أكدت المستشارة الإعلامية لمكتب الشؤون القانونية والمجلس القانوني في الأممالمتحدة، راضية عاشوري أن فريق الأممالمتحدة المعني بالمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان"متنبه الى المناخ السياسي المحيط بموضوع المحكمة ونحن نحترم هذا الوضع ولذلك فإننا نعمل على شرح ما نقوم به وما هي أفضل الضمانات من اجل التعاطي معها كجسم مستقل"، كما أكدت، تعليقاً على محاولات وضع المحكمة ضمن السجال السياسي، انه"لن تحصل لا اليوم ولا غداً، أي مقايضة على المحكمة وهي أمر غير قابل للعودة به الى الوراء". وسألت عاشوري التي كانت تتحدث أثناء طاولة مستديرة نظمتها مؤسسة"فريدريش ايبرت"الألمانية وپ"المركز الدولي للعدالة الانتقالية"أمس في بيروت مع عدد من رجال الإعلام المرئي والمكتوب في فندق فينيسيا قبل ظهر أمس:"هل سيتم التخلي عن الفكرة. هل سيتغير عملها المحكمة؟"، وأجابت:"ستعمل كما تقرر منذ البداية استناداً الى الوثائق التي صدرت في شأنها قرارات مجلس الأمن والملحق المتعلق بنظام وتنظيم عملها... لكن هذا لا يمنع الناس من ان يصدروا التحليلات، لكننا نعتقد بأن متى قامت هذه المحكمة يمكننا ان نكون واثقين بأن الناس سيستطيعون تمييز الأمور". وقدم ممثل"فريدريش ايبرت"سمير فرح هدف الطاولة المستديرة بالقول:"إن لبنان الذي كنا نعرفه قبل 14 شباط/ فبراير تاريخ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 ليس هو لبنان الذي عرفناه بعد هذا التاريخ والذي نعرفه في الوقت الحاضر". واعتبر"ان اغتيال الحريري فتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان ومهّد لمرحلة متغيرة". وأكد دعم المؤسسة للمحكمة، مشيراً الى انه ليس دعماً لجهة ضد جهة ثانية، وشدد على ان ليس من دولة في العالم يمكن ان تنعم بالسلام، الاستقرار، الاستقلال، والتقدم في غياب القانون والعدالة. وتحدثت عاشوري عن فهم الأمانة العامة للأمم المتحدة التفويض"الذي عهد الى المحكمة"قائلة إن"الغرض من إنشائها الإسهام في وضع حد لعدم المعاقبة والمساءلة القانونيتين ووقف نهج الاغتيال السياسي... وهو مطلب جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والطائفية". وأشارت الى ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون"عمل على إنشاء هيكل قانوني صرف بعيداً من الاعتبارات السياسية ونحن نطلع على ما يكتب عن المحكمة ونحترم جميع الآراء لكن نختلف مع بعضها الذي يعطي المحكمة أبعاداً لا تحتملها". وذكرت ان"الخطوات التي تمت الى الآن، في شأن المحكمة ناجحة، ووضعت حداً لأي تشكيك في ان هذا المسار يمكن العودة عنه ويجب التعاطي مع المحكمة كحقيقة في طور الإنشاء. والقضاة اختارهم الأمين العام، سواء اللبنانيون الذين سماهم مجلس القضاء الأعلى أو الدوليون بعد إنشاء فريق لانتقائهم، وتولت لجنة من الفريق مؤلفة من قاض مصري وآخر نروجي ومساعد الأمين العام للشؤون القانونية نيكولا ميشال غربلتها. والأسماء ستعلن بناء على الاعتبارات القضائية والظروف الأمنية من قبل الأمين العام". وأوضحت انه تم اختيار