توقعت تقارير اقتصادية متخصصة أن تعزز مبادرات "المباني الخضراء" أو "الأبنية الصديقة البيئة" كما اصطلح على تسميتها، الطفرة العقارية الخليجية، وتدفع بها الى مدى سنوات جديدة. فعلى رغم مخاوف من أن تؤدي الشروط القانونية للالتزام بمعايير"الأبنية الخضراء"إلى زيادة تكلفة البناء، التي تعاني أصلا من تضخّمٍ متزايد يُرهق شركات المقاولات، نتيجةً لارتفاع أسعار مواد البناء، رصدت تقارير عقارية زيادة ملحوظة في عدد المشاريع المطابقة لتلك المواصفات، وإن بنسب متفاوتة من بلد إلى آخر. وبلغت أعلى نسبة في دبي، فقدرت مجموعة"اكسفورد للأعمال"في تقرير أخير، المشاريع العقارية الخضراء في الإمارة، بنحو 70 في المئة من إجمالي المشاريع الجديدة. وكشف تقرير لمجموعة"المزايا القابضة" تنامياً واضحاً في الوعي بأهمية المشاريع المستدامة والصديقة للبيئة، لدى مطوري العقارات في المنطقة، استجابة لإشاراتٍ منذرة لوّحت بها جهات عالمية ومحلية من أخطار الانحباس الحراري وانبعاثات الغازات الضارة، وهدر الموارد الطبيعية والطاقة غير المتجددة. واعتبر أن المشاريع العقارية"الصديقة للبيئة"تشكل ظاهرة عالمية متنامية امتدت إلى الشرق الأوسط. وأطلق التقرير على"العقارات الخضراء"اسم"المرحلة الثانية من الطفرة". وبادرت دبي الى إصدار قرار يلزم أصحاب العقارات بمراعاة أفضل المعايير العالمية الصديقة للبيئة، التي تتواءم والواقع المحلي. واستحدِثَ نظامُ تصنيفٍ لهذه الغاية في الإمارات يعمل"مجلس الإمارات للأبنية الخضراء"على تطويره. وأتبعت إمارة أبو ظبي مسلكاً مماثلاً بعد أن أطلقت مبادرة بمباركة ولي العهد، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدى إطلاقها مشروع مدينة"مصدر". وأفاد التقرير، بأن مفهوم المباني الخضراء يشمل المباني التي تعتمد في تصميمها على استهلاك أقل من الطاقة والمياه، باستخدام مواد أعيد تدويرها. كما تعتمد في الأساس على الإنارة الطبيعية والتهوئة الجيدة، والتقليل إلى حد كبير من الدهانات والمواد اللاصقة السامة المضرة بالبيئة والإنسان والخطيرة على الاقتصاد. وبدأ مطورون عقاريون يعملون على استخدام أنظمة توفير الطاقة وعمليات صديقة للبيئة في أبنيتهم، فيخففون من الأعباء عن البنية الأساسية في المدن، إذ توفّر هذه الأنظمة بين 40 و50 في المئة من استهلاك الطاقة والمياه. وكشفت إحصاءات مجلس الإمارات للمباني الخضراء، أن ما تستهلكه المباني السكنية في الإمارات يشكل ست أضعاف الطاقة التي تستهلكها المباني التقليدية. أما تقرير"ماك غرو هيل سمارت ماركت"، فكشف عن أن تكلفة تشغيل المباني الخضراء الصديقة للبيئة تقل بنسبة ثمانية إلى تسعة في المئة، مقارنة بالمباني التقليدية، وتزيد قيمة المبنى 7.5 في المئة. وورد في التقرير لمؤسسة"أكسفورد بيزنس غروب"أن 70 في المئة من المشاريع الجدية التي صمّمت في دبي، تراعي معايير بيئية، منها مدينة دبي للاستوديوهات، ومجمع دبي للتقنيات الحيوية وغيرها. وأعلنت"مدينة دبي الملاحية"إلزام شركات التطوير العقاري والمقاولين العاملين فيها إلزاماً كاملاً بالمعايير العالمية للأبنية الخضراء، لتكون آمنة تماماً من الناحية البيئية. وتؤكد شركة"تيكوم للاستثمار"، العضو في شركة دبي القابضة، التزامها تطبيق سياسة صارمة لتقليص حجم استهلاك الكهرباء والمياه، من خلال إعادة تأهيل المباني الحالية وتشييد المباني الجديدة وتشغيلها وفق أرقى المعايير العالمية. وأظهرت الأبحاث أن برنامج"تيكوم"للاستثمارات لترشيد استهلاك الطاقة، استطاع من نيسان أبريل الى حزيران يونيو 2007، أن يخفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون 2341 طناً، تعادل 13 في المئة من المعدل الشهري لانبعاث الغاز. وأعلن في إمارة أبو ظبي أخيراً عن مشروع تطوير مدينة"مصدر"التي تقدر تكلفتها بنحو 15 بليون دولار،وتعتبر أول مدينة في العالم خالية من انبعاثات الكربون. وتنبّهت الفنادق ايضًا إلى أهميّة التنمية المستدامة، فكلّفت فنادق"الموفمنبيك"شركة استشارية لمساعدتها إلى التحول لفنادق خضراء وخفض بصمتها الكربونية الإقليمية. وكشفت مسوح أولية أن فنادق الخمسة نجوم في دبي تستهلك طاقة أكثر 225 في المئة من نظيراتها الأوروبية. ويعتبر استهلاك المياه من قبل فنادق، في منطقة تعاني من ندرة مصادر المياه، أعلى بصورة دراماتيكية من نظيراتها في أوروبا وفقاً لشركة"فارنيك افيريال"الاستشارية.فبينما يبلغ متوسط استهلاك المياه للنزيل في فندق من فئة خمس نجوم في"زيوريخ"حوالي 450 لتراً، تتراوح في دبي بين 650 لتراً كحدٍ أدنى وألفي لتر للنزيل الواحد.