سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأسعار ارتفعت 20 في المئة والصفقات ازدادت 34 في المئة عام 2007 : السوق العقارية في لبنان"نأت"نسبياً عن الأزمة السياسية واللاعبون الأساسيون لبنانيون مقيمون ومغتربون
نأى القطاع العقاري في لبنان نسبياً عن تأثير الأزمة السياسية، إذ على رغم أنها أبطأت حركته بإضاعة فرص الاستفادة من السيولة الفائضة في دول الخليج بفعل فورة أسعار النفط، وبتغييب المستثمر العربي، تحديداً الخليجي، الذي تحوّل الى دول أخرى لتوظيف أمواله الفائضة، لم تمنع اللبنانيين المقيمين وغير المقيمين من أن يكونوا اللاعبين الأساسيين، في عمليات الشراء والتملّك طيلة العام الماضي، فأتت النتائج إيجابية مبيعاً بزيادة 34 في المئة، إذ بلغت قيمة الصفقات 4.3 بليون دولار في 2007 في مقابل 3.1 بليون في 2006 ، وسعراً بارتفاع 20 في المئة كمعدل وسط. واستُكملت هذه الوتيرة في الربع الأول من العام الجاري، لتسجل المبيعات زيادة 50 في المئة، بحسب إحصاءات رسمية. ودلّ صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير على قطاع البناء ك"محفّز"رئيس مع قطاعي المال والخدمات، في تحقيق النمو الاقتصادي العام الماضي. وقدّر استشاريون في القطاع ارتفاع الأسعار 20 في المئة سنوياً على مدى السنوات الثلاث الماضية، التي شهد خلالها لبنان تطورات سياسية وأمنية معقدة، ولا يزال فيها حتى الآن. وتوقعوا أن تزيد الأسعار 50 في المئة في منطقتي بيروت وجبل لبنان، في حال انقلب الوضع السياسي استقراراً حقيقياً، وأن يستمر النمو في القطاع على المعدل ذاته في ظل استمرار الوضع على نمطه الحالي، من دون حصول أي مستجدات دراماتيكية. خبراء في القطاع قرأوا النتائج المحققة على مدى العامين الماضيين وفي الربع الأول من هذه السنة، وعلى رغم اتكاله على اللبناني المقيم وغير المقيم في جانب كبير من حركته،"قدرة ومرونة في التأقلم مع التأزم السياسي وانسداد آفاق الحل، فهو لم يتأخر من النهوض بعد حرب تموز يوليو، لينشط مجدداً نهاية الصيف، بعد"جمود"طبع مرحلة ما بعد الحرب مباشرة، بحسب مصدر رسمي متخصص تحدثت إليه"الحياة"، وب"زخم ملحوظ"، مدفوع بحركة شراء"لافتة"، في بيروت الكبرى ومناطق جبل لبنان، كان أركانها أهالي الضاحية الجنوبية لبيروت وسكانها الميسورين، الذين رغبوا في الانتقال الى منطقة الجناح وبئر حسن بعد الحرب، ما"انعكس ارتفاعاً كبيراً في أسعار العقارات في هذه المنطقة من بيروت، وبالتالي الشقق السكنية". إذ ارتفع سعر المتر المربع من 1200 و1600 دولار الى ما بين 2200 و2800 دولار، ولامس أحياناً 3000 دولار. وأثّر الطلب وارتفاع الأسعار في هذه المنطقة، في تركيبة أسعار العقار داخل بيروت والأشرفية لتتجاوز 5 آلاف دولار للمتر المربع، ولتتخطى 7 آلاف دولار في الواجهة البحرية، وهي شهدت عمليات بيع كبيرة وأساسية. كما تراوح سعر المتر المربع المبني لشقق واقعة على الواجهة البحرية في منطقة"سوليدير"بين 7 و8 آلاف دولار. وفي ظل هذا التطور"غير المسبوق"في الأسعار والطلب، بات من الصعب إيجاد أسعار تقل عن ألفي دولار للمتر المربع المبني. والحافز الثاني الذي أنتج هذا الطلب على العقار، توافر السيولة في دول الخليج نتيجة ارتفاع أسعار النفط وبالتالي إيراداته، إذ باتت تكلفة شراء منزل أو أرض في لبنان بالنسبة الى اللبناني المقيم في هذه الدول أو الخليجي"غير مرتفعة"، في موازاة الارتفاع الكبير في أسواق العقار في الخليج والإيجارات. عامل آخر انعكس على السوق اللبنانية، تمثل في انتقال العراقيين الى سورية والأردن وتملّكهم في هذين البلدين، ما أثّر مباشرة في تطور الأسعار في السوق اللبنانية، مع العلم أن فئة من هؤلاء انتقلت أيضاً الى لبنان وتملّكت فيه. وإلى هذه العوامل، تُضاف أسباب أخرى رفعت أسعار العقار في لبنان، وتمثلت في ارتفاع سعر صرف اليورو الذي أدى الى زيادة في أسعار المواد الأولية للبناء. وقدّر خبراء في القطاع