القاضي الكندي دانييل بلمار الرئيس الحالي للجنة التحقيق الدولية في الجريمة، مدعياً عاماً من قائمة فيها عشرات الأسماء رشحتها الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وإذ أشارت الى ان بلمار سيقدم بعد ظهر اليوم تقريره عن لجنة التحقيق الى مجلس الأمن وسيلتقي رجال الإعلام بعدها، أكدت ان تعيين نائب المدعي العام وهو لبناني يعود الى الحكومة اللبنانية التي زودت الأممالمتحدة بمجموعة أسماء لترشيح شخص من بينها. وهذه المسألة ستحسم فيها الحكومة اللبنانية. وجددت تأكيد تعيين مقرر المحكمة روبن فنسنت الذي سيبدأ مهمته قبل بداية الصيف وينتقل الى قصر المحكمة في لاهاي مع فريق مصغر وفريق سبّاق من اجل الترتيب للهياكل الإدارية المولجة دعم الأجهزة القضائية للمحكمة ومكتب الدفاع. وقالت عاشوري انه سيعلن على موقع سيستحدث للمحكمة عن شغور منصب رئيس مكتب الدفاع الذي أُعطي اهتماماً وأولوية في كل القرارات والوسائل التشريعية للمحكمة الخاصة بلبنان نظراً الى اهمية إحداث توازن مع مكتب الادعاء العام وهذا من الفروق بين هذه المحكمة والمحاكم الأخرى. وأوضحت عاشوري ان اللجنة الإدارية في المحكمة التي نص عليها نظامها، ليست لها الصفة القانونية لأجهزتها الأخرى، وهي جهاز أعلن عنه الأمين العام ويضم 13 عضواً من ممثلين للدول التي أسهمت في شكل أكبر في تمويل المحكمة والدولة اللبنانية، وهولندا التي تبرعت بمقرها من دون تكاليفه في السنوات الأولى، إضافة الى الأممالمتحدة. وأضافت:"طُرحت استفسارات حول ما اذا كان لهذا الجهاز دور سياسي وتأثيره. وهو لن يكون له أي دور سياسي أو قانوني، بل إداري ومالي لضمان فاعلية المحكمة في شكل يراعي الموارد المتاحة ولن يكون له أي تأثير في استقلالية المحكمة". وإذ أشارت الى انتظار إنجاز الاتفاق بين الأممالمتحدة وهولندا حول المحكمة وإقرار اعتمادها في البرلمان الهولندي وإنشاء قاعة في المبنى للمحاكمة وغرف لإقامة الذين سيخضعون للمحاكمة... أوضحت انه لا تاريخ محدداً حتى الآن لحصول الاجتماع الأول لقضاة المحكمة، من اجل إجراء مشاورات حول القواعد الإجرائية وأنه فور اجتماعهم ستُعلن الأسماء. وقالت عاشوري ان الحديث عن تاريخ حزيران يونيو المقبل لبدء المحكمة صدر في الإعلام وليس عن الأممالمتحدة وهي تبدأ حين تقدم لجنة التحقيق ملفاتها الى المدعي العام، وحين يستنتج الأمين العام ان عمل لجنة التحقيق كاف لبدء المحكمة. وأوضحت رداً على سؤال انه حين تقدم لجنة التحقيق الدولية ملفاتها الى المدعي العام يبدأ عمله ويحضّر الاتهام وهذا لا يتم بين ليلة وضحاها، إذ ان حين يرفع قراره الاتهامي فإن قضاة المحكمة البدائية يقررون إذا كان كافياً ويجب ان يعلن وسيحصل نقاش بين المدعي العام والقضاء البدائي، لكنها أكدت ان بداية عمل المحكمة لن تكون خلال أيام، لكنه لن يأخذ سنوات. وأملت بأن تنشر قواعد المحكمة عند بدء نشاطها. وقدمت المحامية مارييكا فيردا من المركز الدولي للعدالة الانتقالية دراسة مقارنة للمحكمة الخاصة بلبنان مع المحاكم الأخرى التي نشأت في شأن