يتجاهل السياسيون الايطاليون، على مشارف الانتخابات، أبرز مشكلة يعاني منها المجتمع الايطالي، أي الجريمة المنظمة أو الاقتصاد الاسود. وبحسب جمعية ادارة الاعمال الايطالية،"كونفيسرسانتي"، تبلغ قيمة عائدات الجريمة المنظمة 125 بليون دولار سنوياً، أي ما يوازي 7 في المئة من الناتج المحلي، وضعف قيمة عائدات القطاع الزراعي. وتبسط المافيا الصقلية،"نمدراغيتا"في كالابريا وپ"كامورا"في كامبانيا، سلطتها على ثلث الاراضي الايطالية، وهي تسيطر على قطاعات اقتصادية واسعة مثل البناء والاستشفاء والنقل والزراعة والموضة. ويهيمن نفوذ المافيا على عالم السياسة. ومن يتجرأ من السياسيين على تقويض هذا النفوذ ومواجهته يفقد أصوات الناخبين، ويعجز عن حمل شركات على تنفيذ المشاريع العامة. والحق أن السياسة فقدت مكانتها العالية في المجتمع الإيطالي. فالإيطاليون يرون أن السياسة هي تصريف الشؤون الشخصية في المجال العام. ولم تعد السياسة مجال رسم غايات عامة، وتداول عام، ولا السبيل الى حل المشكلات وتطوير البلد. فالنظام السياسي الإيطالي ليس في منأى عن تدخلات المافيا، أو غيرها من المنظمات السرية. وهل في وسعنا الكلام على ديموقراطية ايطالية في بلد تحل فيه المجالس البلدية المنتخبة بسبب هيمنة المافيا على هذه المجالس؟ وفي بلد فاق فيه عدد ضحايا المافيا 3 آلاف ضحية، منذ 1992؟ ولا شك في أن انهيار حكومة رومانو برودي، اليسارية الوسطية، في كانون الثاني يناير مرتبط بمواجهة المافيا في كالابريا وكامبانيا وصقلية. فالحكومة أغلقت فروع شركة"كامبانيا"لجمع النفايات. ولم تطرد محافظ نابولي الذي عجز عن معالجة أزمة تكدس أطنان النفايات في شوارع نابولي. ولم يحسن برودي تقويم وضع أزمة نفايات نابولي، ولم يدرك العبرة منها. فالمافيا تكبل يد الحكومة، وتقوض سلطتها. عن روبرتو سافيانو صاحب كتاب"كومورا"،"تايم"الأميركية، 24/3/2008