ليس من مرجعية واحدة للسؤال عن مؤشر نقيس من خلاله مدى وجود مجتمع مدني في بلدٍ من البلدان، فالمفاهيم والنظريات المرجعية، وإن أضحت عالميةً، كالديموقراطية والمواطنة وأيضاً الصفة المدنية للاجتماع السياسي، تبقى في تشكلها ومسارها مباني تاريخية، أي إنشاءات قيد التكون، وهي بهذا تختلف في دلالاتها ومعانيها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية من مكان إلى آخر، ومن مرحلة إلى أخرى، أي من استخدام إلى آخر. كان هذا شأن مصطلح المجتمع المدني، بل شأن صفة"مدني": - فقد تنسب الصفة إلى سياسةٍ، فيقال"السياسة المدنية"، كما هي حال استخدام فلاسفة العرب لها بتأثير فلاسفة اليونان، عندما تصوروا حكماً مثالياً فاضلاً للمدينة ? الدولة، نابعاً من فضيلة العقل لا من الوازع الديني أو الوازع السلطاني القهري، وكان هذا وجهاً من وجوه الخلاف والاختلاف بين الفلاسفة والفقهاء في فهم كل طرف للمدينة، أي الحاضرة السياسية. - وقد تنسب إلى سلطة، فيقال"سلطة مدنية"مقابل سلطة دينية، سعياً الى الفصل بين السلطتين، الملكية الزمنية والإكليريكية الدينية، وحلاً للنزاعات والحروب الدينية التي انفجرت في المجتمعات الأوروبية، بدءاً من القرن السادس عشر، حيث شكّل اندماج الديني والسياسي بل الاستقاء المتبادل بسلطتيها، سبباً ومسرحاً للحرم والتكفير والحرق، والتصفيات الجماعية بدعوى التمييز الديني، وأحقية دين على دين أو مذهب على مذهب. وكما كانت حال البروتستانتية والكاثوليكية آنذاك، كانت رسالة جون لوك في أواخر القرن السابع عشر والتي حملت عنوان"رسالة في التسامح"مع أصوات ورسائل أخرى ممهدة لها، صيحة ضمير وعقل تقول بضرورة"الفصل بين السلطة الدينية والسلطة المدنية"، لإقامة تمييز بين حيز ما يتعلق بضمير الإنسان ومصير روحه وعلاقته بالله، وبين حيز اجتماعه في الدنيا أي إدارة علاقاته بالناس، وهو شأن السلطة المدنية والقانون. استخدمت صفة المدني لتوصيف سلطة سياسية آخذة في الانفصال عن سلطة الكنيسة ومداخلاتها. ولكن أيضاً مع تأثير أفكار كتّاب عصر الأنوار وفلاسفته في القرن الثامن عشر وتداعياتها وتأثيراتها العملية في غضون القرن التاسع عشر، صار مصطلح"المدني"مصاغاً ومستخدماً مقابل"الديني"خصوصاً في حيز فهم السلطة وأشكال الحكم ومرتبطاً بسياسات وبرامج عمل ومواقف هادفة للوصول إلى أنظمةٍ ديموقراطية تمثيلية للشعب وسيادته، وتأسيساً على فكرتين متداخلتين: الليبرالية والعلمانية. طغت آنذاك فكرة الديموقراطية كمآل ونتيجة على المدني، فكأنها، أي الديموقراطية، أصبحت المحصلة التاريخية للمسار الأساسي الذي اتخذ سكة الفصل والتمييز بين السلطة الدينية والسلطة المدنية، خصوصاً في التجربة البريطانية. في الولاياتالمتحدة، وبالعودة إلى معاينة المفكر والسياسي الفرنسي دو توكفيل لآلية العمل الديموقراطي في المجتمع الأميركي، اتخذ بعض آليات العمل الديموقراطي أشكالاً من الأعمال الجماعية تتسم بالتطوع والمبادرة، وبمعزلٍ عن أي تدخل حكومي من أجل إنجاح مشاريع تخص الحي أو البلدة أو أي تجمع سكاني آخر. ويبدو أن هذا المنطلق، كان في أساس التسمية التي تتشبع بها الأدبيات الأميركية خصوصاً، وهي"المنظمات غير الحكومية"O.N.G، والتي يرى فيها البعض تعريفاً حصرياً لمعنى"المجتمع المدني ومؤسساته". غير أن العودة إلى التاريخ الأوروبي في القرن العشرين، تعطينا فهماً جديداً أيضاً لمفهوم المجتمع المدني ووظائفه وأهداف استخدامه. فمع صعود الأحزاب الشمولية في أوروبا وتسلمها السلطة في دول عدة بعد الحرب العالمية الأولى، ثم سيطرة الأحزاب الستالينية على دول أوروبا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية، سيطرت الدولة/ الحزب أو دولة الحزب الواحد على المجتمع . فكانت تلك السيطرة حال إلحاق كامل للمجتمع بالدولة، سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، أي إلغاء للحد الفاصل بين المجتمع والدولة. ومن أجل مواجهة هذه السيطرة، اتخذت حركية المجتمع المناهض لسيطرة الدولة وحزبها وأجهزتها المتعلقة في المجتمع طريقاً خاصاً للتعبير عن تطلعاتها ومصالحها في المجتمع، وكانت النقابة العمالية أو النقابات، السكة التي تجلّت فيها فعالية مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وكانت حركة ليخ فاليسا مثالاً نموذجياً لفعاليةٍ في التعبير الديموقراطي نسبت إلى المجتمع المدني. ويبدو أنه منذ تسعينات القرن العشرين، إثر سقوط الاتحاد السوفياتي، وانفتاح باب التغيير الديموقراطي العاثر أو الناجح أو المأزوم أو الممتنع بحسب البلدان والمجتمعات شاع مصطلح المجتمع المدني عالمياً، وتعددت استخداماته ووظائفه والمعاني التي يستنبطها كل استخدام. 1 - عربياً: أكثر المثقفون العرب من استخدام هذا المصطلح، منذ مطلع التسعينات، وكثرت المؤتمرات والندوات التي حملت هذا العنوان. بل ان"مركز دراسات الوحدة العربية"عندما نظّم ندوته الكبيرة حول"المجتمع المدني كمدخل للديموقراطية"، في العام 1992، كلّفني بحثاً بعنوان"إشكاليّ المجتمع المدني في التاريخ العربي"وارتأيت آنذاك حلاً لهذا الإشكال المعرفي أن أميز بين مجتمع أهلي ومجتمع مدني، مستخدماً الأول للتعبير عن التشكيلات الاجتماعية القبلية والعشائرية وأصناف الحرف وطرق الصوفية ومذاهب التقليد في الشريعة الإسلامية التي تمثلها طبقات الفقهاء، وكذلك مؤسسة الوقف، ملاحظاً ان كل هذه التشكيلات، لا يزال فاعلاً وحيّاً في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، ومستخدماً الثاني المجتمع المدني للتعبير عن التشكيلات الاجتماعية والثقافية الحديثة الجمعيات الاجتماعية والثقافية والنوادي والنقابات، وكلها كما نعلم نتاج الرأسمالية العالمية وفعل التحديث الغربي الذي اجتاح العالم، بدءاً من القرن التاسع عشر. على أن مؤسسة الوقف تستوقف في جمعها بين ارثها التقليدي الأصلي وبين إمكان تحولها إلى مؤسسة مدنية. فهي جسر رابط بين التقليد والحداثة. أي أنها كمعطى اجتماعي وثقافي ديني، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التنمية، لا سيما في التنمية البشرية وفي إطار مجتمع مدني حديث. الإشارة إلى التجربة التركية الحديثة في استثمار الأوقاف في تنمية المجتمع المدني. على أن هذا الموضوع يحتاج إلى بحثٍ مستقل. 2 - لبنانياً: ومن خلال الهامش الواسع نسبياً الذي أتاحه النظام الديموقراطي اللبناني قبل اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975، ومن خلال انفتاح مجتمعه المتعدد على تيارات الحداثة، شهد لبنان، نشوء قطاعات واسعةٍ من الاجتماع المدني الحديث أحزاب غير طائفية، نقابات، جمعيات، نوادي نشاطات اجتماعية متعددة، إضافة الى انتقال هذه"الحداثة"إلى داخل التشكيلات الإجماعية الأهلية، أي إلى داخل الطوائف والعائلات، فكانت المؤسسات الاجتماعية الخيرية والتعليمية ذات الطابع المؤسسي الطائفي أو المذهبي والعائلي، ولكن أيضاً ذات الدور المدني والإنساني الذي قد يتخطى أحياناً، وبنسب مختلفة، حصرية الطائفة أو المذهب أو العائلة. وفي هذا الحيز المتأرجح بين الدور المدني والطابع الأهلي أي الطائفي والعائلي لهذه المؤسسات، أُثير السؤال، حول مدى اندراج هذه المؤسسات في نسق ما نسميه"مجتمعاً مدنياً"؟ وواقع الحال في لبنان، أن الحد الفاصل بين المدني والأهلي، حدّ غير قاطع، بل متداخل. وعوامل التداخل في العلاقة بين الطرفين معقدة، يتداخل فيها الإثني - الثقافي والديني فتبدو الطوائف، أي الجماعات الدينية، وكأنها ثوابت انتروبولوجية لا تخضع لتغيرات التاريخ وتحوّلاته، بل هي التي تُخضع التاريخ لها لناحية احتوائها تحولاته، كما هو شأنها مع الحداثة. ولكن من جهة أخرى، يتداخل فيها القانوني من خلال الإطار المؤسسي والسلطوي الذي تنتظم فيه أي النظام السياسي للدولة فيتعمق هذا التداخل وتمارس نتائجه كحقوق جماعات. ومن ذلك في لبنان: - قانون الانتخاب ذو القيد الطائفي - وقانون الأحوال الشخصية المنوط بالسلطات الملية للطوائف، وتطلّب التوزيع المتوازن للسلطات والوظائف بين الطوائف في الوزارات والإدارات. لكن، إضافة إلى هذا وذاك، يمكن ملاحظة عامل أكثر حسماً أو أكثر هيمنةً على العوامل الأخرى: الصراع على السلطة بين الطوائف، بأساليب وطرائق وعقليات وذهنيات تتجاوز الخصوصيات الدينية وحدود حقوق الطوائف ومنطق الديموقراطية التوافقية التي شكّلت التعبير عن الروح الميثاقية للدستور اللبناني. تلك الأساليب والطرائق والذهنيات، يختزلها قانون"الاستقواء". الاستقواء بديموغرافية الطائفة وبمصادر أخرى تمدها بالقوة، ومن بينها:"مجالها الحيوي"إذا صح التعبير وبما هو أصل لها أو حليف لها، قومياً كان هذا الأصل أو الحليف، أو دينياً - مذهبياً، أو اقتصادياً أو جيوسياسياً، أو حتى عسكرياً، أو كل هذا معاً، وغالباً ما يكون عليه الأمر ككل. مع هذا الاستقواء، المعرّض دائماً ? في تاريخ لبنان الحديث - للتغير في ميزان القوى بين أطرافه، تصبح الديموقراطية التوافقية، لا آلية سلمية لتداول السلطة، بل ذريعة أيديولوجية وشعاراً تبريرياً لدينامية القوة المتعددة الأبعاد: داخلياً، إقليمياً وعالمياً. ومن هنا الاستشهاد المتعسّف بالفقرة"ي"من مقدمة الدستور:"لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". نشير إلى هذا الجانب، لا للتوسع في موضوعه، إنما لربطه بما آل إليه، وبما يمكن أن يؤول إليه الاجتماع السياسي اللبناني في شقه المدني وشقه الأهلي، في ظل هذا القانون الذي يكاد يصبح قانوناً لبنانياً سائداً: قانون الاستقواء الطائفي، أو بتعبير أوضح، قانون الاستقواء بالطائفة، وهو الحال الذي يعيشه الاجتماع اللبناني اليوم. - على المستوى الأهلي: تجرى عبر الحزب السياسي الغالب في الطائفة الواحدة، أو الحزب الذي يحاول أن يتغلب،"عملية توحيد"للخطاب الأيديولوجي والسياسي والديني ? المذهبي. أما الآليات والفواعل التي تسمح بهذا التوحيد فهي"سيستام"استتباع متكامل لأبناء الطائفة، يقوم سيكولوجياً على"التخويف"من الآخر، ولكن أيضاً يقوم على نظام مؤسسي خدماتي ونفعي ضخم، يبدأ من المدرسة إلى الجامعة، إلى المستوصف، فالمستشفى، إلى المؤسسات الاقتصادية الربحية والمؤسسات الخدماتية، إلى الهيئات والمساعدات الفردية إلى أشكال متفرقة من التفرّغ المأجور في الحزب أو الحركة أو التيار، حيث تتشكّل هيئة ضخمة قادرة على السيطرة على كل زاوية من زوايا المجتمع الأهلي للطائفة، حتى السيطرة السياسية على أحزان الناس ومآتمهم ومقدساتهم وطقوسهم. يقدم"حزب الله"نموذجاً معبراً بوضوح عن هذا المسار، ويبدو أن نموذجه لن يقتصر على الطائفة الشيعية وحدها، أو الحزب الشيعي وحده، فقانون الاستقواء بالطائفة، يكاد يصبح قانوناً عاماً يحتذى. وفي ظل هذا القانون، تصبح الجماعات الأهلية العائلية القديمة والجمعيات الدينية الخيرية الاجتماعية بل حتى المؤسسات الملية شبه الرسمية نقاط ماء أو بركاً صغيرة لا تقوى ولن تقوى على الوقوف في وجه التيار الجارف. بل هي تكيفت معه، غالباً لتصبح جزءاً منه. وفي الحالة الشيعية، نلاحظ أنه حتى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الذي كان