في وقت يبدي معارضون ومدافعون عن حقوق الإنسان مخاوف متزايدة من تمديد حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981، بات في حكم المؤكد أن تلجأ الحكومة المصرية إلى تمديد قانون الطورائ لما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وخصوصاً أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب لم يتبلور في شكله النهائي حتى الآن. وينتهي العمل بحالة الطوارئ في أيار (مايو) المقبل. وكان الرئيس المصري حسني مبارك وعد خلال حملته الانتخابية لتسمية رئيس الجمهورية عام 2005 بإنهاء حالة الطوارئ، وتعهدت الحكومة عام 2006 بأن تمديدها سيكون الأخير، حتى في حال عدم إقرار قانون الإرهاب. إلا أن الحكومة نقضت هذا الوعد بعدما مددت في أيار (مايو) عام 2008 حالة الطوارئ لفترة سنتين تنتهي في أيار (مايو) المقبل بحجة أن الظروف الدولية «تحتاج إلى تمديد القانون لفترة أخيرة حتى استصدار قانون لمكافحة الإرهاب». وأكد أمين الإعلام في «الحزب الوطني» (الحاكم) الدكتور علي الدين هلال ل «الحياة» أن حالة الطوارئ سيظل معمولاً بها في البلاد طالما لم يتم الانتهاء من قانون مكافحة الإرهاب، في حين قالت مصادر برلمانية ل «الحياة» إن «الحكومة المصرية ستتجه إلى البرلمان في أيار (مايو) المقبل بقرار لتمديد قانون الطوارئ لسنتين»، أي أن الانتخابات التشريعية العام الجاري والرئاسية خريف العام المقبل ستجريان في ظل قانون الطوارئ. وأشار المصدر القريب من دوائر صناعة القرار في البرلمان المصري إلى أن قانون مكافحة الإرهاب الذي تقول الحكومة المصرية إنه سيكون بديلاً عن حالة الطوارئ «لا يزال يشهد خلافات كبيرة ولا سيما على مسألة تعريف الأعمال الإرهابية، كذلك إعطاء وزارة الداخلية المصرية الصلاحيات في مراقبة وضبط من تشتبه في تورطهم في عمليات إرهابية أو التدبير لهذه العمليات، وهو الإجراء الذي كانت تقوم به الشرطة وفقاً لقانون الطوارئ». ولفتت مصادر أمنية ل «الحياة» إلى وجود معضلة كبيرة تواجه الحكومة المصرية في حال رفع حالة الطوارئ. تكمن تلك المعضلة في أن «هناك عشرات السجناء على خلفية قضايا جهاد وإرهاب حوكموا وفقاً لقانون الطوارئ، سواء من خلال المحاكم العسكرية أو محكمة أمن الدولة طوارئ. كذلك هناك عشرات المعتقلين غالبيتهم من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى من تنظر محكمة ونيابة أمن الدولة في قضاياهم الآن، في إشارة إلى أربع خلايا (حزب الله ومنفذي تفجير الحسين وخلية التكفير والجهاد وجهاد المنصورة) أعلنت السلطات المصرية تفكيكها خلال العام الأخير». قالت المصادر إن «على وزارة الداخلية الإفراج عن هؤلاء في حال رفع الطوارئ مع عدم تضمين قانون الإرهاب المنتظر عدداً من التدابير تضمن استمرار احتجازهم». وإذ أبدى أمين الإعلام في الحزب الوطني الدكتور علي الدين هلال أمله في «سرعة الانتهاء من قانون مكافحة الارهاب تمهيداً لعرضة على البرلمان»، أكد في تصريحات إلى «الحياة» تمديد العمل لقانون الطوارئ في حال عدم الانتهاء من القانون. في المقابل، أبدت المعارضة المصرية ومنظمات حقوق الإنسان امتعاضها الشديد من لجوء الحكومة المصرية إلى تمديد حالة الطوارئ على رغم الوعود التي أطلقتها قبل خمس سنوات برفع حالة الطوارئ. ويقول مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن: «وجدنا مؤشرات خلال الفترة الأخيرة تؤكد أن الحكومة المصرية ستتجه إلى تمديد حالة الطوارئ إلى سنتين جديدتين». ويشير إلى رفض الحكومة وعدها بتعليق «الطوارئ» خلال نقاشات في مجلس حقوق الإنسان في جنيف قبل شهرين، إضافة إلى تصريح وزير الدولة للشؤون القانونية الدكتور مفيد شهاب أعلن فيه أن من المستحيل أن تعيش مصر دون قانون طوارئ. ويقول إن هذه المؤشرات تؤكد أن الحكومة لا تتجه إلى تمديد الطوارئ فقط، وإنما أيضاً ستقوم بتقنين هذا القانون الاستثنائي ووضعه في قالب قانون مكافحة الإرهاب. ويؤكد حسن أن المنظمات الحقوقية في مصر ستظل تعمل على مواجهة تحرك الحكومة لتمديد الطوارئ، وخصوصاً أن البلاد تخلصت فعلياً من ظاهرة الإرهاب منذ حادث الأقصر الشهير، والذي وقع عام 1997. وأوضح: «طالبنا بعقد اجتماع مع الوزير مفيد شهاب للبحث في هذه الخطوات. كما سنتعاون مع المنظمات الدولية من أجل مزيد من الضغط على الحكومة المصرية». وكان مؤتمر عُقد قبل أسبوعين لما يسمى ب «ائتلاف الأحزاب الأربعة» التي تضم أحزاب الوفد والتجمع والعربي الناصري والجبهة الديموقراطي، انتهى إلى ضرورة إنهاء حالة الطوارئ كأحدى الخطوات التي طالب بها المؤتمر لضمان نزاهة الانتخابات التشريعية. من جهته، أعلن الأمين العام لحزب «التجمع» اليساري المعارض سيد عبد العال أن الأحزاب الأربعة ستنشط خلال الأيام المقبلة في المحافظات الإقليمية من أجل جمع أعداد متزايدة من المعارضين لتمديد الطوارئ. كما أن الأحزاب الأربعة تدرس عقد مؤتمر يخصص لرفض حالة الطوارئ. ولم يستبعد عبد العال عدم خوض الأحزاب الأربعة انتخابات مجلس الشعب التي تجري في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في حال أقدمت الحكومة على خطوة تمديد الطوارئ. وأوضح ل «الحياة»: «في هذه الحالة، سنجتمع للخروج بقرار موحد في هذا الشأن». لكن عبدالعال أعلن أن الأحزاب الأربعة ستدفع بأعداد محدودة من مرشحيها في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي تجري في منتصف أيار (مايو) المقبل بهدف كشف كيفية إدراة الحكومة العملية الانتخابية في ظل القوانين الاستثنائية.