بعد طول انتظار، انطلق قبل أيام البث التجريبي لقناة «تمازيغت» التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون. وهي القناة الثامنة التي تعنى بالثقافة الأمازيغية في العاصمة المغربية الرباط، وتهدف الى عكس الغنى الثقافي المغربي، وتسليط الضوء على مكون رئيسي هُمّش على مدى سنوات. ويعتبر مدير «تمازيغت» محمد مماد في حديث ل «الحياة» أن «المولود التلفزيوني الجديد يشكل قيمة مضافة، بما ان «تمازيغت» هي أول قناة وطنية ناطقة باللغة الأمازيغية»، مشيراً الى «مراعاة المهنية وأخلاقيات المهنة واحترام التنوع والتعدد الثقافي واللغوي والخصوصيات، وكل ما له ارتباط بجذور الثقافة المغربية الأصيلة في أبعادها المختلفة». ومن المتوقع ان تنطلق القناة في شكل رسمي ابتداء من آذار (مارس) المقبل. وستبث بوتيرة يومية مدة ست ساعات من الاثنين إلى الجمعة وعشر ساعات في نهاية الأسبوع. وتتضمن عدداً كبيراً من البرامج الناطقة بلهجات تشلحيت وتمازيغت وتريفيت، وستكون مقرونة بترجمة إلى العربية. ويراهن مدير القناة على «استقطاب أكبر عدد من المشاهدين المغاربة في الداخل والخارج من طريق شبكة برامج متنوعة تخاطب مختلف أذواقهم في مختلف الجهات». وكان وزير الاتصال خالد الناصري أكد خلال حفلة الإطلاق، أن القناة ستكون «ملكاً مشاعاً للمغاربة أجمعين، وإطاراً لإنجاز مهمة المرفق العمومي»، مشيراً إلى أن «تمازيغت» قناة عامة تعنى بالإعلام والتربية والثقافة والترفيه وسواها. وستتميز عن القنوات الأخرى بكونها لن تبث إلا من إنتاجها، كما أنها لن تكون قناة منكفئة على ذاتها بل ستوظف أساساً الاختلاف باعتباره قيمة مضافة في الهوية المغربية المتفردة القائمة على جدلية التنوع والوحدة». وعرف هذا المشروع عدداً من العراقيل، ولفّه نوع من الغموض جعل الإشاعات تتكاثر من حول هذه القناة. ويرى مهتمون في قطاع التلفزيون ان إطلاق قناة عامة جديدة تعنى بقضايا الأمازيغية يطرح سؤالاً جوهرياً هو: هل إطلاق القناة مجرد إضافة عددية أم يشكل إضافة نوعية تطمح إلى تعزيز التنوع والتكامل داخل الحقل السمعي البصري؟ ويؤكد هؤلاء أن القناة الأمازيغية أخذت الوقت الكافي للإعداد وإنضاج مشروعها، ودامت هذه السيرورة أكثر من ثلاث سنوات من النقاش والجذب في وقت أطلقت فيه قنوات أخرى مثل الرياضية والرابعة الخاصة بالمعرفة في شكل متسرع. كما أن إمكانات مالية مهمة رصدت للقناة الأمازيغية وبلغت خمسمئة مليون درهم على مدى أربع سنوات، وهو رقم لا يستهان به، في وقت ولدت القنوات الأخرى دون أن تكون لها موازنة مستقلة، ونهلت من موازنة القناة الأولى الأم. ولا شك أن القناة الأمازيغية تجربة تستحق الاهتمام باعتبارها ترسم الطريق إلى إستراتيجية سمعية بصرية جديدة في البلاد. فيما يرون ان موعد بثها مؤشر على أن القناة تنتمي إلى ذهنية ونظرة العشرية الجديدة، أي أن المغرب تحول من القطاع التلفزي الذي انكب في السنوات العشر الاخيرة، على الشق الحقوقي والمالي والاجتماعي والقانوني، والشكلي عموماً، إلى المضمون السمعي البصري الذي أصبحت تمليه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتجدر الإشارة إلى أن قناة الأمازيغية، ولدت لحاجة سمعية بصرية من ناحية، لكنها رأت النور بإرادة ملكية جعلتها تحسم الخلافات وتذلل العقبات، كما أعطتها دفعة قوية جعلت لها مكانة خاصة.