بينما أصر الداعون إلى إضراب عام في مصر اليوم على تنظيم تحركهم للاحتجاج على تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، حذّرت وزارة الداخلية من أن أجهزتها"ستتخذ ما يلزم من إجراءات فورية وحازمة إزاء أي محاولة للتظاهر أو تعطيل حركة المرور أو إعاقة العمل في المرافق العامة أو التحريض على أي من تلك الأعمال وذلك تنفيذاً لأحكام القانون وحماية للصالح العام ولاستقرار المواطنين وأمنهم". وأكدت الوزارة، في بيان أمس، أن كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها الخدمية والإنتاجية والدراسية لن تتأثر بالإضراب الذي يشبهه بعض الأوساط ب"العصيان المدني". وقال مصدر أمني إن"البعض من محترفي الإثارة والتيارات غير الشرعية أخذوا في الفترة الأخيرة الترويج لدعاوى مضللة وعمدوا إلى الدعوة إلى وقفات احتجاجية والتظاهر والتوقف عن العمل، مما أوجد انطباعاً خاطئاً لدى بعض المواطنين"في شأن تحرّك اليوم. وأشار إلى أن"لا حجر على حرية الرأي والتعبير عن المطالب، لكن يجب أن يأتي ذلك من خلال القنوات الشرعية والنقابية ووفق الضوابط التي يحددها القانون". وشدد المصدر على أن نصوص القانون"حازمة في ما يتعلق بأي أفعال تؤدي إلى عرقلة سير المرافق العامة أو تهدد مصالح المواطنين أو الإضرار بالمصلحة العامة للبلاد". وأضاف أن"الثقة تامة في أن وعي المواطن يمثل الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار"، مؤكداً"رفض المزايدات على مشاكل أو تحديات لا سبيل لمواجهتها إلا بالتكاتف والعمل الجاد وليس بالخروج على القانون". وأكد وكيل الأزهر الشيخ عبدالفتاح علام، من جهته، أن"أي تعطيل للعمل يعتبر ضرراً بمصالح المواطنين والدولة ويساهم في زيادة المشاكل وليس حلها"، مشيراً إلى أن هناك"قنوات شرعية للتعبير عن الآراء أو المطالبة بأي حقوق مشروعة كمجلس الشعب بما لا يضر بمصالح الناس وقضاء حوائجهم". وأضاف أن"إعاقة العمل تتسبب في وقوع خسائر للشعب وإضرار بمصالح المواطنين وتعطيل للسير وتنتج عنها أضرار اقتصادية واجتماعية يتحملها المواطنون أنفسهم والذين يجب أن يكونوا على وعي بأضرار أي تعطيل للعمل أو الدراسة أو قضاء مصالح الناس". وكانت قوى المعارضة المصرية بمختلف أطيافها السياسية لجأت إلى أسلوب جديد للتعبير عن احتجاجها في ظل ما تعتبره"تضييقاً على تحركاتها"، واستخدمت بكثافة تكنولوجيا الانترنت والمنتديات، إذ أنشأت مجموعة من الشباب اليساري المهتم بالشأن العمالي مجموعة على موقع"فيس بوك"دشنها 80 ناشطاً دعوا الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته إلى مقاطعة عملهم اليوم، الأمر الذي شبّهه بعض الأوساط بأنه دعوة إلى عصيان مدني جزئي. ويأتي اختيار اليوم للإضراب في إطار مساندة عمال شركة غزل المحلة المفترض أن يضربوا في اليوم ذاته بعدما اعتبروا أن الحكومة، ممثلة في وزيري القوى العاملة والاستثمار، تجاهلت ما تم التوصل إليه من اتفاقات في شأن طلبات العمال. ولاقت دعوة شباب حركة اليسار المصري ترحيباً من معظم الحركات السياسية ومنها"حركة 9 مارس"لاستقلال الجامعات وجماعة"أطباء بلا حقوق"إضافة إلى حركة"كفاية". كذلك وزعت جماعة"الإخوان المسلمين"، بياناً، دعت فيه الشعب المصري إلى التحرك للمطالبة ب"حقوقه العامة والخاصة"وأن"يسلك الطرق الشرعية والسلمية لنيل حقوقه مع الحفاظ على مؤسسات الدولة". وأشارت الجماعة إلى أن الإخوان"يساندون الإضرابات كوسيلة تعبير واحتجاج سلمي في مواجهة ممارسات الحكومة"، مؤكدة"أن الإضراب حق دستوري تكفله أحكام محكمة النقض وتؤكده الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مصر ولا يمكن مصادرة هذا الحق تحت أي تبرير". وأوضح رئيس المكتب السياسي ل"الإخوان"الدكتور عصام العريان أن الجماعة"تؤيد حقوق المواطن في التظاهر في إطار أحكام القانون والدستور". وأشار إلى أن"الإخوان"سبق أن حذروا من استمرار هذه الأوضاع الأمر الذي"سيؤدي إلى انفجار لسنا متسببين ولا مشاركين فيه إنما تتحمل أسبابه الحكومة التي فشلت في حل مشاكل المواطن البسيط". وحذّر أعضاء في لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشعب البرلمان الحكومة من الإضراب العام المقرر اليوم في المحافظات نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار، وحمّلوا الحكومة مسؤولية تزايد الإضرابات والاعتصامات في الفترة الأخيرة، وأرجعوا استمرار هذه الظاهرة وحال الاحتقان بين الشعب المصري إلى فشل سياسات الحكومة في حل مشاكل الجماهير والعمال، فضلاً عن ضعف النقابات المهنية في التعبير عن قضايا العمال. من جانبه، أكد القيادي في حركة"كفاية"جورج إسحاق ل"الحياة"استمرار الحركة على موقفها من تأييد الإضراب، مشيراً إلى أنها ستقوم بعدد من التظاهرات في محافظاتالقاهرة والجيزة والاسكندرية والمنوفية وقنا والمنصورة وبورسعيد. وقال ناشط حقوقي رفض ذكر اسمه إن تحذيرات وجهت إلى قيادات معارضة تحظى بقبول لدى أجهزة أمنية، مفادها أن الأمن لن يسمح بأي تحركات في الشارع، وسيكون الرد بقسوة. وعلى الصعيد الأمني، صدرت أوامر إلى تشكيلات الأمن المركزي برفع درجة الاستعداد إلى الحالة القصوى، ووقف كل إجازات الضباط والجنود استعداداً لتنفيذ خطة التأمين التي اعتمدها وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي لمنع تحول العصيان إلى تظاهرات في الميادين العامة في المحافظات كافة. وتتلخص الخطة الأمنية في تكثيف الوجود في الميادين العامة خصوصاً في القاهرة والاسكندرية، وإغلاق الطرق والشوارع المؤدية إليها، لمنع أي تجمعات بعد وصول معلومات لأجهزة الأمن عن إمكان أن تدفع جماعة"الإخوان"بأعضائها إلى الميادين العامة للتظاهر. وعرضت وزارة الداخلية على رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف أن يطلب من وزير النقل المهندس محمد منصور تخفيض أجرة تذاكر السكة الحديد إلى النصف في الدرجات الثانية العادية لتشجيع المواطنين على السفر والحركة. كما صدرت تعليمات إلى شرطة المرافق بالتوقف عن مطاردة الباعة الجائلين بدءاً من الخميس الماضي إلى مساء اليوم الأحد. وفي لندن، تلقت"الحياة"نداءات من مجموعات إسلامية معارضة تدعو المواطنين إلى المشاركة بكثافة في التحرك الشعبي اليوم.