخيرة إلى قبول الاقتراح".