انتهت قمّة دمشق العربية بكلام جميل عن نجاحها، ورفعت كل الاحتياطات الأمنية التي رافقتها قبل أن تعقد بأيام ليأخذ الإعلاميون حريتهم في الدخول والخروج من وإلى قاعات القمّة وردهات فندق إيبلا الشام والمركز الإعلامي دون تفتيش. وعلى رغم المؤتمر الصحافي الذي عقده الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية السوري وليد المعلم واللّذان تحدّثا فيه عن نجاح القمة بقراراتها وحواراتها، إلا أن الصحافيين أخذوا يحاولون اللقاء بعضو من هذا الوفد أو ذاك، ليتأكدوا من"نجاح"القمة. وكان السؤال المطروح"ماذا بعد؟ والإجابات المجاملة أكدت النجاح وغير المجاملة طرحت السؤال ذاته"وماذا بعد"؟ وبقيت تساؤلات عديدة مطروحة عند الجميع حيال ما جرى مثل لماذا قرّر الأردن خفض تمثيله في القمة إلى مستوى مندوبه في الجامعة العربية بعدما كان تمثل بوزير خارجيته في اجتماع وزراء الخارجية؟ وهل سيكون هناك تغير إيجابي في الموقف السوري تجاه الأزمة اللبنانية بعد ما بدا من كلام وزير الخارجية السوري بأن لا تغيير في موقف دمشق الذي يرى ضرورة أخذ المبادرة العربية للبنان"كسلّة متكاملة"؟ وبعدما عجزت كاميرات الفضائيات العربية عن أخذ أجوبة لهذه التساؤلات من أي من المسؤولين العرب، لجأت إلى الزملاء الصحافيين ليدلوا بتحليلاتهم وآرائهم التي تضاربت كل على حسب قناعته وتفسيره للتصريحات والبيانات الرسمية. والسؤال الأهم الذي طُرح عند الجميع هو هل هناك تحرّك لاستعادة العلاقات الطبيعية بين دمشق والرياض؟ رئيس وفد السعودية للمؤتمر مندوبها في الجامعة العربية السفير أحمد القطّان تعمّد أن يصرّح ويوضح للإعلاميين أن المشكلة مع دمشق ليست سوى"المشكلة اللبنانية". وحين سئل عمّا إذا كانت هناك محاولة لاستعادة العلاقات الطبيعية مع دمشق اكتفى بالقول إن"هذا الأمر عند الإخوة في سورية التي هي عزيزة على العرب جميعاً". المهم أن قمة دمشق انتهت كما انتهت معظم القمم العربية السابقة. تفرقت الوفود وعادت إلى أوطانها، والصحافيون والإعلاميون عادوا إلى المركز الإعلامي الكبير في أرض المعارض ولم يجدوا حراساً أو رجال أمن يفتشونهم. ولم يجدوا نقاط الحراسة المتعددة على الطريق الممتد من قاعة المؤتمرات إلى المركز الإعلامي وإلى فنادقهم ومكاتبهم وسط دمشق. وكان من حسن حظهم أنهم وجدوا الحافلات التي اشتكوا دائماً من تأخرها في توصيلهم، في انتظارهم لنقلهم في أي ساعة شاءوا. ولم يجد الصحافيون في فنادق أقاموا فيها رجال الأمن والحراسة في استقبالهم، ولا في بهو هذه الفنادق حيث كان هؤلاء يشاركونهم المقاعد. وودع الصحافيون بعضهم بعضاً قائلين"انتهت القمة وكل عام وأنتم بخير وإلى اللقاء في القمة القادمة في الدوحة".