أن تكلفة البناء ارتفعت 9 في المئة، بفعل الزيادة في أسعار هذه المواد 7 في المئة. مكارم: لا سبب لتوقف الحركة واعتبر الشريك المفوض في شركة"رامكو"للاستشارات العقارية رجا مكارم، أن 14 شباط فبراير 2005 وحرب تموز يوليو 2006 ، شكلا مفصلين مهمين في حركة القطاع العقاري في لبنان، إذ بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري"لم تتأخر سوق العقار من الانطلاق مجدداً"، وبقي"شبه إصرار خليجي"على الاستمرار في الاستثمار في لبنان وكذلك من اللبنانيين غير المقيمين. وتُرجم هذا الإصرار عمليات عقارية كبيرة منذ آذار مارس 2005 وحتى حزيران يونيو وتموز يوليو 2006 ، إذ باعت شركة"سوليدير"مثلاً أراضي ببليون دولار، لمساحة 700 ألف متر مربع للبناء. كما اشترت مجموعة لبنانية نهاية شباط 2005 ، أرضاً بقيمة 40 مليون دولار نقداً في المنطقة لبناء 40 ألف متر مربع. فيما انعكس المفصل الثاني، أي حرب تموز،"شبه إحجام"عن الاستثمار من جانب العرب، نتيجة"مخاوف"ما قلّص حركة البيع حتى للشقق السكنية. لكن مكارم لاحظ أن تراجع اهتمام العرب وتحديداً المستثمرين الخليجيين عن الاستثمار والشراء بعد حرب تموز، قابله"بروز موجة طلب من اللبنانيين المقيمين في الخارج والمغتربين في أيلول سبتمبر 2006 ، استمرت طيلة العام الماضي، تركّز على"الشقق الصغيرة والمتوسطة التي تراوح مساحاتها بين 150 و400 متر مربع"، فاستنزف المخزون"الذي لا يغطي أصلاً الطلب"، ما اضطر المطوّرين العقاريين الى"البدء في تنفيذ مشاريع جديدة لزيادة العرض، وكان نتيجة ذلك ارتفاع أسعار الأراضي والشقق". ولفت إلى أن الطلب ورد من الشباب اللبناني المقيم الذي أقبل على تملّك مسكن، ساعده على ذلك التسهيلات المصرفية، وتلك المقدمة من المؤسسات العامة بتمويل من المصارف، وورد أيضاً من الشباب المغترب حديثاً، الذي غادر لتوافر فرصة عمل أفضل. وافترض أن هؤلاء، الذين تعمل غالبيتهم في منطقة الخليج، استفادوا من الطفرة المالية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط، التي انعكست بحبوحة عليهم كما على اللبنانيين المغتربين القدامى. ولم يغفل أن هؤلاء استفادوا أيضاً من التسهيلات التي توفّرها المصارف اللبنانية عبر فروعها في الخارج. ونصح بالشراء في هذه المرحلة، إذ لا تزال الأسعار مقبولة، مع العلم أنها ارتفعت على مدى السنوات الثلاث بمعدل وسط 20 في المئة، على رغم الأزمة السياسية التي أبطأت حركة ارتفاع الأسعار، وقدوم شركات خليجية للتطوير العقاري كانت بدأت في وضع أسس لمشاريعها في لبنان. واعتبر أن احتفاظ القطاع بنموه وقوته سعراً وطلباً، على رغم الأزمة المستمرة منذ ثلاث سنوات، مؤشر الى"مناعة السوق اللبنانية". وأشار مكارم إلى تأثر مبيعات الشقق الفخمة في مشاريع واقعة في بيروت، كانت تتم على الخريطة أي قبل إنجاز البناء، ويفوق سعر هذه الشقق مليون دولار، فتراجعت من 70 إلى 50 في المئة بفعل غياب المستثمر الخليجي الذي كان محوراً أساسياً في عمليات بيع هذا النوع من الشقق. وتوقع أن تستمر الحركة العقارية على وتيرتها، في حال استمرت الأزمة السياسية على ما هي عليه اليوم، إذ لم يجد سبباً لتتوقف، خصوصاً أن العرض لا يزال أقل من الطلب. ورأى أن على اللبناني التطلع الى التملك خارج بيروت، والاكتفاء بمساحات أصغر لتتكيف مع موازنته. سكريه: تريث وإقبال وأعلن رئيس فرع المهندسين المتعهدين سابقاً في نقابة المهندسين في لبنان مدير شركة"ليماكو"للمقاولات عبده سكريه ل"الحياة"، أن رخص مساحات البناء التي منحتها النقابة العام الماضي، بلغت 7.900 مليون متر مربع، أي أنها لا تزيد كثيراً عن تلك الممنوحة في النصف الأول من 2006 أي حتى تموز يوليو، إذ بلغت في حينها 7.5 مليون متر مربع وكان متوقعاً في ذلك العام بلوغها 15 مليون متر مربع لو لم تحصل حرب تموز". وتشير الإحصاءات الى أن النمو لم يتجاوز 5.6 في المئة عن 2006 . وتوقع أن تسجل رقماً قريباً هذه