تواصل القوات التركية هجومها على متمردي "حزب العمال الكردستاني" المتمركزين في شمال العراق، وهي عملية أوقعت حتى الآن حوالي 50 قتيلاً، وفقاً للجيش التركي. وقُتل في العملية 24 تأكد سقوطهم في معسكر متمردي"حزب العمال الكردستاني"وربما حوالي 20 آخرين أثناء عمليات القصف التي سبقت التسلل، كما أكدت هيئة الأركان التركية. وكانت رئاسة أركان الجيش التركي أعلنت في بيان أول من أمس مقتل خمسة جنود وأكثر من 40 متمرداً كردياً في الهجوم العسكري الذي شنه الجيش التركي ليل الخميس الماضي على مقاتلي"حزب العمال الكردستاني"في شمال العراق. وأوضح الجيش في بيان بثه على موقعه على شبكة الانترنت أن"24 ارهابياً أصبحوا خارج المعركة كما جرح عدد كبير من الارهابيين في المعارك التي جرت 22 شباط فبراير"، لافتاً إلى أن"عدد الارهابيين الذين جعلتهم المروحيات خارج المعركة في منطقة التماس يقدر بما لا يقل عن 20 ارهابياً اضافياً". وأضاف أن"خمسة من طواقمنا استشهدوا خلال هذه المعارك"، مشيراً إلى أن"الاشتباكات ما زالت مستمرة بتقطع في بعض المناطق". وأوضح أن عدد المتمردين الذين قُتلوا في المعركة وفي مخابئهم سيعلن عنه بعد وصول القوات البرية اليها. وجاء في البيان أيضاً:"حسب المعلومات الأولية، فإن الارهابيين تكبدوا خسائر فادحة بفعل القصف المدفعي البعيد المدى والضربات الجوية". إلا أن ناطقاً باسم"حزب العمال الكردستاني"أكد أن متمردين أكراداً قتلوا 22 جندياً تركياً في اشتباكات في شمال العراق. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب أحمد دانيس:"بعد اشتباكات الامس بين حزب العمال الكردستاني والقوات التركية، قُتل 22 جندياً تركياً. أُصيب خمسة جنود على الأكثر من حزب العمال الكردستاني". في المقابل، تحدث مسؤولون في الجيش التركي عن جو الذعر الذي خيم على المتمردين، ولا سيما تأثير المفاجأة عليهم. يذكر أن عمليات تسلل الجيش التركي الى شمال العراق وهي المنطقة التي يستخدمها المتمردون الاكراد قاعدة خلفية لعملياتهم في تركيا، تكررت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، لكنها كانت تحصل عموماً في فصل الربيع مع ذوبان الثلوج على المرتفعات. وعلق الجيش التركي على العملية بالقول:"إن الارهابيين تكبدوا بحسب المعلومات الأولية خسائر فادحة تحت وابل الاسلحة البعيدة المدى والضربات الجوية". وأضاف أن"استخباراتنا تفيد أن قادة حزب العمال الكردستاني يحاولون الفرار من المنطقة والتراجع إلى الجنوب في حالة من الذعر". وتواصلت معارك كثيفة وقصف مدفعي حتى وقت متأخر من ليل أول من أمس، كما ذكر مراسل لوكالة"فرانس برس"موجود في المنطقة. وأكد سكان في قطاعات هاكورك وسيدكان، وهي مناطق عراقية تقع قرب الحدود التركية ومدينة جوكورجا التركية، أنهم سمعوا تبادلاً كثيفاً لاطلاق نيران أسلحة رشاشة اضافة الى هدير طائرات قتالية ومروحيات. وسمع دوي قصف مدفعي كثيف حتى منتصف ليل أول من أمس في قطاع بامرنه على بعد حوالي 40 كيلومتراً الى الجنوب الغربي حيث يبقي الجيش التركي على قواعد صغيرة منذ التسعينات، كما أشار بعض سكان المنطقة. وأعلن مصدر عسكري كردي عراقي أن مدفعية القوات التركية استهدفت أربع مناطق تابعة لناحية العمادية، أقصى شمال العراق، التي تضم معاقل ل"حزب العمال الكردستاني". وقال المصدر في قوات الحدود الكردية العراقية إن"القوات التركية قصفت مناطق بالو وزيو ونيرو وريكان التابعة لمنطقة العمادية"في محافظة دهوك. وأوضح أن"القصف بدأ قرابة التاسعة صباحاً واستمر ساعتين رافقه تحليق مروحيات تركية في المناطق"ذاتها. ولم يشر المصدر إلى سقوط ضحايا. وكانت العملية البرية بدأت ليل الخميس بعد ثماني ساعات من القصف المدفعي والغارات الجوية. وتعتبر أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي"حزب العمال الكردستاني"منظمة"ارهابية". وأسفر النزاع الكردي في تركيا عن مقتل أكثر من 37 ألف شخص منذ عام 1984. ورحبت الصحافة التركية يوم أمس بالعملية. وعنونت صحيفة"وطن"السبت"ثأر الشهداء". وكتبت صحيفة"اقسام""لقد انقض عشرة آلاف جندي تحدوا الثلج والشتاء على حزب العمال الكردستاني كمطرقة". ولفت عدد كبير من كتاب الافتتاحيات في المقابل الى مخاطر الانزلاق وفقدان تفهم المجتمع الدولي للعملية الجارية إذا لم تعد القوات التركية سريعاً إلى أرض الوطن. ودعت الصحافة الليبرالية من جهتها الى اتمام الوجه العسكري من الكفاح ضد"حزب العمال الكردستاني"باصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية لمصلحة الاكراد. واستدعى المسؤولون العراقيون القائم بالاعمال التركي في بغداد للاحتجاج على العملية، فيما كانت أنقرة تعطي ضمانات عن طبيعتها ومداها. وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان:"أن هدف وحجم وأبعاد هذه العملية محدودة". وأضاف:"أن قواتنا المسلحة ستعود الى الاراضي التركية في أسرع وقت فور تحقيق أهدافها". وكان البرلمان التركي سمح في تشرين الاول اكتوبر الماضي للحكومة بإرسال قوات الى شمال العراق لمقاتلة عناصر"حزب العمال الكردستاني". وشن الجيش حتى الآن بمساعدة اجهزة الاستخبارات الاميركية، عدداً من الغارات الجوية وعملية برية محدودة في المنطقة منذ 16 كانون الاول ديسمبر الماضي. وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري رأى أول من أمس أن"المئات، وليس الآلاف"من الجنود الاتراك شاركوا في العملية الجارية، على حد رأيه، في منطقة"نائية ومعزولة". وقال:"لا نعتقد بأن ما يجري عملية واسعة".