تنتهي حال الطوارئ المعمول بها في مصر منذ العام 1981 في 31 أيار مايو المقبل لتجد الحكومة نفسها في موقف صعب، فإما أن تمدد العمل بقانون الطوارئ لفترة جديدة وإما أن تُسرع في إقرار قانون"مكافحة الإرهاب"الذي انتهى إعداده منذ أسابيع. وفي الحالتين، ستواجَه الحكومة بانتقادات شديدة من قوى المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان. وكان البرلمان المصري وافق في أيلول سبتمبر الماضي على قرار رئيس الجمهورية تمديد حال الطوارئ لمدة ستة أشهر تنتهي في 31 أيار مايو المقبل، وأكد قياديون في الحزب الوطني الحاكم أن هذا التمديد سيكون الأخير، وأن حال الطوارئ ستلغى ليحل محلها قانون مكافحة الإرهاب. ومنذ ذلك الحين تطالب الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بحوار مجتمعي حول هذا القانون"لئلا ينتقص من الحريات"، وعبّر ناشطون ومعارضون عن مخاوفهم من أن يكون قانون مكافحة الإرهاب هو"تقنين لحال الطوارئ". لكن أوساطاً حكومية طمأنت المواطنين بأن القانون سيأتي"داعماً للحريات"وأن الهدف منه هو"إنهاء حال الطوارئ"، موضحة أن القانون سيناقش باستفاضة بين ممثلي الشعب في البرلمان وأن القوى المجتمعية المختلفة سيتاح لها التعبير عن رأيها فيه. غير أنه ومع اقتراب تاريخ انتهاء العمل بحال الطوارئ لم يُقر قانون مكافحة الإرهاب إلى الآن، كما لم ترفعه الحكومة إلى البرلمان. فالأمر يحتاج أولاً إلى إقرار القانون في الحكومة ثم رفعه إلى مجلس الشورى الغرفة الثانية في البرلمان وعند إقراره ينتقل إلى مجلس الشعب الذي يوافق عليه ليرفعه إلى الرئيس حسني مبارك كي يصبح نافذاً. ومعلوم أن مجلس الشعب سيستأنف جلساته في 4 أيار مايو والشورى في 6 منه. وتترقب الأوساط السياسية في مصر الآن تصرف الحكومة بخصوص هذا الأمر، وهي لا تملك سوى أحد خيارين، أولهما تمديد حال الطوارئ، وهو ما سترفضه بالتأكيد المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني خصوصاً أن التمديد الأخير في أيلول سبتمبر قوبل بهجوم شديد وصل إلى درجة أن أعضاء في الحزب الحاكم طلبوا من الحكومة أن تتعهد بأن يكون"الأخير"لتأييد خطوتها خلال التصويت في المجلس. أما الخيار الثاني فهو العمل على إقرار قانون الإرهاب في فترة لا تتجاوز شهراً، ما سيقابل قطعاً بحديث عن"تفصيل القوانين وإقرارها في اللحظة الأخيرة"، فضلاً عن انتقاد عدم مشاركة المجتمع في أي نقاش عن هذا القانون المهم الذي لم يطلع الرأي العام سوى على تسريبات عنه لم تنفها الحكومة أو تؤكدها. ويبدو أن الدولة تتجه إلى تمديد حال الطوارئ فترة جديدة، علماً أن المسؤولين المصريين يلتزمون الصمت إزاء ذلك الأمر. وفي حين أكدت مصادر برلمانية ل"الحياة"أن قانون مكافحة الإرهاب لم يدرج حتى الآن على جدول مناقشات جلسات البرلمان، اكتفى وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب بالقول"إنه لا يملك معلومات في هذا الخصوص". وقال شهاب الذي كلّف إعداد مشروع القانون، ل"الحياة"، في رد على سؤال عما إذا كانت حال الطوارئ ستمدد أو سيقر قانون مكافحة الإرهاب،"إلى الآن لا معلومات عندي إذا ما كان البرلمان سيناقش القانون الجديد أو ستمدد حال الطوارئ". وتوقعت المصادر البرلمانية أن يحيل الرئيس مبارك على البرلمان، في بداية أيار مايو، قراراً بتمديد حال الطوارئ ستة أشهر"لإعطاء فرصة كافية لمناقشة قانون مكافحة الإرهاب".