السنة، مستنداً في توقعاته الى ما تحقق في الربع الأول من هذه السنة، وقد منحت النقابة رخصاً لبناء مليوني متر مربع. وربط توقعاته بالوضع السياسي، إذ اعتبر أن أي تغيير إيجابي فيه يقلب المعادلات، ويعزز احتمال زيادة في هذا المجال. وكشف أن"70 في المئة من صفقات تملّك الشقق والأراضي تعود الى اللبنانيين المقيمين وغير المقيمين، و30 في المئة منها الى مستثمرين عرب، يأتي في مقدمهم الأردنيون والخليجيون". وعن توقعات حركة البناء خصوصاً في ظل الطلب الكبير على الشقق المتوسطة والصغيرة، نقل سكريه وجهتي نظر متناقضتين في شأن الاستثمار في البناء، موضحاً أن فئة من المستثمرين تفضل التريّث في مباشرة أي مشروع بناء، إذ يحاذرون موجة من ارتفاع الأسعار من دون ضوابط، في ظل استمرار ارتفاع سعر صرف اليورو وتالياً المواد الأولية للبناء، لأنها ستنعكس على تحديد سعر المتر المربع المبني لدى إنجاز البناء. فيما ترى فئة ثانية من المطورين العقاريين أن توظيف الأموال في البناء على رغم القفزات الكبيرة للأسعار، أجدى من تجميدها في انتظار ما ستؤول اليه الأسواق. وإذا كان يتوقع حصول حركة بناء ومبيعات هذه السنة، صنّف المطورين والشارين فئات، لافتاً الى وجود فئة المستثمرين المليئين الذين لم يتوقفوا عن العمل على رغم الأوضاع السائدة في البلاد، فضلاً عن فئة من الشارين من الطبقة الغنية التي تقدم على عقد صفقات. أما بالنسبة الى الفئة الميسورة التي تتشكل من اللبنانيين العاملين في الخارج خصوصاً في الخليج، والتي تستفيد من طفرة السيولة في دول المنطقة، فهي"على رغم إمكاناتها، تتريّث بسبب الضبابية المتحكمة بأوضاع البلد واتجاهات السوق التي تسجل زيادات متواصلة بسبب ارتفاع سعر صرف اليورو، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الأولية. إذ ازدادت أسعار الشقق التي يختارونها، من 200 ألف دولار الى 400 ألف. وتحدث سكرية عن وجود فئة من اللبنانيين الذين يموّلون عمليات تملّكهم بواسطة التسهيلات الممنوحة من المؤسسة العامة للإسكان أو المصارف، ولاحظ أن هؤلاء اختاروا السكن خارج بيروت وبعضهم خرج الى ما بعد ضواحي العاصمة، نتيجة ارتفاع الأسعار حتى في ضواحي بيروت، لافتاً مثلاً الى أن سعر المتر المربع المبني في أحد أحياء الضاحية الجنوبية وصل الى 1400 دولار. وعزا هذا الارتفاع في أسعار العقار في الضواحي الى الطلب، وعدم تغطية العرض له. وخلص ناصحاً بالشراء الآن، لأن من لا يفعل في هذه المرحلة"سيندم"، لأن تطور الأسعار متواصل على المديين القريب والمتوسط. لبيروت الحصة الكبرى في الصفقات بلغت قيمة الصفقات المنفذة الأثمان المذكورة في عقود البيع العام الماضي، وفق إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية في وزارة المال 6.329 تريليون ليرة لبنانية 4.1 بليون دولار، في مقابل 4.726 تريليون ليرة 3.1 بليون دولار في 2006. وازدادت عمليات البيع من 50140 في 2006 الى 67041 في 2007 ، منها 1642 عملية للأجانب غالبيتهم عرب، في مقابل 1569 في 2006. وارتفع حجم الرسوم المستوفاة عن عقود البيع من 251.2 بليون، الى 344.3 بليون ليرة في 2007. ولفتت الإحصاءات الى أن عدد العقارات المباعة بلغ 241677 العام الماضي في مقابل 227559 في 2006، ومجموع المعاملات والعقود 150191 العام الماضي، مقارنة ب 127016 في 2006. ولوحظ أن بيروت نالت الحصة الكبرى في الصفقات، فحصدت 2.3 تريليون ليرة، تلتها منطقة بعبدا في محافظة جبل لبنان التي جمعت 1.38 تريليون ليرة، ثم المتن 1.016 تريليون ليرة، ما يبرز إقبالاً على هذه المناطق أكثر من المحافظات الأخرى. وبلغ عدد العمليات في بيروت 5957 منها 320 للأجانب، وفي بعبدا 17462 ، منها 645 للأجانب، فيما وصلت في المتن الى 9631 منها 325 للأجانب. وأظهرت نتائج الربع الأول من هذه السنة زيادة 50 في المئة في قيمة الصفقات المحققة، بلغت 31.3 بليون ليرة في مقابل 21.1 بليون في المدة ذاتها من العام الماضي.