تبرأ السيناتور الجمهوري عن ولاية اريزونا جون ماكين من القس جون هاغي الذي دعم في وقت سابق وصوله الى البيت الأبيض، بعدما علم بمحتوى العظة التي ألقاها هاغي في كنيسته في مدينة سانت انطونيو بولاية تكساس وقال فيها "إن الله سمح بصعود نجم الزعيم النازي أدولف هتلر لكي تعود (إسرائيل) إلى الشعب اليهودي". وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" ان قرار ماكين التخلي عن هاغي جاء بعد أشهر طويلة من الانتقاد المتزايد وخاصة من قبل الكاثوليك، للسيناتور الجمهوري حول قبوله دعم هاغي في شباط (فبراير) الماضي. ويصف هاغي الكنيسة الكاثوليكية بأنها "نظام ديني خاطئ" و"نظام عبادة خاطئ" مشيراً إلى أن الكاثوليك لعبوا دوراً في "المحرقة اليهودية" وهاغي ( 68عاماً) أحد أكثر الوجوه التلفزيونية المسيحية الشهيرة، ويعرف بدعمه الشديد للكيان الإسرائيلي على رغم أن علاقاته مع التنظيمات اليهودية متضاربة، ويرأس هاغي مجموعة تعرف باسم "المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل" لكنه لا يحظى بقبول جميع المجموعات اليهودية، لأنه لا يؤيد حل الدولتين لتسوية القضية الفلسطينية. كما تعبر بعض الجمعيات اليهودية عن حذرها من دعم هاغي لإسرائيل لأنه "ألمح" الى أن "ثورتهم" ضد "يهوى" كانت سبباً للكثير من معاناتهم بما في ذلك "المحرقة". غير أن الأسبوع الماضي شهد جدلاً جديداً عندما بدأ تسويف فيلم فيديو عن احدى عظات هاغي في تسعيينات القرن الماضي، وصف فيها الزعيم النازي الراحل أدولف هتلر ب "الصياد" في إشارة إلى عبارة وردت في "سفر التكوين" نقلاً عن الله بأنه "سيعيد اليهود إلى الأرض التي أعطيتها لآبائهم". ويقول هاغي في العظة "أرسل الله صياداً. والصياد هو شخص يحمل سلاحاً ويجبرك على القيام بما يريد. هتلر كان صياداً. ويقول الإنجيل - كتابات أشعيا - سوف يلاحقونهم من كل جبل ومن كل تل ليخرجوهم من جحورهم الصخرية. ما يعني أنه لا مكان يختبئون فيه. سيكون هذا الكلام مهيناً للبعض لكن لا تشعروا بالإهانة فلست أنا من كتبه. أشعيا فعل. كانت هذه الحقيقة وهي الحقيقة اليوم. كيف حدث ذلك؟ لأن الله سمح بحدوثه. لماذا؟ لأن الله قال إن أولويتي هي إعادة الشعب اليهودي إلى حيث كانوا في أرض إسرائيل". ولدى سؤال الصحيفة للسيناتور الجمهوري عما إذا كان يدعم هذا الكلام، جاء الرد باسم ماكين في رسالة بالبريد الإلكتروني بعثها الناطق باسم حملته الانتخابية تاكر باوندز دان فيها هاغي. وقال ماكين "من الواضح أني أجد هذه الملاحظات وملاحظات أخرى مهينة وعدائية جداً ولا يمكن الدفاع عنها، وأنا أتبرأ منها. لم أكن على علم بها قبل إعلان القس هاغي دعمي، وأشعر أن عليّ أن أرفض دعمه". وقال ماكين لاحقاً للصحافيين في مدينة ستوكتون بولاية كاليفورنيا "أعتقد أن هذا البيان مجنون وغير مقبول" مضيفاً أنه في حين أن القس هاغي "حر بآرائه" إلا أنه لا يريد أن يكون مرتبطاً به. ولم تغب عن بال ماكين الأزمة التي عانى منها منافسه المحتمل في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل السيناتور الديموقراطي عن ولاية إيلينوي باراك أوباما بسبب علاقته بالقس جيريمايا رايت راعي أبرشيته في مدينة شيكاغو بولاية ايلينوي، فحاول التمييز بين علاقته