ظلت العقبات التي واجهت الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في زياراته السابقة لبيروت سعياً لتنفيذ المبادرة العربية لإنهاء الأزمة في لبنان، حاضرة في زيارته العاصمة اللبنانية امس، ولم ينجح في لقاءاته الثنائية في تسجيل أي اختراق يدعو الى التفاؤل بإمكان عقد الجلسة النيابية المقررة غداً لانتخاب رئيس جمهورية جديد، على رغم انه أبلغ المعنيين بالأمر في الأكثرية والمعارضة أن المبادرة العربية هي الآن أمام فرصة أخيرة. راجع ص 8 وكان موسى وصل بعد ظهر امس الى بيروت على رأس وفد ضم مدير مكتبه السفير هشام يوسف والمستشار طلال الأمين وتوجه من مطار رفيق الحريري الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حضور معاونه السياسي النائب علي حسن خليل. وأعقبت اللقاء الموسع خلوة بين بري وموسى الذي انتقل بعدها الى قريطم للقاء رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري، العائد فجراً من الرياض في حضور رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري ونادر الحريري وغطاس خوري وهاني حمود. وبعد اللقاء الموسع اختلى موسى بالحريري والجميل، لينتقل بعد ذلك مباشرة الى السراي الكبيرة حيث اجتمع مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في حضور مستشاره محمد شطح. وصودف في هذه الأثناء وصول رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الى مقر الرئاسة الثالثة لكنه لم يشارك في الاجتماع، واكتفى بمصافحة موسى اثناء مغادرته، وتبين انه حضر للقاء السنيورة بناء على موعد مسبق. ومن السراي الكبيرة اجرى موسى اتصالاً برئيس تكتل"التغيير والإصلاح"العماد ميشال عون واتفق معه على لقاء ثنائي عُقد في مبنى المجلس النيابي في ساحة النجمة وسبق الاجتماع الرباعي الموسع الذي ضمهما ليلاً الى جانب الحريري والجميل، وهو الثالث منذ بدأ موسى تحركه في اتجاه الأطراف اللبنانيين فور توافق مجلس وزراء الخارجية العرب على الخطة العربية لإنهاء الأزمة في لبنان على قاعدة انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وبالنسبة الى الأجواء التي سادت اللقاءات التمهيدية التي عقدها موسى مع قيادات في الأكثرية والمعارضة استباقاً لرعايته الاجتماع الموسع، قالت مصادر مواكبة لمهمته ل"الحياة"ان الأخير أجرى تقويماً شاملاً مع بري في ضوء الحصيلة التي توصل إليها السفير يوسف في اجتماعه في النصف الثاني من الأسبوع الفائت مع ممثلي المعارضة النائب خليل والنائب اسامة سعد والمعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله"حسين خليل ومسؤول العلاقات السياسية في"التيار الوطني الحر"جبران باسيل. وعلى ذمة المصادر نفسها، فإن موسى سأل بري عن أسباب لجوء ممثلي المعارضة الى وضع شروط جديدة لا سيما ان بعضها لا يمت بصلة الى روحية المبادرة العربية وبنودها. وإذ اعتبر موسى ان بعض هذه الشروط يشكل التفافاً على المبادرة العربية وتطويقاً للجهود التي تقوم بها الجامعة مع الأطراف المحليين للتوصل الى تسوية لإنهاء الأزمة، أكد بري في المقابل، وكما تقول المصادر، أنه لا يرى حلاً للمشكلة إلا باعتماد المثالثة في توزيع الوزراء على الأكثرية والمعارضة ورئيس الجمهورية. ونقلت المصادر عن بري استعداده للمضي في تطبيق مبدأ المثالثة في توزيع الوزراء في الحكومة الجديدة مع التخلي عن بعض المطالب التي كانت طرحتها المعارضة في اجتماعها الأخير مع يوسف، حتى لو أصر عون، لكنه أبدى تمسكه