شهدت العاصمة الصربية بلغراد أمس، التظاهرة الأكبر في تاريخها تحت شعار "التجمع الاحتجاجي من أجل كوسوفو". وامتدت الحشود المشاركة في التظاهرة على مسافة تقدر بنحو ثلاثة كيلومترات. وأفادت وسائل الإعلام الصربية أن عدد المشاركين في التظاهرة فاق المليون شخص، وضمت المعارضين لانفصال الإقليم من أنحاء صربيا وكوسوفو والبوسنة والجبل الأسود. ورفع المتظاهرون الأعلام الصربية ويافطات كتبوا عليها"كوسوفو لنا ولن نتخلى عنه أبداً"وپ"كوسوفو هو الصرب كلهم"، ولم يُبلغ عن حصول أعمال عنف خلال هذه التظاهرة. وأعلنت للمناسبة، عطلة لكل المدارس والجامعات في أنحاء صربيا، وتبرعت مؤسسات سكك الحديد وشركات الحافلات بنقل الراغبين بالمشاركة في التظاهرة، ذهاباً وإياباً، من أماكنهم في أنحاء صربيا وكوسوفو والبوسنة والجبل الأسود الى بلغراد مجاناً، وأُغلقت كل الطرق في بلغراد ولم يسمح بالحركة فيها لغير عربات المشتركين في التظاهرة. والتقت الحشود في الخامسة بعد الظهر بحسب التوقيت المحلي الأوروبي في الساحة الواسعة أمام البرلمان الصربي الذي يطلق عليه رسمياً البرلمان الشعبي وسط بلغراد حيث ألقى فويسلاف كوشتونيتسا كلمة الحكومة الصربية، ورئيس حكومة صرب البوسنة ميلوراد دوديك كلمة باسم الصرب خارج صربيا، وتوميسلاف نيكوليتش زعيم الراديكاليين كلمة الأحزاب البرلمانية في صربيا، والسينمائي البوسني الشهير أمير كوستوريتسا كلمة الفنانين في مناطق يوغوسلافيا السابقة، ونجم التنس العالمي نوفاك جوكوفيتش كلمة الرياضيين. وبعدها توالت الكلمات باسم الجامعات والأدباء والمنظمات العمالية والمهنية. وغاب عن التظاهرة الرئيس الصربي بوريس تاديتش بسبب ارتباطه بموعد سابق لزيارة رومانيا كما أفاد تلفزيون بلغراد. وبعد انتهاء الكلمات، سارت الجموع يتقدمها كوشتونيتسا ودوديك ونيكوليتش وأعضاء الحكومة والبرلمان في صربيا وصرب البوسنة وقادة الأحزاب وكوستوريتسا وجوكوفيتش ورؤساء الجامعات والاتحادات، لمسافة نحو أربعة كيلومترات باتجاه جنوب القسم القديم من بلغراد حيث كنيسة القديس سافا الشفيع القومي للصرب وهي أكبر كنيسة أرثوذكسية في العالم وبُنيت عام 1985 على أنقاض كنيسة كان دمرها قصف الطائرات الألمانية لبلغراد عام 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، وتمّ البناء الحديث بحسب التصميم الكامل للكنيسة البيزنطية أيا صوفيا في اسطنبول. وتجمعت الحشود في الساحة الواسعة التي يطلق عليها كارجورجه نسبة الى قائد انتفاضتي 1804 و1815 الصربيتين ضد الحكم العثماني والذي قتل بمكيدة تركية، ويتحدر من أحفاده غالبية ملوك صربيا ويوغوسلافيا، ومنهم المطالب بعرش يوغوسلافيا صربيا حالياً الكسندر كارجورجه. واستمع المشاركون في التجمع الى صلوات كهنة الكنيسة الأرثوذكسية الصربية"من أجل بقاء كوسوفو في صربيا". وفي غضون ذلك، توجه مئات الجنود الصرب الاحتياط، مرتدين ملابسهم العسكرية الى المنطقة الحدودية لصربيا مع كوسوفو، وانضم اليهم الآلاف من سكان المنطقة. ولم يوضح تلفزيون بلغراد الذي بثّ الخبر، إذا كانوا فعلوا ذلك بإرادة شخصية أم بطلب رسمي. لكن الوزير الصربي لشؤون كوسوفو سلوبودان سامارجيتش، قال إن"حكومته تنوي بسط سيطرتها على النقاط الحدودية مع كوسوفو، لفرض السلطة المطلقة للسيادة الصربية على الإقليم الانفصالي". وأكد الرئيس الروماني ترايان باسيسكو خلال استقباله الرئيس الصربي بوريس تاديتش في بوخارست أمس، أن رومانيا"لن تعترف باستقلال كوسوفو، لأن إعلانه جرى من جانب واحد ومن دون موافقة مجلس الأمن". ومعلوم أن رومانيا وإسبانيا وقبرص الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أعلنوا قرارهم بعدم الاعتراف باستقلال كوسوفو، بسبب مخاوفهم من النيات الانفصالية لبعض الحركات العرقية الناشطة في بلدانهم. في الوقت ذاته، أعلن تلفزيون بريشتينا، أن إيطاليا واستونيا ولاتفيا انضمت الى الدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو. وزار وزير الدفاع الألماني فرانس جوزيف يونغ كوسوفو أمس، لتفقد قوات بلاده الموجودة في الإقليم والبالغ عددها 2200 جندي، ضمن قوات كفور الدولية. وأعلن رئيس"المجلس القومي لصرب كوسوفو"ميلان ايفانوفيتش، في تصريح للصحافيين في الشطر الشمالي من مدينة ميتروفيتسا الذي يهيمن الصرب عليه، أن صرب الإقليم"لن يسمحوا أبداً برفع العَلَم الألباني عَلَم كوسوفو الجديد على النقاط الحدودية المقامة من دون شرعية مع صربيا، وتمّ إعلام القوات الدولية الموجودة فيها بذلك". وأضاف:"نؤكد، أن آمال الألبان لن تتحقق أبداً، بأننا الصرب سنقبل بوجود رموز استقلالهم في مناطقنا، ولن نقبل بوجود أي ألباني، سواء موظفو الجوازات أو الجمارك في النقاط الحدودية، وإذا سمح لهم جنود كفور من جديد بذلك، فسيجدون آلاف الصرب يدمرون هذه النقاط".