حذرت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا" من أنها ستتوقف عن تقديم المساعدات الغذائية لنحو مليون فلسطيني في غزة اعتباراً من اليوم ما لم تحصل على إمدادات ضرورية من الوقود، فيما سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتزويد محطة الكهرباء الرئيسة في القطاع وقوداً يكفي لتشغيلها ثلاثة أيام بعد نفاد مخزونها مساء أمس. وعقد المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري ومدير عمليات"أونروا"في غزة جون غنج مؤتمراً صحافياً مشتركاً أمس قدم خلاله الأخير صورة قاتمة ومأسوية للوضع الانساني المتدهور في القطاع. وقال إن"مخزون وقود الديزل لدى اونروا سينفد اليوم الخميس، ما سيؤدي إلى وقف توزيع المواد الغذائية"على أكثر من مليون من سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو مليون ونصف المليون. وأضاف أنه"لن يكون في مقدور أونروا أو برنامج الغذاء العالمي أيضاً تقديم أي مساعدات غذائية، ما لم يتم تزويد أونروا بالوقود اللازم"لاستمرار عمل سياراتها وآلياتها. وعرض"المآسي والأضرار"التي لحقت بسكان القطاع جراء فرض حصار محكم عليه منذ نحو عشرة شهور، وتقليص كميات الوقود الواردة إليه اعتباراً من مطلع العام الجاري. ورسم صورة قاتمة للأوضاع الانسانية في القطاع، مشيراً إلى تأثيرات الحصار ونفاد الوقود في مختلف القطاعات الصحية والتعليمية، والبيئية، والمواصلات والمخابز والمطاحن التي ستتوقف عن العمل كلياً في غضون أسبوع بعدما ينفد ما تبقى لديها. وقال إن نحو 20 في المئة من سيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة في القطاع توقف عن العمل، في حين سيتوقف نحو 60 في المئة منها مع نهاية الأسبوع الجاري بسبب نفاد الوقود. ولفت إلى أن مستشفى الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع، قلص خدماته للمرضى إلى نحو النصف، وأن 50 في المئة من بلديات القطاع لا تجمع النفايات المتراكمة في الشوارع. وأشار إلى أن ما بين 15 و20 في المئة من السكان يحصلون على مياه الشرب ما بين 3 و5 ساعات كل أربعة أيام، في حين أن نحو 70 ألف مواطن يعيشون الآن من دون ماء بعدما توقفت 15 بئراً عن العمل. وتوجه"بنداء بسيط إلى المجتمع الدولي مفاده أنه يجب إعادة الإنسانية والكرامة إلى الفلسطينيين في القطاع ويجب أن يُطبق القانون الدولي أيضاً". وإزاء هذه الأوضاع، قال سيري إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون"قلق جداً من الأزمة الانسانية، أزمة حقوق الانسان، والأزمة الأمنية والسياسية هنا"في القطاع. لكنه رفض وصف الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، خصوصاً في قطاع غزة، بأنها"جرائم حرب"، أو ممارسات تشبه ممارسات النازيين في معسكرات وارسو إبان الحرب العالمية الثانية. وأصر بانفعال واضح على عدم الإجابة على سؤالين عن هذا الموضوع طرح أحدهما صحافي أجنبي، مكتفياً باعتبار الوضع في غزة"غير مقبول وغير مستدام". وشدد على أنه وبان وطاقم الأممالمتحدة في القطاع"ملتزمون تماماً العمل لتجنب مزيد من تدهور الوضع وعودة غزة إلى وضع أفضل". وأضاف :"ننشط سياسياً وديبلوماسياً لحض جميع الأطراف والمجتمع الدولي على العمل من أجل استراتيجية مختلفة وايجابية من أجل غزة... ونحن نعطي دعمنا الكامل للجهود المصرية الحالية للتهدئة، وندعو جميع المعنيين إلى العمل مع مصر في تلك الجهود". واعتبر ان الهجمات الفلسطينية على المعابر الحدودية أخيراً"مقلقة جداً". ودعا"حماس"الى"وقف الهجمات ضد المعابر فوراً". واستنكر قتل المدنيين في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، معتبراً أن الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع"لا تجلب سوى الأسى للفلسطينيين". ووصف الحصار والعقوبات الجماعية المفروضة على القطاع بأنها"خطأ"، خلافاً لما يعتبره القانون الدولي والقانون الانساني"جريمة حرب". ودعا إسرائيل إلى"استئناف تزويد القطاع بالوقود والسماح بعبور المساعدات الانسانية والإمدادات التجارية". واعتبر ان"العقاب الجماعي للسكان في غزة الذي بدأ قبل أشهر فشل". ورأى أن"الطريق الحقيقية لأمن اسرائيل والفلسطينيين ومصر ورفاهيتها طريق مختلفة، الهدف الآني والمشترك يجب أن يكون إنهاء العنف وفتح المعابر الحدودية مع القطاع، هذه خطوة أولى أساسية". وأكد أن"ما سبق ضروري إذا أردنا تحقيق أهداف أخرى مثل استقرار الأوضاع في غزة، وتوحيد غزة والضفة ضمن إطار شرعية السلطة الفلسطينية، وتقدم ملموس في المفاوضات للتوصل إلى اتفاق حول قضايا الوضع النهائي مع إسرائيل، وإقامة دولة فلسطين المستقلة والمستدامة القابلة للحياة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية". من جهة أخرى، أعلن نائب رئيس سلطة الطاقة كنعان عبيد أن إسرائيل استأنفت أمس تزويد محطة توليد الطاقة الكهربائية والوحيدة في القطاع بالوقود الصناعي اللازم لتشغيلها. وقالت مصادر ل"الحياة"إن إسرائيل سمحت بتزويد المحطة أمس بنحو مليون ليتر من الوقود الصناعي، تكفي لتشغيل المحطة لمدة ثلاثة أيام. وكان عبيد أعلن أول من أمس أن المحطة ستتوقف عن العمل اعتباراً من مساء أمس ما لم يتم تزويدها الوقود اللازم. لكن إسرائيل ما تزال ترفض منذ العاشر من الشهر الجاري تزويد القطاع بالغاز المنزلي ووقود السولار والبنزين اللازم لتشغيل أكثر من 90 في المئة من السيارات المتوقفة عن العمل.