حاول المرشح الديموقراطي في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية باراك أوباما إيضاح مواقفه من مسائل العرق والجدال العنصري الدائرة في الحملة بعد عظات"تحريضية"لحاضنه الديني القس جيريمايا رايت. وتوجه المرشح الديموقراطي الى الأميركيين أمس، بخطاب محوري يفسر فيه علاقته الطويلة بالقس، مديناً كلامه المشحون ضد"البيض"و"مغالطاته في السياسة الخارجية وانتقاده إسرائيل بدل التطرف الإسلامي". وجاء ذلك بعدما انزلقت شعبية المرشح الأفريقي الأميركي أمام منافسته هيلاري كلينتون وفي مواجهة محتملة مع المرشح الجمهوري جون ماكين. ومن مدينة فيلادلفيا التي تستعد لانتخابات حاسمة للديموقراطيين في 22 نيسان أبريل المقبل، أحيا أوباما تقليداً أميركياً تاريخياً بدأه الرئيس الراحل جون كينيدي في خطاب عام 1960، للرد على الأصوات الرافضة لترشح"كاثوليكي"للرئاسة الأميركية. وسلط المرشح الأسود الأول الذي يصل لهذا المنصب في تاريخ الولاياتالمتحدة على مسألة العرق والتاريخ العنصري في الولاياتالمتحدة. وتطرق الى عظات رايت، القس الإنجيلي الذي احتضن أوباما، وهجوم القس على التاريخ والحاضر الأميركي الذي يسيطر عليه"البيض"وتحركه سياسة خارجية"ملعونة"بحسب رايت تناست"الأفارقة والفلسطينيين"وأنتجت على حد تعبيره اعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. وأشار أوباما الى إدانته الشديدة لهذه المواقف ورفضه"الرأي الذي يلوم إسرائيل على أزمات الشرق الأوسط بدل التطرف الإسلامي البغيض". الا أن المرشح الأفريقي - الأميركي توقف عند التنصل بالكامل من القس رايت، معتبراً أن"التخلي عنه أكثر من ذلك هو تخل عن مجتمعي الأسود". وارتأى أوباما في خطابه النظر أبعد من تصريحات رايت، وإعادة تسليط الضوء على حملته التي تجمع كافة الأميركيين من أي لون أو فئة تحت مظلة واحدة، وتحضهم على تخطي خلافات الماضي وذهنية"الجيل السابق"التي يمثلها رايت. الا أن تفادي تنصل المرشح بالكامل من القس الذي سماه في أحد المناظرات"عماً كبيرا"له، تركت الجدال مفتوحاً حول هذه المسألة في الحملة. ويمثل رايت الخط اليساري في الأقلية الأفريقية -الأميركية ذي التحفظات على التاريخ الأميركي داخلياً وخارجياً والناتج عن قرون من استعباد السود في الولاياتالمتحدة بين 1600 و1900. وزار رايت في الثمانينات الزعيم الليبي معمر القذافي برفقة لويس فرخان زعيم حركة"أمة الإسلام"الأميركية. وتقتصر الكنيسة التي ينتمي اليها أوباما في شيكاغو، على السود، وكانت النجمة الإعلامية أوبرا وينفري عضواً فيها قبل انقطاعها المفاجئ في منتصف التسعينات. وتخوف مراقبون من تأخر أوباما في التعامل مع الفضيحة ورفضه إدانة رايت بالمطلق، ما قد يؤثر في المدى الأبعد على حملته الرئاسية. وتقدمت كلينتون على اوباما بفارق 12 نقطة في بنسلفانيا واقتربت منه في ولاية كارولينا الشمالية. كما أعطت الإحصاءات الأخيرة قفزة لكلينتون على ماكين بنسبة 6 في المئة في مقابل 2 في المئة لأوباما. ولا تساعد أنباء الركود الاقتصادي وذكرى الحرب في العراق المرشح الجمهوري. بدورها، ستحاول كلينتون استخدام قضية رايت كنقطة ضعف لحملة أوباما أمام المؤسسة الحزبية للديموقراطيين، وبهدف إقناع المندوبين ال800 في قيادة الحزب بالتصويت لها بدلا من أوباما في المؤتمر الحزبي في آب أغسطس المقبل. وفاقمت معضلة الديموقراطيين، رفض ولاية فلوريدا أمس، إعادة العملية الانتخابية فيها. وفازت كلينتون في الولاية الحاسمة في كانون الثاني يناير الماضي، الا أن مخالفة الولاية لقوانين الحزب، تمنع اليوم من احتساب مندوبيها. وتعول كلينتون على تكثيف الضغوط لضمان هذه الأصوات في المؤتمر، فيما تسعى حملة أوباما الى توزيع"عادل"للمندوبين وبنسب أقل من ولايات أخرى.