بدأ الزعيم الليبي معمر القذافي أمس زيارة لروسيا بعد انقطاع دام 23 عاماً، يسعى خلالها إلى استئناف"العلاقات التاريخية"مع موسكو، خصوصاً في مجالات التعاون العسكري. ورجحت مصادر رسمية روسية أن يتم التركيز خلال الزيارة على العلاقات التجارية والطاقة، في حين تحدثت تقارير عن احتمال إعلان القذافي استعداد بلاده لاستضافة قاعدة بحرية روسية. وتصدّرت مسألتا الصفقة العسكرية المحتملة بين البلدين وخيمة الزعيم الليبي تعليقات الصحف الروسية أمس حول الزيارة، بعدما أعلن أن الخيمة التي اعتاد القذافي الإقامة فيها خلال زياراته الخارجية سبقته في الوصول إلى موسكو ضمن تحضيرات الزيارة، لكن اللافت كان إشارة مصدر رسمي في الديوان الرئاسي الروسي إلى أن الخيمة ستنصب داخل الكرملين الذي سيكون مقر إقامة الضيف خلال أيام زيارته الثلاثة. وستكون هذه المرة الأولى التي تستجيب فيها إدارة البروتوكول في الكرملين لرغبة من هذا النوع من جانب ضيف على الرئيس. وكان القذافي وصل إلى موسكو أمس واستهل نشاطه بتلبية دعوة الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف إلى عشاء غير رسمي. ويُنتظر أن يعقد الزعيمان اليوم جلسة محادثات رسمية قالت مصادر الكرملين إن التركيز خلالها سيكون على ملفات التعاون الثنائي، خصوصاً على صعيد التبادل التجاري - الاقتصادي الذي لا يزيد حالياً على 230 مليون دولار، كما سيتطرقان إلى سبل تعزيز العلاقات التي وصفتها مصادر ليبية بأنها"تاريخية"على كل المستويات. ومعلوم أن علاقات البلدين شهدت فتوراً بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. وتشير مصادر روسية وليبية إلى حاجة البلدين إلى استئناف التعاون وإعادة العلاقات إلى زخمها السابق. وغدا الحديث عن استئناف التعاون ممكناً بعدما زالت عقبة أساسية كانت تعيق تطور العلاقات، وهي الديون السوفياتية على ليبيا التي شطبتها موسكو خلال زيارة الرئيس السابق فلاديمير بوتين العام الماضي إلى ليبيا. وتصل قيمة الديون بحسب المصادر الروسية إلى نحو 4.5 بليون دولار، ووقع البلدان فور صدور قرار الشطب عدداً من الاتفاقات التجارية والاتفاقات الخاصة بالتعاون الاقتصادي، بينها اتفاق لإنشاء خط سكك حديد يبلغ طوله 550 كيلومتراً ويربط سرت ببنغازي، كما بدأت شركتان روسيتان التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا. لكن الأهم في الزيارة بحسب خبراء عسكريين روس هو احتمال توقيع صفقة كبرى لشراء أسلحة روسية بقيمة تصل إلى نحو بليوني دولار. وبحسب مصادر مجمع الصناعات العسكرية الروسية، فإن القذافي أبدى اهتمامه باقتناء طرازات متنوعة من الأسلحة الروسية الحديثة، في إطار تعويض روسيا عن شطب الديون. وأفاد أمس مدير الهيئة الفيديرالية الروسية للتعاون العسكري المسؤولة عن الصادرات العسكرية ميخائيل ديميترييف أن الجانبين الروسي والليبي سيبحثان في مسائل تزويد ليبيا بأنظمة دفاع جوي وتقنيات بحرية روسية أثناء الزيارة. ويشير خبراء عسكريون إلى أن الجانبين أجريا محادثات حول تزويد ليبيا بمنظومات صاروخية"س - 300 ب م و"، و"تور - م1"، و"بوك - م1-2"المضادة للطائرات، وسفينة حربية وغواصة ديزل. وتبحث ليبيا في استيراد 16 طائرة قتالية من طراز"سو - 30 م ك إي"، ومجموعة من دبابات"تي 90"، فيما تقترح روسيا عليها تحديث منظومات"اوسا - ا ك م"التي تستخدمها القوات الليبية حالياً. وبحسب تقرير نشرته صحيفة"كوميرسانت"الروسية أمس، فإن القذافي ينوي خلال اللقاء طرح مسألة استعداد بلاده لاستضافة قاعدة للقوات البحرية الروسية في ليبيا. واعتبرت الصحيفة أن الزعيم الليبي يرى في الوجود العسكري الروسي المحتمل"ضمانة لردع الولاياتالمتحدة التي لم تتقدم بخطوات ملموسة نحو ليبيا على رغم أن الأخيرة قامت بمبادرات إيجابية نحو الغرب في السنوات الماضية". ونقلت الصحيفة عن مصدر يشارك في الإعداد لزيارة القذافي قوله إن"العقيد سيحتفظ بالأنباء الطيبة لزيارته والتي ستلطف من ضيق الكرملين". وأشارت إلى أن"العقيد يعتزم خلال هذه المحادثات التطرق إلى مسألة فتح قاعدة للبحرية الروسية في ميناء بنغازي".