ذكر خبراء اقتصاديون ان التضخم يشكل تحدياً كبيراً للدول الخليجية التي ازدادت مداخيلها بسبب الزيادة غير المسبوقة في أسعار النفط، وانخفاض قيمة عملاتها الوطنية مع تراجع سعر الدولار. ودفع الوضع في دول مجلس التعاون الخليجي إلى اجتماع اليوم في المنامة، سيستمع خلاله مسؤولو السعودية والكويتوالبحرينوقطروالإمارات وسلطنة عُمان، إلى نصائح من صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي حول كيفية مواجهة هذه المشكلة. وعزا الخبير الاقتصادي البحريني احمد اليوشع في تصريح الى"وكالة فرانس برس"بعض أسباب التضخم"إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية بسبب تراجع الدولار". وأشار خصوصاً إلى البحرين، موضحاً ان"نحو 40 في المئة من أسباب التضخم فيها تعود لانخفاض قيمة الدينار البحريني بسبب تراجع الدولار". وأكد اليوشع ان"معدلات نمو حجم النقد في دول الخليج تتجاوز أحياناً نسبة 20 في المئة"، موضحاً ان"هذا ينعكس على الطلب الذي ينعكس بدوره على الأسعار". ورأى ان"الادعاء بأن أسعار النفط هي السبب وراء التضخم سبب غريب وعجيب"، مؤكداً انه"لم يثبت حتى الآن وجود صلة بين ارتفاع أسعار النفط والتضخم". واعتبرت دراسة نشرتها الأمانة العامة لاتحاد الغرف التجارية في دول مجلس التعاون في كانون الاول ديسمبر ان"توافر السيولة الذي يصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات، وانخفاض قيمة العملات الوطنية جراء تراجع الدولار"سببان رئيسان للتضخم. وأشارت إلى ان"إجمالي واردات دول الخليج قفز من 154.5 بليون دولار عام 2003 إلى نحو 376 بليون دولار في 2007، بزيادة نسبتها 143 في المئة". وأوضحت الدراسة ان نسبة التضخم في دول المجلس ارتفعت منذ عام 2001 وحتى 2006، بنسب متفاوتة ليسجل اقلها في السعودية 2.3 في المئة ثم الكويتوالبحرين 3 في المئة ثم عُمان 3.2 في المئة والإمارات 10.1 في المئة، وأعلاها في قطر 11.8 في المئة. أما الأرقام المتعلقة بالتضخم في 2007، فتشير التقديرات إلى 11 في المئة في الإمارات، و12 في المئة في قطر، بينما أعلنت السعودية ان نسبة التضخم بلغت 4.1 في المئة في 2007. لكن الدراسة افادت ان أهم تأثير لانخفاض الدولار هو"تراجع القيمة الحقيقية للعوائد النفطية للدول المصدرة بالدولار، وارتفاع كلفة الواردات الخليجية من الدول التي انخفض الدولار مقابل عملاتها، مثل الاتحاد الاوروبي واليابان والصين". وأضافت ان"تراجع الدولار أدى إلى التأثير في الاقتصاد الوطني الخليجي بسبب ربط العملات الخليجية بالدولار". وأثار انخفاض قيمة الدولار دعوات إلى فك الارتباط بالدولار، الأمر الذي قامت به دولة خليجية وحيدة هي الكويت في أيار مايو 2007. وأشارت الدراسة إلى ان تقارير صندوق النقد الدولي"تتوقع انخفاض معدلات التضخم في معظم دول الخليج عام 2008، تطبيقاً للوحدة النقدية المقرر طرحها في 2010"، و"إنجاز الكثير من المشاريع الإسكانية، ما سيسهم في خفض الإيجارات". وظهرت آثار تراجع الدولار جلياً في أوساط العمال الأجانب الذين يعملون في دول الخليج، التي شهد بعضها، خصوصاً البحرينوالإمارات إضرابات قام بها عمال أجانب للمطالبة برفع أجورهم. كما دفع الحكومات الخليجية إلى رفع رواتب الموظفين وصرف إعانات عاجلة لمواجهة غلاء الأسعار. ويتفق واضعو الدراسة والخبير الاقتصادي البحريني أحمد اليوشع على ان"تقليل حجم السيولة"، و"خفض الإنفاق الحكومي"، و"رفع سعر الفائدة وجملة من السياسات المالية والسياسات النقدية"، توفر الوسائل الممكنة للحد من إجراءات التضخم. الا ان اليوشع يؤكد ان الخيارات المطروحة محفوفة بالمحاذير، ونجاح بعضها يتطلب قراراً جماعيا لدول الخليج الست. ورأى ان"رفع سعر الفائدة أحد الحلول، لكن ارتباط عملات دول الخليج بالدولار يجعل السلطات النقدية غير قادرة على اتخاذ هذه الخطوة، لأنها تريد خفض أسعار الفائدة بعد تراجع قيمة عملاتها"، معتبراً"محاولة التحكم في حجم السيولة سلاح ذو حدين"، موضحاً ان"في عهد رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر والرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان أقرت سياسة خفض معدل السيولة". وأضاف"لكن ذلك تم على حساب النمو الاقتصادي الذي تراجع مع ارتفاع حجم البطالة"، مشيراً إلى وجود خيارات أخرى بينها"إعادة النظر في الارتباط بالدولار". لكنه أوضح ان الأمر لا يعني"بالضرورة فك الارتباط بالدولار بل رفع قيمة العملة الوطنية، شريطة ان يكون هذا قراراً جماعياً وليس وطنياً".