من المقرر ان يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدأ مساء أمس زيارة لطرابلس يُتوقع أن يشرف خلالها على توقيع اتفاقات بأكثر من عشرة بلايين دولار ويجري محادثات مع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي تتناول خصوصاً ملفي الطاقة ومبيعات الأسلحة. وأعلن الكرملين الإثنين ان زيارة بوتين غير المسبوقة والتي لم تعلن عنها طرابلس، تتم"بدعوة"من الزعيم الليبي. وقال مسؤول روسي:"القذافي قال ذات مرة إن علاقة الحب بينه وبين الاتحاد السوفياتي لم تتحول الى زواج... ربما حان الوقت لتجربة زواج المصلحة". وتحدثت وكالة"انترفاكس"عن عقود ضخمة لبيع أسلحة إلى هذا البلد حيث تسعى مجموعة"غازبروم"الروسية أيضاً إلى تطوير مشاريع في مجال الغاز. وكانت"غازبروم"فازت في كانون الأول ديسمبر بثلاثة مجمعات للغاز في حوض غدامس جنوب ليبيا وأعلنت الأسبوع الماضي أنها تسعى إلى تطوير مشاريع غاز مشتركة مع شركة"ايني"الإيطالية في ليبيا. ويقول مسؤولون إن من بين الاتفاقات الأخرى المطروحة تسعى شركة"سترويترانسغاز"الروسية وراء عقد لبناء شبكة أنابيب لنقل الغاز في الساحل الليبي على البحر المتوسط، في حين توشك السكك الحديدية الروسية على ابرام اتفاق مع ليبيا لبناء سكك حديد. وتتفاوض شركة"تكنوستروي-اكسبورت"في شأن صفقات لبناء سبع محطات كهرباء وخط كهرباء عالي الضغط. وذكرت صحيفة"فيدوموستي"الاقتصادية الثلثاء، نقلاً عن مصادر في وزارة الدفاع الروسية، أن محادثات بوتين في ليبيا ستشمل عقود بيع أسلحة إلى طرابلس بحوالي ثلاثة بلايين دولار. وأوضحت المصادر أن طرابلس ستشتري تجهيزات عسكرية روسية لقاء شطب ديونها المستحقة منذ الحقبة السوفياتية والبالغة 3.5 بليون دولار. وقال مصدر عسكري روسي إن"كل المسائل الفنية والمالية سوّيت عملياً ومن الممكن أن تتجاوز قيمة العقود 2.5 بليون دولار". وأشار نائب وزير المال الروسي في تصريحات أوردتها"ريا - نوفوستي"إلى أن موسكو ستواصل هذا الاسبوع مفاوضات مع طرابلس لتسوية الديون الليبية. وتحدث بوتين في 11 آذار مارس عن"زيارات متبادلة على أعلى مستوى"بين روسيا وليبيا بعد زيارة قام بها وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى هذا البلد في كانون الأول 2007 تمحورت حول التعاون في المجال النووي المدني والنقل وبناء مساكن. وقال مصدر في الكرملين إن مسألة المساعدة الروسية في تطوير"البرنامج النووي المدني"الليبي مدرجة على جدول اعمال زيارة بوتين. ووقعت ليبيا في العاشر من كانون الأول الماضي عقوداً بقيمة بضعة بلايين يورو مع فرنسا تنص بصورة خاصة على بيع مفاعل نووي أو اكثر الى طرابلس، وذلك بمناسبة زيارة قام بها الزعيم الليبي إلى باريس. وكانت ليبيا في الماضي شريكاً مهماً للاتحاد السوفياتي ومستورداً كبيراً للأسلحة السوفياتية، لكن العلاقات بين البلدين تراجعت بعد تفكك الكتلة السوفياتية. وأعلن عن زيارة بوتين بعد أيام من زيارة قام بها الرئيس الاوكراني فيكتور يوتشنكو إلى ليبيا في السابع والثامن من نيسان ابريل الجاري، وهي أول زيارة رسمية يقوم بها الى هذا البلد. وتسعى أوكرانيا التي تعتمد على روسيا لتزويدها بالغاز، إلى تنويع مصادرها من الطاقة في ظل الصعوبة التي تشوب علاقاتها مع موسكو وتقوم بمساع بهذا الصدد لدى ليبيا الغنية بالمحروقات. وسيتوجه بوتين في ختام زيارته الخميس إلى جزيرة سردينيا حيث سيلتقي سيلفيو برلوسكوني بعد فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد والإثنين في ايطاليا. ويترك بوتين منصبه في الرئاسة في السابع من أيار مايو المقبل ليصبح رئيساً لوزراء خلفه المخلص ديمتري ميدفيديف. وزيارته لليبيا هي أول زيارة لرئيس روسي منذ العام 1985. وقال ديميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين:"المغزى الرئيسي للزيارة هو تعويض خسائر تكبدتها علاقاتنا الثنائية خلال العقوبات التي امتثلنا لها بصرامة، على العكس من بعض المنافسين الغربيين". وكللت زيارتان إلى طرابلس في العام الماضي قام بهما رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وزيارة في 2004 قام بها المستشار الألماني في ذلك الوقت غيرهارد شرودر بعقود ضخمة لشركات بلدانهم. ويستفيد الرهان الروسي مما يرى محللون أنها رغبة الزعيم الليبي في موازنة الروابط السياسية والاقتصادية المتنامية مع الغرب بمصادر بديلة للدعم الدولي مثل موسكو. ويفتح هذا نافذة محدودة للفرصة أمام روسيا التي تسعى إلى إحياء دورها كقوة عالمية والذي تضاءل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وقال الكسندر كليمنت من مجموعة"أوراسيا"الاستشارية في تصريحات إلى"رويترز":"تؤدي روسيا دور النقيض للولايات المتحدة التي تبقى القوة الكبرى". ويسري الدفء في علاقات ليبيا مع الغرب منذ تخلت عن برامجها لأسلحة الدمار الشامل في 2003 مما شجع على رفع معظم العقوبات الدولية التي كانت مفروضة لما كان الغرب يصفه بدعم القذافي للارهاب.