البيتزا قرص عجين تزيّنه خضار كثيرة والجبنة وأنواع اللحوم وثمار البحر. وهي أكلة غنية وشهية، يجمع على تناولها الشره وصاحب الحمية، والمتديّن يأكل، حين يأكلها، طعاماً حلالا. ويقدّر استهلاكها في السنة بثلاثين بليون صحن أي ان الواحد من سكان الأرض يأكل خمس مرات بيتزا في السنة وكلمة بيتزا عرضت أول مرة في 997، باللغة اللاتينية. وهي تعني فطيرة. وفي القرن السادس عشر، دلت على معناها المعاصر، وذلك بنابولي الإيطالية، يوم صارت مرادفة لعمل الخبّاز. فاستعمل عجينها كان لاختبار درجة حرارة الفرن قبل استقبال الخُبز، أو للإفادة من الجمر المتبقي بعد الخَبز. وهي صحن إضافي أعد بنكهات مختلقة. وذكر الكاتب الفرنسي، ألكسندر دوما، في إحدى قصص رحلاته الايطالية أن البيتزا، بالزيت أو بالشحم أو الجبن أو الطماطم أو السردين، كانت ميزاناً لأذواق العامة في المأكل والمال. وهي ميزان اقتصادي. يرتفع مع غنى عناصرها ويتواضع مع فقرها. وهي أولاً، وجبة الطبقات الشعبية، وتباع على عربات الباعة الجوالين، في أطباق معدنية. وكانت تُصنع"بيضاء"بيانكا مغمّسة بالكريما. وفي القرن الثامن عشر، صارت"تحمّر"روسا، وتنكّه بصلصة الطماطم. وكانت لقمة تسد الجوع، مهما بخست عناصرها، وعلى هذا، اهملها أدب المائدة الايطالي. وتتكيف البيتزا مع الاحوال. وعندما زار ملك سافوا، أومبيرتو الأول، مدينة نابولي الريفية، طالبت زوجته، الملكة مارغريتا، وكانت بصحبته، أن تأكل الوجبة المفضّلة لدى عامة نابولي. فأعدّ لها"البيتزايولو"، معد البيتزا رافايل أسبوسيتو، طبقاً خاصاً، زيّنه بألوان العلم الإيطالي، الأحمر بالطماطم، والأخضر بالحبق، والأبيض بجبن الموتزاريلا. فحمل الطبق اسمها، مكرّساً انضمام نابولي، الفرنسية الأهواء، إلى إيطاليا الموحّدة منذ وقت غير بعيد. وفي نهاية القرن التاسع عشر، عززت البيتزا الهوية أو السمة الإيطالية، في جماعات المهاجرين الإيطاليين إلى الولاياتالمتحدةوفرنسا. وفي الحي الإيطالي أو إيطاليا الصغيرة بنيويورك، افتتحت محال البيتزا، عند منعطف القرن العشرين، ودرجت البيتزا"روسا"المحمّرة. وفي فرنسا، شيّد أول فرن للبيتزا في 1903، في حي المرفأ القديم، بمرسيليا. وكانت تُصنع فيه البيتزا"بيانكا"البيضاء، مع جبن روما، ودهن الخنزير والحبق. وفي عهد الجمهورية الثالثة بفرنسا، صنّفت مطابخ الأرياف والأقاليم وطعامها فنّاً تاسعاً. وأدرجت البيتزا على لوائحه، مع الأطعمة الأخرى. ولم تظهر البيتزا بالطماطم بمرسيليا قبل ثلاثينات القرن العشرين، عندما ركب المهاجرون من الأرياف الفرنسية، ومن نابولي وصقلية، طبقاً من البيتزا بيانكا من نابولي، وصلصة الطماطم المهروسة من الريف، وسمك الأنشوا من صقلية. وصار الطبق فردياً، يقدّم على مائدة مع مقبلات. ولم يلبث الطبق ان"تفرنس"وابتعد شيئاً فشيئاً عن تقاليد جماعات المهاجرين الايطاليين وتقاليدهم. وعلى رغم الفقر والعوز، إبان الحرب العالمية الثانية، بقيت مطاعم البيتزا القليلة مشرعة الأبواب، تستقبل الشلل وتبعث روادها على العشرة. وعندما دخل الجنود الأميركيون ايطاليا محررين، اكتشفوها من جديد، وأعلوا مكانتها المعنوية في ضوء التاريخ المجيد للولايات المتحدة، وإسهام المتحدرين من أصل ايطالي فيه. وتوج انتشار البيتزا في خمسينات القرن العشرين، ارتقاء المهاجرين الإيطاليين الاجتماعي. فافتتاح مطعم بيتزا بفرنسا، كان بشيراً بارتقاء اجتماعي سريع. وفي الولاياتالمتحدة، نشأت سلسلة مطاعم"بيتزا هت"وپ"دومينوز بيتزا"واتصلت بمرحلة"الدليفري"التسليم في البيوت وأماكن العمل. وفي غضون بضع سنوات، انتشرت البيتزا في العالم، وتكيّفت مع خصوصيات البلدان، وحلت على المخازن الكبرى، وتربعت بالشانزيليزيه بباريس، في 1968. وتعولم طبق البيتزا على أيدي الذين يتهمون بتمهيد الثقافات على معيار واحد. ولعل تاريخ البيتزا مرأة تظهر سبل تكيّف الهويات المحلية، وخصخصة الأطباق الغريبة. وعلى رغم أن البيتزا طعام إيطالي المنشأ، فعدد مطاعم البيتزا في مرسيليا يفوق عددها في مدينة إيطالية. وهذا أمر يدعو الى التأمل. عن أوليفييه موران،"ليستوار"الفرنسية، 1/2008