بهاغي وعلاقة أوباما برايت. وقال ماكين "سبق أن قلت إني لا أعتقد أن السيناتور أوباما يؤيد وجهات نظر القس رايت المتطرفة. لكن دعوني أكون واضحاً. القس هاغي لم يكن وليس راعي أبرشيتي أو مرشدي الروحي، و لم أرتد كنيسته لأكثر من 20عاماً. لقد أدنت البيانات التي أصدرها بمجرد أن علمت بها وسأفعل ذلك اليوم". وكان ماكين قال في حملة انتخابية في شباط/ فبراير الماضي انه سعيد بدعم هاغي لكن "الرابطة الكاثوليكية للحقوق المدنية والدينية" أنبت السيناتور الجمهوري في اليوم التالي وطلبت منه رفض دعم هاغي له. غير أن ماكين رفض على رغم التعليقات التي ادلى بها هاغي عن الكاثوليك وعن تلميحه بأن الإعصار كاترينا كان عقاباً إلهياً بسبب مسيرة الشاذين جنسياً التي كان يجري التخطيط لإقامتها في مدينة نيو أورليانز. وأصدر هاغي الخميس الماضي بياناً قال فيه إنه يسحب دعمه لماكين ليمنع أي إذن اضافي لمرشح الحزب الجمهوري الى الانتخابات الرئاسية، وقال هاغي في بيانه "سئمت هذه الهجمات التي لا أساس لها من الصحة وأخشى أنها تحولت إلى ملهاة عما يجب أن يكون نقاشاً وطنياً حول مسائل مهمة جداً". كما كان ماكين حصل في شباط/ فبراير الماضي أيضاً على دعم من قس آخر مثير للجدل هو رود بارسلي من ولاية أوهايو الذي وصف الدين الإسلامي بأنه "مناهض للمسيح" وأن "صراعنا التاريخي هو مع الإسلام" وأن "أميركا انشئت بهدف مشاهدة تدمير هذه الديانة المزيفة" - على حد تعبيره الآثم - وقال ماكين الخميس الماضي "لم أرتد يوماً كنيسة القس هاغي أو كنيسة الأب بارسلي، وإذا تلقيت دعمها فهذا لا يعني أني أدعم وجهات نظرهما". وعلى عكس ما حصل في قضية القس رايت، فإن شبكات التلفزة الكبرى لم تبث أقوال هاغي على نطاق واسع. ولم تتوقف هذه الشبكات خلال الفترة السابقة عن بث عظات رايت التي يقول فيها إن "الإرهاب" الأميركي مسؤول عن هجمات الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر 2001وان على الأميركيين السود ان يرددوا "اللعنة على أميركا" بدلا من "ليبارك الله أميركا" بسبب المعاملة التي لقيها السود في الولاياتالمتحدة. وتسببت تلك القضية بإحراج لأوباما. وأصدر ماكين بيانا حمل فيه على أوباما وذكر بقضية رايت وقال "القس هاغي ليس ولم يكن مرشدي الروحي ولم أذهب الى كنيسته منذ عشرين عاما". وقام رايت بعقد زواج أوباما وعمد ابنتيه. وتقدم القس هاغي اخيرا باعتذار من الكاثوليك بسبب تهجمه على الكنيسة الكاثوليكية بكلمات مهينة. ويبدو ان مشاكل ماكين مع رجال الدين لن تقتصر على قضية هاغي. فقد ذكرت شبكة "ايه بي سي" التلفزيونية الاميركية ان القس رود بارسلي الذي أعلن في شباط (فبراير) دعمه لماكين وصف الدين الإسلامي بأنه "عدو المسيح" والرسول الكريم سيدنا محمد بأنه "متحدث باسم مؤامرة شيطانية" - على حد تعبيره الآثم -. وقالت "ايه بي سي" إن ماكين قدم القس بارسلي خلال اجتماع في بداية السنة في أوهايو، على انه "احد كبار قادة أميركا وبوصلة اخلاقية ومرشد روحي". وقال ماكين في بيان نشر مساء الخميس "اعتقد ان هذا النوع من الخطابات لا مكان له في اميركا، واعتقد انه حتى لو قدم لي (هذا القس) تأييده، فانا لا أبادله التأييد. في الواقع، انا أرفض هذا الخطاب وأرفض تأييد القس".