بوضع قانون جديد للانتخاب على اساس القانون الذي كان قائماً عام 1960. كما ان بري الذي أبدى استعداده للتخلي عن مطالبة المعارضة بربط انتخاب الرئيس بالموافقة المسبقة على توزيع الحقائب الوزارية على خلفية الإقرار بتحقيق المناصفة في الحقائب السيادية اشترط توفير ضمانات تتيح لمجلس الوزراء التوافق على كل القرارات السيادية أو ذات الطابع المصيري. ومع ان بري لم يدخل في تفاصيل الآلية الواجب اتباعها لتأمين التوافق على القرارات المصيرية فإن المصادر المواكبة أوضحت ل"الحياة"انه سعى جاهداً الى تلطيف موقفه خلافاً لما كان تبلغه يوسف من ممثلي المعارضة، لكنه لم يذهب الى حد تعديله بما يسمح بتحقيق اختراق يعيد للمبادرة العربية اعتبارها ويجدد الآمال المعقودة عليها إطاراً سياسياً لحل الأزمة. وكان موسى الذي لم يأت بأفكار جديدة أو أطروحات تتعارض ونصوص المبادرة العربية، صريحاً في لقاءاته وأبلغ محاوريه انه اتى الى بيروت هذه المرة، عله ينجح في الساعة الأخيرة من عمر المبادرة في إقناع الأطراف بوجوب تبنيها وإلا سيكون مضطراً للعودة الى مجلس وزراء الخارجية العرب لإطلاعه على آخر ما توصل إليه في لقاءاته في بيروت باعتباره مكلفاً منه بالعمل من اجل تطبيق الخطة العربية لحل المشكلة في لبنان. أما في شأن موقف الأكثرية، فأكدت مصادر قيادية فيها ان بري أبدى مرونة في اجتماعه مع موسى لكنه بقي في السياق العام لموقف المعارضة خصوصاً ان موافقته على صيغة 13-10-7 بتوزيع الوزراء على الأطراف الثلاثة جاءت مشروطة بأن يكون للمعارضة رأي حاسم في تسمية وزير من الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية ما يعني انه ربط تخليه عن المثالثة بالحصول بطريقة غير مباشرة على الثلث الضامن في الحكومة. ولفتت المصادر نفسها الى ان الأكثرية متمسكة بإنجاح المبادرة العربية وأنها على موقفها الداعم للصيغة التي كان اقترحها موسى في شأن توزيع الوزراء والرامية الى تمثيل الأكثرية ب13 وزيراً في مقابل 10 وزراء للمعارضة و7 لرئيس الجمهورية. وكان جنبلاط أعلن بعد لقائه السنيورة ان موسى"هو المفوض من الجامعة العربية وبنود التفويض واضحة"، مشدداً على"تسهيل مهمة الجامعة من دون أي تأويل". وقال جنبلاط:"اثبت الصمود الشعبي الذي كان رائعاً في 14 شباط، ان الشعب اللبناني مستعد في أي لحظة للتحدي وتأكيد التمسك بالحرية والديموقراطية والسيادة والاستقلال". وأضاف:"الصمود الوزاري كان وسيبقى، وإذا تم انتخاب رئيس فلا بد من انتخاب رئيس ? هذا رأيي طبعاً ? يتمتع بحرية الحركة، وليس ان ننتهي برئيس من دون حكومة، برئيس مع حكومة مستقيلة، ورئيس مكبل، لا نريد رئيساً مع حكومة قوية من دون شروط مسبقة، ثلث معطل أو غيره، وننطلق". الى ذلك، انضمت أمس البحرين الى المملكة العربية السعودية والكويت بنصحها جميع مواطنيها بعدم السفر الى عدد من المناطق المضطربة في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك لبنان والعراق وشمال باكستان، وذلك من منطلق الحرص على سلامة المواطنين البحرينيين وأمنهم. جاء الموقف البحريني في بيان لوزارة الخارجية في المنامة أشارت فيه الى ان الظروف الأمنية في هذه البلدان تتطلب الحذر وعدم السفر إليها لتجنيب المواطنين البحرينيين أية مخاطر قد يتعرضون لها جراء أعمال إرهابية أو حسابات غير محسوبة عواقبها، لافتة الى انه لا يوجد لها ديبلوماسيون حالياً في المناطق المذكورة ما سيعرقل اية مساعدة للمواطنين قد يحتاجونها.