محمية تركي بن عبدالله تعقد لقاءً تعريفيًا مع المجتمع    أمانة المدينة تدشن تقاطع الأمير عبدالمجيد مع سعد بن خيثمة    وفد من شركة "أرامكو" يزور مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة    أمير عسير يرعى تكريم الجامعات العربية المميزة    "الداخلية" تشارك في "ليب 2025"    المملكة تسلم مصر وفلسطين حصتيهما من الهدي والأضاحي    DeepSeek يرعب عالم التكنولوجيا    الريال يكرم نجمه المعتزل مارسيلو قبل مباراة الديربي أمام أتلتيكو مدريد    مليار ريال سنويا حجم سوق الحرف السعودية    البودكاست السعودي يصل للعالمية بدخوله Guinness    محافظ القطيف: فعاليات «جزيرتنا» تجسيد لمبادرة «السعودية الخضراء»    مفتي المملكة ونائبه يتسلمان تقرير نشاط العلاقات العامة والإعلام    تعزيز التطوع المجتمعي    5 % نسبة أمراض الكلى في المملكة    ضمك يحرم الهلال من صدارة دوري روشن    انعقاد «الملتقى القرآني» لمديري وأئمة الشؤون الدينية بمكة المكرمة    تتويج نتائج السباق من الحفل الحادي عشر لميدان الفروسية بالمدينة المنورة    ضبط (15) إثيوبياً في جازان لتهريبهم (486) كجم "قات"    «السالمي» يتوَّج بكأس خادم الحرمين الشريفين للقدرة والتحمل    ربع مليون طالب وطالبة في 1700 يحتفلون بيوم التأسيس بالطائف    بعد لقائه بالشرع.. أرياس: نضع الأساس لإغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في سورية    لبنان أمام فجر جديد: حكومة مكتملة بعد جمود طويل    المملكة تشارك في تمرين «أمان» بباكستان    هل تتأثر هدنة غزة بتناقضات المعايير الإسرائيلية    الاتفاق يواصل انتصاراته على حساب الأخدود    محمد مروعي مجيري حاصد جائزة الإعلام بمنطقة جازان .. يضع العسل السعودي على خارطة التميز العالمية ..    مفوض الإفتاء موجهًا رؤساء الجمعيات اللحمة الوطنية من القيم الأساسية التي تعزز من تماسك المجتمع    وزير الرياضة يستقبل رئيس الأولمبية الدولية في الرياض    إنطلاق مؤتمر السمنة السنوي الدولي الثامن بالخبر    جوارديولا يسخر من حكام الدوري الإنجليزي بعد إصابة نيكو جونزاليس    الصين تعلن اكتمال بناء أكثر من 30 ألف مصنع ذكي    شركة اليسر.. راعياً ذهبيّاً في مؤتمر ليب 2025    1383 حالة ضبط للمنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    وزير التعليم يكرم المعلمة اللحياني    تخصصي تبوك يكرّم الموظفين والأقسام المميزة    هل تنجح المساعي الأفريقية في حل أزمة الكونغو الديمقراطية؟    الأمير تركي بن هذلول يفتتح مهرجان «الرقش النجراني» لعام 2025    القتل تعزيراً لأمير زاده لتهريبه الهيروين    الإفراج عن 183 أسيرًا فلسطينيًا ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    ترمب: سأفرض رسوماً جمركية على دول كثيرة    روسيا: تخفيض سعر صرف الروبل أمام العملات    «الداخلية»: ضبط 21 ألف مخالف للأنظمة في مناطق المملكة خلال أسبوع    ترقية م. بخاري في هيئة الإذاعة والتلفزيون    الدكتوراه ل«السهلي»    ماتياس: لهذا السبب استبعدت «فيرمينيو»    انخفاض درجات الحرارة ورياح نشطة مثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    الأردن.. مقتل عائلة كاملة إثر استنشاق غاز مدفأة    تحويل منزل فيروز «القديم» متحفاً في لبنان    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... وفتح المنافذ في المغرب مداورة
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 2008

تلقت ربة البيت الإشارة بسرعة ولهفة، رفعت الستارة الغامقة، وشرّعت النافذة على مصراعيهما. تسرب هواء المساء العليل وشعاع الشمس الغاربة إلى غرفة الجلوس. تجددت الحياة في المكان، مع أن الوقت وقت أفول. هرولت المرأة نحو باب الغرفة وشرعته، داعية الهواء وأشعة الشمس إلى دخول بقية أرجاء المنزل، علّهما يبلغان أماكنه القصية قبل المغيب. وفي الأثناء، شقة أخرى كانت تنطوي على نفسها، وتغلق منافذها...
حصة البيت وأهله من الهواء الطلق والأشعة المباشرة محسوبة خلال مراحل اليوم. يتقاسم سكان هذه الشقة الواقعة في عمارة مكونة من خمسة طوابق في مدينة الرباط، عاصمة المغرب، نعمة الهواء والنور الطبيعيين، بمقدار محدد مع سكان المبنى المقابل. عرض الشارع الفاصل بين العمارتين ثلاثة أمتار، ومساحة النوافذ فيهما حوالى مترين مربعين، وكل ما تحتويه الغرف، وكل الحركة الجارية في داخلها مكشوفة أمام سكان الشقق المقابلة، ما لم تسدل الستائر السميكة، أو تغلق النوافذ، أو يطفأ النور. والواقع نفسه لا يختلف في شقق العمارة المقابلة.
