أعلنت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمغرب ولادة قناتين تلفزيونيتن جديدتين. والمعروف ان هذه الهيئة هي التي تعنى بكل ما يتعلق بالإعلام المرئي والمسموع، ومن صلاحياتها الترخيص بإنشاء قنوات جديدة. وصادقت على دفتر شروط القناتين الجديدتين. وجاء الإعلان ليؤكد مسلسل التنويع والانتشار ومراعاة الخصوصيات والأذواق المختلفة للمشاهد المغربي في الداخل والخارج، بحسب القانون المنظم لهذه الهيئة المستحدثة قبل سنوات قليلة. القناتان تابعتان للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، ما يرفع عدد قنواتها الى ثمان قنوات، هي"الأولى"، وپ"الرياضية"، وپ"الرابعة التعليمية التربوية"، وپ"قناة العيون الجهوية"وپ"الفضائية المغربية"، وپ"قناة محمد السادس للقرآن الكريم"وپ"تمازيغت"، وپ"أفلام". ويذكر أن طلب ودراسة مشروع قناة"أفلام" لم يشكل أي عقبة للجنة الموافقة وتم الترخيص لها بما أنها قدمت الضمانات التي يفرضها مواصفات العرض الإعلامي والتلفزي في الفضاء المغربي. فهي قناة إمتاع وتسلية وتثقيف وتعريف في المقام الأخير ومنتوجها الذي ستقدمه معروف بما أنه يخص الأفلام. قناة تبرمج الأفلام بنوعيها السينمائي والتلفزي، سواء تسجيلياً أو تخييلياً. وبالتالي لن تختلف عن نظيراتها العربية التي تقدم الفيلم على مدار الساعة. الجديد هو أنها ستكون مرفداً جديداً لتصريف المنتوج السينمائي المغربي، الذي تزايد باضطراد في السنوات الأخيرة فالأفلام السينمائية المنتجة وصل عددها إلى قرابة الخمسة عشر شريطاً كل سنة، والقناتان الرئيستان، الأولى والثانية، التزمتا منذ سنوات بإنتاج عدد مهم من الأفلام التلفزيونية. ما يشكل مكتبة سينمائية مهمة ستجد لها قناة تصريف أساسية ومتخصصة. كما أن القناة ومن خلال عروضها ستمكن من تعريف المنتوج الدرامي المغربي على نطاق واسع، ولن يكون في إطار برمجة عامة كما هي الحال الآن. وهكذا ستقدم أفلاماً لكل الأعمار. وفي موازاة ذلك تأمل القناة ببرمجة العديد من المواضيع المتعلقة بالفن السابع في تجلياته كلها، استهلاكاً وتوزيعاً وإنتاجاً. لكن التحدي الذي ستواجهه يتعلق بمدى قدرتها على تغذية 18 ساعة بث يومية مقررة لها بالمنتوج الوطني الخالص الأمر الذي سيكون صعباً، وبالتالي فالفيلم غير المغربي سيجد مكانه الطبيعي في شبكة العرض المخصصة. قناة تمازيغت وإذا اتفق الجميع على مدى صواب وجود قناة سينما جديدة، والأمر الذي لم يثر أي اعتراض أو نقاش، فقناة تمازيغت لقيت تجاذباً وشداً حقيقيين. ويكفي أن نذكر أنها كانت مقررة منذ سنتين في الأقل، وتم الإعلان عنها مرات لكن التأجيل كان يطالها كل مرة. والحق أن في ذلك ما يحيَّر ويثير السؤال. سؤال قناة تلفزية بلغات محلية في بلد عربي، ليست بالسهولة المفروضة على اعتبار الخوف من تأثير تلاقي السياسي مع الثقافي، بخاصة أن المشهد الأمازيغي تتجاذبه تيارات وجمعيات كثيرة تختلف جذرياً في ما بينها بأهدافها وبرامجها. لكن وجود المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وأعضائه الأكاديميين كمستشارين أساسيين جعل إمكان وجود القناة مبرراً بموارد بشرية موجودة وأفكار إعلامية مناسبة، إضافة إلى الدعوة الى إشراك القسم الأمازيغي في الإذاعة الرسمية التي تتوافر فيها المواصفات المهنية المطلوبة، وأخيراً لوجود تدخل من الجهات العليا للإسراع بإخراج القناة إلى الوجود، كل هذه العوامل مكنت من الإعلان الرسمي عنها. ستبث القناة ست ساعات يومياً وعشر ساعات نهاية الأسبوع على أساس التفكير في زيادتها مع توالي التجربة. وستعتمد القناة برمجة موحدة ذات طابع وطني وليس عرقياً، تقدم نشرات الأخبار بمختلف أنواعها، والبرامج الثوثيقية والتعريفية بالمعطى الأمازيغي المغربي بتنويعاته الثلاثة: تاشلحيت الجنوبية وتمازيغت التي في وسط البلد وتاريفيت في الشمال، وبرامج التسلية الموسيقية والفيلمية. لكن السؤال الذي يتردد عند المهتمين، يتعلق بالقيمة المضافة إعلامياً، فإذا كان من المتفق عليه ضرورة وجودها لجمهور أمازيغي عريض ينتظر بفارغ الصبر أن يرى صورته المغربية منعكسة بلغة مغربية غير العربية الرسمية، فهل ستكون مجرد نسخة للقناة العربية المعروفة،"الأولى". هذه الأخيرة التي لا تفتأ تلقى نقداً حاداً من المشاهدين والمتتبعين منذ عقود لإغراقها في تغطية ما هو رسمي أساساً فيما مضى حينما كانت تحت الوصاية الرسمية، ولنقصان الفعالية في كل التغييرات التي تعرضت لها وحاولت تطويرها منذ حرِّر القطاع السمعي - البصري؟ الطموح هو أن تكون قناة بطابع احترافي يعكس وجهاً إعلامياً حقيقياً يراعي فعلاً تطلعات الجمهور المنتظرة.