يتمتع باستقلال واضح عن الحزبية السياسية الشيعية بسبب ممانعة رئيسه السابق الشيخ محمد مهدي شمس الدين وقيادته الحكيمة، أضحى اليوم إطاراً مؤسسياً ومنبراً لهذه الحزبية. في المقابل، لا نستغرب إذا نحت السنية السياسية المتمثلة بتيار المستقبل هذا المنحى في علاقتها بدار الإفتاء، أو إذا لجأ الجنرال ميشال عون كرئيسٍ لحزب يعتقد بأنه يمثل مع حلفائه المسيحيين الأكثرية المسيحية أو الأكثرية المارونية، إلىلوم البطريركية المارونية على عدم تغطيتها المشروع السياسي الماروني المتحالف مع المشروع السياسي الشيعي. وذريعة اللوم"أن البطريرك يتدخل في السياسة". ترى، هل يبقى اللوم أو النقد قائماً، في حال كان البطريرك مؤيداً لمشروع الجنرال؟ الحزبية تعرقل الاجتماع الأهلي خلاصة القول هنا ان الحزبية الواحدة في الطائفة الواحدة، لا تفسح مجالاً لاجتماع أهلي، أي لجمعيات عائلية أو مؤسسات دينية أو خيرية أو ثقافية، بل لن تسمح لزعامات عائلية بالظهور إلا إذا انتظمت هذه الأخيرة فيها، أي توحّدت معها في مشروعها وفي خطابها. إنه منطق الحزب الواحد في الدولة منقولاً إلى الطائفة. فإذا كان المجتمع الأهلي في هذا المنطق مصادراً، فكيف حال المجتمع المدني مع الحزب الواحد أو الحزب الغالب أو مع الحزب الذي يحاول أن يتغلّب في الطائفة، مستقوياً بوحدتها وبپ"مجالها الحيوي"، على اختلاف تعبيرات هذا الأخير عن موارد قوته ومصادرها لا سيما المالية والعسكرية. - على مستوى الاجتماع المدني: تبدو المفارقة لافتة. فعلى عكس ما يبدو في الظاهر، من أن المجتمع المدني، زائل أو ذائب في الحزبية السياسية الطائفية، شأن المؤسسات الأهلية، فإن مظاهر التعبير عن هذا الاجتماع المدني، تبرز بين الحين والآخر، في أشكال شتى من النشاطات والإبداعات وأنماط من الحياة المتجددة والقادرة على تجاوز الألم والحزن والموت، وآثار الحرب والتحشيد المليوني والقبضات المهدّدة والتحريض المغامر للشباب البريء. - من تلك النشاطات المدنية: النشاط التطوّعي من أجل تنظيف شواطئ لبنان من التلوث الذي أصابها اثر حرب تموز يوليو 2006، والنشاط التطوّعي من أجل إعادة تحريج غابات لبنان التي احترقت، هذا الى جانب أعمال ومهمات من الجمعيات الإنسانية والمؤسسات المدنية التي لا تزال تعمل بحمية، وتقدم الشهداء، كالدفاع المدني والصليب الأحمر ونازعي الألغام التي غرسها العدو الإسرائيلي في أرض لبنان... ولا ننس ما تبقى من منتديات وحركات ثقافية صامدة، ومراكز أبحاث منتجة ومعارض تقام، وحفلات وعروض موسيقية وفنية ورياضية يشارك فيها ويؤمها الآلاف من المواطنين اللبنانيين. وعليه، هل يمكن الحديث عن مجتمع مدني كامن في لبنان ؟ نعم، وإن كانت الهجرة الشبابية تضعفه، والحزبية الطائفية تأخذ منه، بداعي الحاجة والفاقة، أو بسبب الاستلاب من كل نوع. أما مصير الكمون، فمتروك للتاريخ. على أن شرطاً صعباً في هذا التاريخ لا بد منه لكي ينمو مجتمع مدني سليم، أي لكي يخرج من حال الكمون: هو وجود تعددية حزبية ديموقراطية وعلمانية، وقيام دولة تأخذ بالحد الأدنى من الإصلاحات المترابطة وأولها: قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، وزواج مدني اختياري، مع الأخذ في الاعتبار خطة الإصلاحات التي دعت إليها وثيقة الوفاق الوطني الطائف.... وإلا فتاريخ لبنان سيبقى تاريخ حروب أهلية: باردة أحياناً، وساخنة أحياناً أخرى، وستظل الديموغرافيا الطائفية والجوار الإقليمي والمدى الدولي، هي العوامل الممسكة بمصير الناس، بانتظار تحولهم إلى مواطنين أحرار في دولة مدنية ومجتمع مدني. * مؤرخ لبناني، والنص في الأصل محاضرة ألقاها في مقر"المجلس الثقافي للبنان الجنوبي"في بيروت 7/2/2008