لم يتفق الجيران في ما بينهم مسبقاً، على تنظيم توقيت فتح النوافذ وإغلاقها. ولكن الضرورة الثقافية والاجتماعية لحرمة البيوت أملت عليهم سبل الحفاظ على حميمية منازلهم.
يعلق المهندس المعماري، العربي بوعياد، الأستاذ في المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط، على هذا الوضع الذي بات واقعاً ثابتاً في شوارع ومدن مغربية، منذ بداية القرن الماضي، بأن مغاربة كثيرين لم يتكيفوا مع نمط العمارة والعمران الغربيين. فتحايلوا على مصادر اختراق الحياة الخاصة لبيوتهم، بنوع من"التواطؤ الضمني"، الذي أضحى ينظم حياة الجوار الخارجية، في الشارع والزقاق داخل المدينة المغربية ذات الطابع العمراني الغربي.
غير أن اللافت أن الشرفات فقدت هويتها ووظيفتها الجمالية والمعمارية، وبدل أن تكون مطلاّ للمنزل على محيطه الخارجي، وفسحة لمدّ النظر وفكّ حصار الجدران المغلقة، ولو لوقت قصير، والتجدد والتملي في رحابة السماء، يلجأ سكّان الشقق إلى إغلاقها تماماً، بواسطة الزجاج الغامق والألمنيوم والشبابيك الحديدية والإسمنت أحياناً، وبات هذا الحل هو الأكثر شيوعاً بين الناس.
وعلى الرغم من أن هذه الإضافات العشوائية وغير المتناسقة مع شكل البناء ومع بقية الشقق والمناظر التي تطل عليها، تُلبس المشهد المعماري العام في شوارع كثيرة لبوس الرداءة واختلال التجانس والانسجام، استغنت أسر كثيرة عن شرفاتها، لمآرب مختلفة أخرى، ليس الحفاظ على حرمة البيوت إلا واحداً منها.
ووجد الناس في الشرفات فرصاً عزيزة لتوسيع المحيط الداخلي للبيوت، وحل أزمة السكن ومساحة الشقق التي تضيق بأصحابها. شرفة تغدو خزانة مهملة تمتلئ بالأغراض الزائدة وغير المرغوب فيها، أو ملحقاً مفضلاً للمطبخ، تتخلص فيها ربات البيوت بالأساس من الفرن وحرارته وروائح الطبخ، وأيضاً من آلة الغسيل والثلاجة. وشرفة تتحول نافذة لتوسيع مساحة غرفة.
يدافع المهندس بوعياد عن استعادة مكونات العمارة الإسلامية التي يعتبرها جزءاً من هوية المغاربة وبيئتهم، ويقول إن سكان المدن المغاربة تحولوا إلى نمط عيش عمراني مختلف عن بيئتهم الأصلية، في زمن الاستعمار الذي استوطن المغرب بثقافته وحضارته الغريبة عنهم، ومن تجلّياتها شكل العمارة في المجتمع الغربي. ولكن معظم المغاربة صعب عليهم الانسلاخ عن ثقافة بيئتهم، وظل هاجس الحفاظ على حرمة البيوت يقظاً في داخلهم، يحرك سلوكهم نحو"الآخر"، الغريب والجار، في حين أن المدن العتيقة والبوادي حافظت على نمط عمارتها الأصلي.
ورسخت الهندسة المعمارية الغربية في زمن الاستقلال، لأن الأطر الكادرات المغربية كانت تتلقى تكوينها الهندسي على أيدي مهندسين أوروبيين، أو تسافر إلى أوروبا، ومن ثم يعيدون إنتاج ما تلقّوه هناك، ولأن التكوين الهندسي في المغرب حافظ، من جانب آخر، على المرجعية الغربية في الهندسة المعمارية إلى يومنا هذا، برغم محاولات لاسترجاع الهوية المعمارية المغربية في العمارة العصرية.
الشرفة التي تطل على باحة البيت الداخلية، بدل الشارع، والنافذة التي تشرف على مشهد محايد، بدل نوافذ الجيران وشرفاتهم، على غرار النمط المعماري القائم في مدن مغربية عتيقة، كالرباط وفاس وتطوان ومكناس والصويرة ومراكش... حلم عدد من المهندسين المعماريين الذين نزعوا نحو منابع العمارة الإسلامية لاستلهام وظائفها الاجتماعية والثقافية، غير أن سرعة التمدن والضغط الديموغرافي في المدن، وعشوائية البناء خارج المراقبة، والانبهار بالنموذج الغربي، علاوة على استسهال البعد الحضاري للعمارة، وغلاء العقار وأزمة السكن، يجعل هذا الحلم بعيد المنال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.