لن تشهد ربما الصين اضطرابات وصراعاً على السلطة على نحو ما كان يحصل في عهد ماو. ولكن ثمة قوى كثيرة تسعى الى تحقيق مكاسب سياسية في الصين. وجرى مسلسل الاضطرابات الأخيرة والكبيرة في ميدان تيان - ان - مين في 1989. ويومها أقيل أمين عام الحزب الشيوعي الصيني، زهاو زيانغ، واتهم بانتهاج سياسة لينة مع المعارضين، وبإفشاء أسرار الدولة إثر مناقشته وضع الزعيم دينغ زياو بينغ مع الرئيس السوفياتي، ميخائيل غورباتشوف.پ والى يومنا هذا، لم يرد الاعتبار الى زهاو زيانغ، ولم تقوِّم الحكومة الصينية، ولا قوَّم الحزب الشيوعي قرار الجيش قمع طلبة تيان - ان - مين، ولم تقل إن هذا القرار خاطئ. وأعلن دينغ أنه لن يتردد في سفك الدماء حفاظاً على الأمن والاستقرار. فقُتل أكثر من 300 طالب في ذلك الميدان. وعُين جيانغ زيمين، زعيم الحزب الشيوعي في شنغهاي، محل زهاو. وتزامنت هذه الحوادث مع إحكام هو جينتاو، أمين عام الحزب الشيوعي في التيبيت الأسبق والرئيس الصيني الحالي، قبضته على التيبيت. وقمع هو حركة الاحتجاج في التيبيت وحركة الرهبان البوذيين في لاهاسا بين 1987و1989. وخلف هو جيانغ زيمين. وخلص من حوادث التيبيت الى أن ثمة"ثلاثة شرور"على الصين مكافحتها، هي الإرهاب والتطرف ومحاولات الانفصال. وواجه محاولات انفصال تايوان عن الصين، وحركة استقلال التيبيت ومحاولات استقلال الإيغور في سينكيانغ. والحق أن تظاهرات التيبيت الكبيرة والمنظمة بقيادة الرهبان البوذيين في الذكرى التاسعة والأربعين لأول انتفاضة في التيبيت فاجأت القيادة الصينية. فالتظاهرات انتشرت خارج مناطق التيبيت. ولعل أكثر ما أزعج الإدارة الصينية هو تظاهرات الطلبة التيبتيين في جامعة الأقليات ببكين. وُعزل مسؤول كبير في حكومة التيبيت من منصبه، وهو تخلى عن الولاء للحكومة الصينية وأدرك شأن كثر من التيبيتيين أنهم أخطأوا في معاداة الدالاي لاما طوال عقود. وتبددت أحلام الصين في إنشاء علاقات ديبلوماسية واسعة وعامة في دورة الأولمبياد. ولطخت التظاهرات وقمعها سجل الصين في مجال حقوق الإنسان بالتيبيت. وأطفأ المتظاهرون في أثينا وباريس نيران شعلة الألعاب الأولمبية، وهي بحسب هو جينتاو شعلة العلاقات الحسنة بالعالم. وإثر إلغاء لجنة الرؤساء المتقاعدين الاستشارية، فرض على هؤلاء الزعماء الامتناع عن إدلاء تصريحات عامة. ولكن جيانغ زيمين خرج على هذه القاعدة. وتناول كلامه الأمن في مجال الطاقة. وألمح الى أخطاء سياسة هو جينتاو في أبرز المجالات حيوية في البلاد. وقال جيانغ إن فشل هو في الحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها في وجه المخاطر لا يفاجئ أحداً. فهو أخفق في تأمين حاجة البلاد من الطاقة. ولكن هل في وسع جيانغ إلزام خلفه الاستقالة في هذه الظروف؟ فلا شك في أن جيانغ يقوض مكانة الأمين العام الحالي. فربما بدأ أول فصل من النزاع على السلطة في الصين الكواليس. عن بهاسكار روي، موقع "ساوث إيجيا أنالايسز غروب" الهندي 11/4/2008