مع إعلان الراصد الجوي الاسرائيلي ان درجات الحرارة في الأراضي الفلسطينية واسرائيل ستشهد انخفاضاً، ومع بدء سقوط الأمطار اعتباراً من ليل الأحد - الاثنين وحتى الأربعاء المقبل، سرت موجة من الترقب والقلق وحتى الخوف من المجهول في ظل إصرار الحكومة الاسرائيلية على معاقبة 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة من خلال الاستمرار في إغلاق جميع المعابر الحدودية وعدم توريد الوقود اللازم لمناحي الحياة المختلفة، خصوصاً محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وقال نائب رئيس سلطة الطاقة كنعان عبيد ان مولدات المحطة ستتوقف تماماً عن العمل مع حلول الثامنة من مساء الأحد - الاثنين بسبب نقص الوقود، مضيفا ان القطاع سيعتمد من الآن فصاعداً على الطاقة الواردة من اسرائيل فقط. في الوقت نفسه، أعلنت قرابة 200 محطة غلق أبوابها نظراً الى عدم توافر الوقود لديها. كما أعلن مسؤول في شركة توليد الكهرباء في القطاع التي تمتلكها شركة"سي سي سي"الفلسطينية العالمية ان نصف المحطة توقف عن العمل اعتباراً من صباح امس. وقال مدير المحطة رفيق مليحة ان العمل في احد توربينين في المحطة التي تولد نحو 35 في المئة من حاجات القطاع، توقف تماماً عن العمل صباح امس. وأضاف ان المحطة لم تستلم أي كميات من الوقود لليوم الثالث على التوالي، ما سيوقف عمل المحطة كلياً، وهو أمر خطير على مناحي الحياة، مشيراً الى انه في حال استمر عدم تزويد المحطة بالوقود، فإن التوربين الثاني سيتوقف عن العمل. وأوضح ان توقف المحطة عن العمل سيكون له تأثير سلبي كبير على المستشفيات ومحطات الصرف الصحي، ومضخات المياه والمخابز والمصانع، مشيراً الى ان المحطة بحاجة الى 450 متراً مكعباً من الوقود لتشغيلها. ويحتاج القطاع يومياً الى 350 ألف ليتر من السولار، و120 ألف ليتر من البنزين اللازم لتشغيل محركات السيارات، و350 ألف ليتر لمحطة توليد الكهرباء، فضلاً عن 350 طناً من الغاز الطبيعي اللازم للاستخدام المنزلي، والذي شهد القطاع نقصاً حاداً فيه منذ أيام عدة. انعكاسات نفاد الوقود وفي ظل توقف احد المولدين العاملين في محطة الكهرباء في غزة وإغلاق نحو 200 محطة وقود أبوابها وعشرات المخابز بسبب انقطاع التيار الكهربائي او نفاد الوقود اللازم لتشغيلها، تتفاقم أزمة الفلسطينيين في القطاع الذي أصبح على شفا كارثة إنسانية حقيقية تهدد بتفشي أمراض خطيرة معدية وسارية في صفوف آلاف من السكان. وتهافت المواطنون امس لليوم الثالث على التوالي على عدد من محطات الوقود التي لا تزال تملك مخزوناً منه، وعلى المخابز التي لا تزال تعمل حتى الآن، فضلاً عن الأسواق ومحال البقالة وال"سوبر ماركت"لتخزين مواد غذائية وأساسية في ظل التناقص الحاد فيها بسبب الإغلاق المشدد المفروض منذ ليل الخميس - الجمعة على القطاع. وإذا كانت هذه حال المواطنين، فإن حال المستشفيات أصبحت أسوأ بكثير بسبب النقص الحاد في الأدوية والمهام الطبية والأجهزة المتعطلة، والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية، فيما توفي الشاب المريض بالسرطان محمود حسين 18 عاماً والمريضة حمدة النجار 50 عاماً امس جراء منعهما من قبل سلطات الاحتلال وللمرة الثالثة على التوالي من السفر الى اسرائيل او الخارج لتلقي العلاج اللازم غير المتوافر في مستشفيات القطاع بسبب ضعف الإمكانات ونفاد الأدوية، ليرتفع عدد الذين توفوا جراء الحصار الى 73 خلال الأشهر الأخيرة. وأعلن مستشفى غزة الأوروبي، احد ثلاثة مستشفيات رئيسة في القطاع امس، وقف جميع العمليات الجراحية، ما عدا الطارئة منها، نظراً الى عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المولدات في ظل انقطاع التيار الكهربائي. كما قرر المستشفى عدم نقل الأطباء والممرضين والمرضى بسيارات الإسعاف التابعة له للسبب ذاته. وأعلن الاتحاد العام للصناعات ان مصانع القطاع كافة البالغ عددها 3900 مصنع، بما فيها مصانع تعليب الأغذية، اغلقت ابوابها بسبب نفاد الوقود. حكومة هنية تحذر من جانبها، حذرت حكومة الوحدة الوطنية المقالة برئاسة اسماعيل هنية من حدوث كارثة انسانية في القطاع بسبب نفاد الوقود وانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من القطاع. ودعت في بيان امس وسائل الإعلام الى بيان خطورة الأوضاع الانسانية في القطاع بسبب استمرار الحصار المفروض عليه وإغلاق المعابر كافة. وطالبت محطات الإذاعة والتلفزة بتنظيم موجات مفتوحة من البث للحديث عما يجري في القطاع، وإعداد التقارير لفضح المؤامرة وكشف الإرهاب المنظم الاسرائيلي الممارس ضد القطاع. مخاطر كارثة إنسانية في هذه الأثناء، حذرت منظمات حقوقية ولجان معنية بفك الحصار من مخاطر كارثة إنسانية باتت محدقة بسكان قطاع غزة، وناشدت المجتمع الدولي التدخل من دون جدوى حتى الآن. كما حذرت اللجنة الشعبية لكسر الحصار الاسرائيلي من كارثة حقيقية ستحل بسكان القطاع خلال الأيام القليلة المقبلة في حال استمر الحصار والإغلاق المحكم على القطاع. وقال رئيس اللجنة النائب جمال الخضري في مؤتمر صحافي امس ان محطات الوقود والغاز الطبيعي ستتوقف تماماً عن العمل خلال الساعات القليلة المقبلة، واصفاً سياسة الإغلاق والحصار وتقليص كميات الوقود بأنها عقاب جماعي يناقض جميع الاتفاقات الدولية. وأوضح ان نحو مليون فلسطيني من سكان القطاع يعتمد على المساعدات التي تقدمها"وكالة الأممالمتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين"أونروا ومنظمات دولية ومحلية أخرى التي توقفت عن تقديم هذه المعونات بسبب الإغلاق المحكم للمعابر الحدودية. وأعرب عن أسفه الشديد لغياب دور المؤسسات الانسانية الدولية وعدم الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني في محنته الناجمة عن الحصار، مطالباً هذه المؤسسات بالتدخل الفوري لإيجاد حل جذري للحصار الاسرائيلي على القطاع. من جانبها، طالبت مؤسسة"الضمير"لحقوق الانسان في غزة اللجنتين الرباعية الدولية والعربية بالتدخل لدى مجلس الأمن لاستصدار قرار يمنع الدولة العبرية من استكمال تنفيذ عدوانها على القطاع وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني. واستنكر مدير المؤسسة خليل ابو شمالة في مؤتمر صحافي عقده في غزة امس الجرائم الاسرائيلية واستخدام الآلة العسكرية والقصف على القطاع.