يفوق عدد المطاعم الصينية عدد مطاعم "ماك دونالدز" وپ"برغر كينغز" وپ"كاي أف سي" مجتمعة في الولاياتالمتحدة. وفي الأعوام الثلاثة الماضية، بلغ عدد هذه المطاعم 43 ألف مطعم، بعدما كان 40 ألفاً، في 2005. ولا شك في أن كل أميركي يعرف محلاً يقدم أطعمة صينية، شأن الرئيس جورج بوش، ويقصده على الدوام. فالأميركيون يستسيغون الأطعمة الصينية. فهي تحتل مكانة خاصة في قلوبهم، وبطونهم، جنباً الى جنب مع شطيرة زبدة الفستق والمربى وساندويش"البرغر"والبطاطا المقلية. وفي العراق، تردد الجنود الأميركيون الذين يفتقدون مسقط رأسهم على مطعمين يقدمان الأطعمة الصينية في المنطقة الخضراء الى حين إقفالهما. ومساء كل اثنين، يقدم مطعم مركز الأبحاث العلمية الأميركي، في القطب الجنوبي، الطعام الصيني. وغالباً ما يحدد العاملون والعاملات في المطاعم الصينية موعد زفافهم في عيد الشكر. ففي هذه المناسبة، تخفض نسبة إقبال الأميركيين على الطعام الصيني، ويتسنى، تالياً، للعاملين في هذه المطاعم أخذ إجازة. وعلى رغم تسميتنا إياها بالصينية وإقبالنا عليها إقبالاً نهماً، تكاد تكون صلة هذه الأطعمة بالطعام الصيني"الحقيقي"ضعيفة. فالصينيون لم يسمعوا يوماً بطبق"شوب سوي"، المؤلف من لحم وحبوب فاصولياء وخضار. وهو كثير ما تقدمه المطاعم الصينية الأميركية. فهذا الطبق الذائع الصيت في بلدنا هو اختراع أميركي. واليابانيون هم أصحاب فكرة"حلوى الطالع"، وهي قطع حلوى تحتوي على ورقة تعلم المرء بطالعه، التي تقدم في المطاعم الصينية. ولا يستخدم مطعم"كاري آوت"، وهو أشهر سلسلة مطاعم صينية بالولاياتالمتحدة وأوسعها انتشاراً، حبوب الصويا في صناعة صلصة الصويا في مطاعمه. ولكن لماذا نقبل على تناول طعام نزعم أنه صيني وهو غير صيني، ولماذا نغمس رقاقة الخضار بصلصة صويا لا تحتوي صويا؟ وتذهب لي، مراسلة في صحيفة"نيويورك تايمز"، الى أن وراء استساغة الأميركيين الطعام الصيني وميلهم الى تناوله ازدواج طبيعة هذا الطعام. وجمعه صفات متناقضة. وهو طعام محلي وعالمي، وأجنبي ومألوف، في آن. والطعام الصيني هو جسر عبور الأميركيين من عالمهم الى عالم غريب من دون المغامرة في تجربة ما لا يتناسب مع عادات طعامهم الثقافية. وفي خمسينات القرن الماضي، بدا أن تناول الطعام الصيني هو ذريعة للتخفف من القلق الذي يبعثه الخطر الصيني. والحق ان احتكار الطعام الصيني مائدة الأميركيين هي مرآة حالهم ولسانها. فهم يقبلون على طعام"إتني"لا يتحدر في الواقع من إتنية"قح". فقصة الطعام الصيني في أميركا تشبه الى حد بعيد قصة أميركا نفسها. وجذور هذا الطعام متنوعة شأن تنوع جذور موجات المهاجرين الأوائل الذين تدفقوا الى القارة الجديدة وحملوا معهم عادات وثقافات مختلفة ومتناقضة. ومنذ 1840 الى يومنا لم تتدن وتيرة تدفق المهاجرين الصينيين الى أميركا. ولكن الصينيين واجهوا صعوبات في العثور على عمل في المناجم وسكك الحديد. فالأميركيون لم يرحبوا بهؤلاء العمال الذين يتهددون العمال البيض بخسارة وظائفهم. واضطر الصينيون الى العمل في قطاع التنظيفات والطبخ، وهذه مهمات كانت تناط بالنساء. فبلغ عدد المطاعم الصينية في نيويورك الستة في 1885، وفي 1905، فاق عدد هذه المطاعم المئة في المدينة. ودرج المهاجرون الصينيون غير الشرعيين الذين لا يجيدون الإنكليزية على الإقامة في"تشاينا تاون"المدينة الصينية بنيويورك. وتكثر في تشاينا تاون وكالات التوظيف التي تجد لهؤلاء المهاجرين وظائف في المطاعم الصينية. والى يومنا، يعمل 90 في المئة من المهاجرين الصينيين في المطاعم الصينية. ولا شك في ان النادلين الصينيين الوافدين حديثاً من بلدهم يتفاجأون بالأطعمة"الصينية"التي يقدمونها الى الزبائن، ويزعمون لها هذه الصفة. وعلى خلاف الطعام الصيني الأميركي، تغلب على الطعام الصيني التقليدي الخضار، وتكاد تخلو من الزيوت واللحوم والصلصة الملونة الحمراء. عن جيني يابروف ، "نيوزويك" الأميركية، 10/3/2007