شهدت الحدود العراقية - التركية توتراً شديداً أمس بعد مقتل 12 جندياً تركياً وجرح وخطف عدد آخر في مكمن نصبه مقاتلو"حزب العمال الكردستاني"، ترافق مع تشدد كردي - عراقي برز في مؤتمر صحافي عقده رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني رفضا فيه تسليم قادة الحزب المتمرد وتعهدا فيه الدفاع عن الاقليم في حال تعرضه الى هجوم. وكانت رئاسة الأركان التركية أعلنت مقتل 12 جندياً و23 متمرداً كردياً في مكمن نصبه متمردون أكراد استهدف دورية عسكرية قرب الحدود العراقية، وخلال معارك أعقبته. وأوضحت رئاسة الأركان في بيان نُشر على موقعها الالكتروني أن هذه المعارك اندلعت إثر تسلل مجموعة كبيرة من متمردي"حزب العمال الكردستاني"من شمال العراق وشنها هجوماً على الجنود بعيد منتصف ليل السبت - الاحد الماضي. وأضافت أن 16 جندياً آخرين أُصيبوا في الاشتباكات. وتابعت رئاسة الاركان أن المعارك مستمرة في المنطقة، وأن مروحيات تشارك فيها عبر تأمين غطاء جوي للوحدات المقاتلة، مشيرة الى أن"وحدات تراقب طرق فرار الارهابيين"، فيما تقصف المدفعية الثقيلة حوالي"63 هدفاً بالتنسيق مع الوحدات المتحركة". في المقابل، أعلن مسؤول في"حزب العمال الكردستاني"أسر عدد من الجنود الأتراك عقب اشتباكات عنيفة داخل الحدود العراقية ليل أول من أمس. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب عبدالرحمن الجادرجي إن"القوات التركية حاولت التسلسل ليل أمس الى إقليم كردستان من منطقة هكاري، وحدثت اشتباكات بين الطرفين، وتمكنا من قتل عدد كبير منهم، وأسرنا عدداً آخر من الجنود الأتراك سنعلن عددهم لاحقاً". جاء ذلك، في حين تجدد القصف المدفعي التركي ليل أول من أمس على قرى قريبة من الحدود العراقية - التركية تتمركز فيها عناصر"حزب العمال الكردستاني". وأوضح مصدر في الجيش العراقي في اقليم كردستان أن"مدفعية الجيش التركي قصفت حوالي منتصف ليل السبت - الاحد قرى مهجورة قريبة من الحدود العراقية - التركية، وألقت حوالي عشر قذائف هناك"."كما جددت المدفعية قصفها في ساعة مبكرة من صباح اليوم عندما استهدفت قرى قريبة من بلدة اميرلي شمال مدينة زاخو 470 كلم شمال بغداد وألقت 15 قذيفة"، مشيراً إلى أن القصف لم يوقع ضحايا. وكانت مدفعية الجيش التركي قصفت في شكل متقطع استمر يومين مطلع الاسبوع الماضي، قرى ينتشر فيها متمردون أكراد، وفقاً لمسؤولين في إقليم كردستان. يذكر أن البرلمان التركي سمح للحكومة الأربعاء الماضي بإرسال قواتها إلى داخل الحدود مع العراق لمطاردة متمردي"حزب العمال الكردستاني". وفي شمال العراق، عقد الزعيمان الكرديان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في منتجع صلاح الدين في محافظة أربيل، أعلن فيه بارزاني"الدفاع عن إقليم كردستان في حال تعرضه في صورة مباشرة إلى أي اعتداء"بعد التهديدات التركية بالتوغل في الاقليم لملاحقة"حزب العمال الكردستاني". وقال:"سندافع عن أنفسنا إزاء أي اعتداء ومن أي كان، ولن نكون طرفاً في مثل هذه الصراعات في إشارة الى التصعيد بين تركيا والمتمردين الأكراد، لكن إذا مسّنا الصراع مباشرة أو مسّ إقليم كردستان فسندافع عن مواطنينا". وأضاف:"إذا اعتمدت تركيا حلاً سلمياً، فسنبذل كل ما لدينا من امكانات لمساعدتها، لكن تحت التهديد من الصعب أن نقوم بأي خطوة". ورفض رئيس إقليم كردستان وصف"حزب العمال الكردستاني"بأنه"منظمة إرهابية"، وقال:"إذا اعتمدت تركيا حلاً سلمياً ورفضته جماعة حزب العمال فسنصفهم بالمنظمة الارهابية... أما الآن فلا"، داعياً كلاً من تركيا ومسلحي"حزب العمال"الى"تجنب الحرب". وأضاف:"إذا وقعت حرب بينهما فلن نكون الى جانب أي أحد منهما". وتمنى"أن تكون هناك علاقة طيبة مع تركيا"، لافتاً الى"أننا لا نستطيع أن نحارب حزب العمال في هذه الجبال الوعرة". وأضاف:"إذا كانوا الأتراك يتصورون أن لدى حزب العمال الكردستاني مقرات في أربيل والسليمانية، فهذا غير صحيح، وليست هناك مقرات". أما طالباني فرفض تسليم عناصر"حزب العمال الكردستاني"إلى تركيا، معتبراً أن هذا الأمر"حلم لا يمكن أن يتحقق". وقال رئيس الجمهورية بعد لقائه رئيس اقليم كردستان لمناقشة الازمة التركية - الكردية إن"قيادات حزب العمال الكردستاني موجودة في جبال كردستان الوعرة، والجيش التركي بجبروته لم يستطع القضاء عليهم أو اعتقالهم، فكيف نستطيع اعتقالهم وتسليمهم الى تركيا؟"، واصفاً ذلك بأنه"حلم لن يتحقق". وأضاف طالباني:"نريد السلام ولا نريد الحرب ونريد حل المشكلات بالطرق السلمية"، متسائلاً:"هل هناك موقف هادئ أكثر من هذا؟". لكنه أضاف متحدثاً باللغة الكردية:"لن نسلم رجلاً كردياً الى تركياً... بل لن نسلم حتى قطة كردية". وتابع أن"لقاءه مع بارزاني كان هدفه السعي لتهدئة الاوضاع ومناشدة حزب العمال الكردستاني التوقف عن الاعمال العسكرية"، مشيراً الى انه سيلتقي الاثنين أو الثلثاء وزير خارجية تركيا علي باباجان"وسأبحث معه في القضية".