في آخر إطلالة دولية له كرئيس، والأولى لرئيس روسي في قمة لحلف شمال الأطلسي منذ العام 2002، صعّد فلاديمير بوتين لهجته متهماً دول الحلف بالسعي الى توسيعه شرقاً من دون مراعاة مصالح بلاده، وذلك في كلمة ألقاها في بوخارست خلال قمة"الأطلسي - روسيا"أمس راجع ص 8. جاء ذلك عشية استقبال بوتين في منتجع سوتشي على البحر الأسود اليوم وغداً، نظيره الأميركي جورج بوش الذي يتوجه الى روسيا متسلحاً بدعم حلفائه الأوروبيين مشروع الدرع الأميركية المضادة للصواريخ. ولا يتوقع أن يدفع دعم"الأطلسي"هذا المشروع بوتين الى إظهار ليونة اكبر عندما يستقبل بوش. وسيساعد اللقاء سيد الكرملين في قياس حجم السلطة التي يخطط للاحتفاظ بها، ما ان يتولى ديمتري ميدفيديف الرئاسة الشهر المقبل. ويتوقع ان يصبح بوتين رئيساً للوزراء. في هذا الإطار، نقل وزير الخارجية الإسباني ميغل انخيل موراتينوس عن بوش قوله لبوتين خلال القمة ان"الحرب الباردة انتهت"، ودعاه الى الحوار. وترى موسكو ان خطة أميركا لنصب ستة صواريخ اعتراضية في بولندا ونظام رادار متطور في تشيخيا، تستهدف أمن روسيا، فيما تؤكد واشنطن ان النظام جزء من الدرع المضادة للصواريخ المصممة لحماية الولاياتالمتحدة، والدفاع عن أوروبا في وجه تهديد باليستي يصدر من دول"مارقة"مثل إيران. لكن بوتين سخر من الحديث عن تهديد مماثل، وتحدى السياسة الأميركية حيال إيران، مؤكداً أنه تنبغي مساعدة طهران للخروج من عزلتها بدلاً من تهديدها، كما نقل عنه ديبلوماسي روسي. وقال بوتين:"لا يمكن أحداً ان يفكر جدياً بأن إيران ستجرؤ على مهاجمة أميركا... بدلاً من محاصرة إيران، علينا ان نتصرف بذكاء ونفكر معاً في طريقة تساعدها كي تصبح اكثر شفافية ونصبح قادرين على التكهن بتصرفاتها". وأبدى بوتين ارتياحه الى الحوار"المنفتح والبناء جداً"الذي أجراه مع قادة دول الحلف، على رغم الخلافات الكبيرة بين الجانبين. وقال عقب الاجتماع:"لاحظ زملائي تلك الصراحة. وناقشنا في شكل منفتح وكانت روح التفاهم سائدة". وشدد على ان روسيا تنوي مواصلة تعاونها مع الحلف. وعدّ المجالات لذلك، خصوصاً الاتفاق الذي ابرم عشية القمة وسيمكّن"الأطلسي"من إرسال عتاد غير عسكري الى قواته في أفغانستان، عبر الأراضي الروسية. لكن بوتين انتقد القرار الذي اتخذه الحلف بالتمهيد لانضمام اوكرانيا وجورجيا إليه على المدى البعيد، وقال:"روسيا ستنظر الى تشكيل معسكر قوي عند حدودنا بوصفه خطراً مباشراً محدقاً بأمننا". وأعلن مسؤول روسي بارز رفض كشف اسمه ان بوتين"تحدث عن سياسة توسيع الحلف، وقال ان المطلوب من روسيا النظر الى هذه العملية من دون اخذ مصالحها في الاعتبار". وأضاف ان بوتين ألح على انه"لا يمكن الحلف ان يضمن أمنه على حساب أمن الآخرين". وسعى الرئيس الأوكراني فيكتور يوتشينكو المؤيد للغرب الى طمأنة روسيا الى ان جهود بلاده للانضمام الى"الأطلسي"ليست موجهة ضد موسكو، وقال:"دولتنا لها الحق كاملاً في ان تختار طريق التنمية وحماية أمنها ومصالحها، وهذه المصالح ليست موجهة ضد أي دولة أخرى".