يوغوسلافيا السابقة وسيراليون ورواندا وكوسوفو وتيمور الشرقية وكمبوديا والبوسنة. وأشارت الى اهتمام المركز بأن يكون السجال حول المحكمة في لبنان مستنداً الى معلومات مقارنة مع غيرها تحدد نقاط الاختلاف والتشابه، بين المحاكم الدولية الصرفة والمختلطة. وأوضحت ان انتهاء الحرب الباردة وضغوط الرأي العام على الأممالمتحدة كي تنشئ محاكم ساهمت في قيامها فضلاً عن نشاط الإعلام في شأن مخيمات الاعتقال... وأشارت فيردا الى ان في حين جاءت محكمة يوغوسلافيا السابقة تحت الفصل السابع، ما جعلها دولية بالكامل أي ان على الدول المعنية ان تنسجم في هذه الحال مع القانون الدولي، الجرائم المنوطة به هي مجازر جماعية وضد الإنسانية... فإن المحكمة الخاصة بلبنان تمت باتفاق بين الأممالمتحدة وحكومته والفصل السابع الذي يحدد القوة وسيلة للملاحقة لا ينطبق عليها فضلاً عن ان الدول الأخرى الفريق الثالث ليست مجبرة على الانصياع لها وليست لديها الواجبات نفسها كالتي في محكمة يوغوسلافيا، وبالتالي لديها قنواتها الخاصة المختلفة للتعامل مع المحكمة. وطرحت فيردا أسئلة حول التحديات التي تواجه المحكمة الخاصة بلبنان ومنها الأسئلة التي تطرح في لبنان وعلى الصعيد الدولي في شأن اللجنة الإدارية والقلق منها بسبب حساسية التفويض المعطى للمحكمة، مؤكدة انه لا يمكن الإجابة عن استقلاليتها لأن الإعلام والرأي العام والمجتمع المدني هم الذين يفترض ان يراقبوا هذا الأمر، استناداً الى ضمانات الاستقلالية في تعيين كبار المسؤولين في المحكمة وتشكيل اللجنة الإدارية والشفافية في العمليات القضائية. ورأت ان من التحديات أمام محكمة لبنان"ثغرة شرعيتها بسبب الانقسام داخل المجتمع اللبناني وعلى الصعيد الدولي حولها، وبفعل محدودية تفويضها وتاريخ لبنان في الحروب الأهلية الذي يطرح السؤال حول العدالة الانتقائية". وكررت عاشوري التأكيد ان لا نص على الفصل السابع بالنسبة الى الدول الأخرى غير الدولة اللبنانية في نظام المحكمة لأن الجريمة في لبنان وتناولت لبنانيين ولأنها قامت باتفاق بين لبنانوالأممالمتحدة وبالتالي لا يمكن تطبيق الفصل السابع على الدول الأخرى. وأوضحت عاشوري وفيردا ان وضع نظام تبليغ الشهود والتوقيف وحماية الشهود... يحدده قضاة المحكمة حين تبدأ عملها، وأوضحت فيردا ان طلب الشهود من دول أخرى له آليات غير الفصل السابع مؤكدة انه في الإمكان الحفاظ على سرية هويات الشهود من قبل المحكمة. وأملت بأن تنشر قواعد المحكمة عند مباشرتها عملها، فيما أكدت عاشوري ان تقويم القضاة يتم فور الإعلان عنهم من جانب الرأي العام. وقالت عاشوري رداً على أسئلة عدة حول قانونية توقيف الضباط اللبنانيين الأربعة ان لجنة التحقيق أفادت السلطات اللبنانية بما لديها من معلومات حتى يتمكن القضاء اللبناني من اتخاذ القرار الذي يراه مناسباً، معتبرة انه شأن داخلي صرف. لكنها شددت على ان المحكمة ستراعي حقوق الإنسان في عملها. وقالت انه سواء تغيرت حكومة لبنان أو لا فإنها يجب ان تتعاون مع المحكمة وسيناريو عدم التعاون غير قابل للحصول.